أسئلة كثيرة تنطوي على إجاباتٍ ضائعة لا بل تائهة في أنفاق مخاوف المراهقين. تحديات تواجهها تلك الفئة الشبابية تتعلق بالتفوّق الدراسي، الانتماء الاجتماعي والواجبات العائلية. مصيرٌ مجهولٌ يواجه المراهق ويبقى أسير القلق الدائم فينعكس سلبًا على ثقته بنفسه واستقراره المعنوي وشعوره بالطمأنينة. هي مجموعة عوامل تتداخل فيما بينها، فترفع من حجم المخاوف التي تصيب فترة المراهقة وتحمل في طياتها جدلًا عميقًا حول ما قد تخلّفه من عواقب وخمية تقف حاجزًا أمام خطوات الشباب نحو درب المستقبل القريب. تغيرات جسدية ووظائف جنسية في هذا الإطار، ترصد لك "حياتك" بعض المخاوف التي تنتاب المراهقين لتسليط الضوء عليها ومحاولة معالجتها بالطرق السليمة. تلعب التغيرات الجسدية دورًا أساسيًا في زيادة عامل الخوف، حيث يُصاب المراهق بتحوّلات تقلقه وتطرح علامات استفهام حول مدى تقبل الآخر لها، إذ تكتسب المعايير الشكلية أهمية كبرى في عملية التقييم الذاتي. فيتعرّض المراهق في تلك الفترة إلى مشاكل جمالية تحدّ من ثقته بنفسه، كظهور البثور على البشرة أو تركيب جسور الأسنان المعدنية. تترافق التبدلات الجسدية مع مخاوف ترتبط بالوظائف الجنسية، خصوصًا أن وسائل الإعلام وتطور ثورة الاتصالات باتت مكشوفة على كل المواضيع وعلى رأسها الترويج الجنسي، ورغم ذلك لم تغب المخاوف عن المراهقين لأنهم لا يحصلون على أجوبة واضحة وعلمية. غالبًا ما ترتبط مرحلة المراهقة بالمسئولية، حيث يُفترض من المراهق مغادرة مسرح الطفولة متوجهًا نحو مرحلة جديدة قوامها تحمّل الضغوطات والاستحقاقات التي تغيّر نظام حياته وتشكل نقطة البداية نحو حياة مغمورة بالمتطلبات تحاكي قدراته ومهاراته الجسدية والفكرية. حماية مفرطة ومتطلبات جديدة إذا كان المراهق قد عايش منذ صغره حماية مفرطة من قبل أهله، سيعاني حتمًا عند بلوغه مرحلة المراهقة صعوبة في اكتساب ثقته بنفسه واعتماده على ذاته، إضافة إلى مشقة الاستقلالية الفكرية والعاطفية وتردّد في اتخاذ المبادرات والقرارات الصعبة. كلّ هذه الأمور تمدّه بالخوف الشديد من تولي زمام الأمور في حياته ما يضعف شخصيته ومكانته في المجتمع. تفرض الضغوطات المدرسية متطلبات جديدة ترتكز على العلاقات السليمة مع الأصدقاء، التفكير بمهنة المستقبل، تطوير القدرات الذهية والسلوك الاجتماعي ناهيك عن محاولة إنجاز الاستقلالية العاطفية. تعتبر قدرة المراهق على الانخراط في مجموعة من الأصدقاء مؤشرًا جيدًا لمدى تكيفه النفسي والاجتماعي مع محيطه، شرط ألا ينجرف خلف العادات السيئة، خصوصًا أن الاعتزاز بالانتماء إلى مجموعة ما يساعده في تخطي مشاكله النفسية كالانطواء والشعور بالفراغ وغياب الأهل. يتّسم بعض المراهقين بالخجل ما يجعلهم غير قادرين على تخطي بعض المواقف الاجتماعية كالتحرش الجنسي أو العنف الأسري، الأمر الذي يتطلب متابعة من قبل الأهل والجسم التعليمي، من خلال إفساح المجال أمامهم للحوار والمناقشة وتبادل الآراء، والسماح لهم بعرض وجهات نظرهم وعدم التصدي لها. أسير العادات في مجتمعنا العربي، لا يخفى على أحد أن كل منا قد نشأ في بيئة مختلفة تحكمها عادات وتقاليد خاصة لا يمكن التفلت منها. ففي تلك المرحلة الحساسة، يعيش المراهق حالات تنافر بين الرغبة بالتطور والانفتاح والواقع الذي تربى على تقاليده. ورغم أنه يحاول مرارًا الظهور بمظهر المنفتح المتعلم المتقبل لأي شيء، إلا إن الطبع لا يمكن إلا إن يغلب التطبع، فيضطر إلى استشارة العادات والتقاليد، بحيث تصبح الأداة الأساسية التي تسيّر علاقاتهم الاجتماعية والعاطفية. تبقى هذه العادات والتقاليد من أكثر المعضلات التي تقف في درب الشباب بسبب التربية الخاطئة وتعيق تقدمه في شتى مجالات حياته. عددٌ لا يستهان به من المراهقين يقفون عاجزين عن تخطي المخاوف التي تعترض طريقهم فيعمدون نحو الهروب من واقعهم، جراء فشل ما اعترض مسيرتهم، لذلك عليهم أن يتذكروا أن النجاح الحقيقي لا يتمّ من دون فشل ما. خوفٌ من المجهول من جهة أخرى، على بعض المراهقين التنبّه من: أن تخليهم عن مسئولية قراراتهم وتصرفاتهم سيفقدهم على المدى البعيد حريتهم الشخصية وثقتهم بنفسهم. غالبًا ما تفرض الأوضاع الأسرية الاستثنائية أي المبنية على الطلاق والمشاكل الزوجية على بعض المراهقين مسؤوليات إضافية كتأمين مصروفهم وأقساط مدارسهم. هذا الواقع دفع بالبعض إلى الانحراف نحو العادات السيئة فيما شكل حافزًا لدى البعض الآخر للنضج المبكر والشعور بالمسئولية. في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية والتي تلقى بظلالها على مجتمعنا العربي، أضحت الأمور الحياتية تتمحور حول القضايا المالية، الأمر الذي دفع ببعض الأهالي إلى تشجيع أولادهم على العمل وتحمّل جزء من العبء المادي. إذًا، قد ينتاب المراهق خوف من المجهول. خوفٌ يترجم غالبًا ببعض الأسئلة التي تدور في حلقة مفرغة يجب أن تترافق مع إصغاء من قبل الأهل والمعنيين لتحديد سلوكيات المراهق وتحضيره نحو سنوات الرشد كي يتمكّن من تحمّل المسؤوليات والأهداف المستقبلية.