مما لا شك فيه أن ظهور جماعات الإسلام السياسي في مصر وسائر بلاد المنطقة العربية والإسلامية، كان نتيجة مباشرة لحالة من التخلف الحضاري العام والشامل- سادت هذه البلاد- بالإضافة إلى المناخ العام والبيئة الطبيعية، حتى تحولت هذه الجماعات “,”الجهادية - التكفيرية“,” إلى فصل من فصول تاريخ المنطقة!. ومشكلة الخلط بين الدين والسياسة في فكر هذه الجماعات هو أخطر توجهاتها: فالسياسة جزء من الحياة المادية للإنسان، ومن هذا المنطلق وفي تقدير هذه الجماعات فإن السياسة تدخل في معنى ومفهوم الدين وتطبيقاته، وتسري على السياسة كل أحكام الدين المقدسة وثوابته المطلقة، ولذلك شاع في فكر “,”جماعة الإخوان“,” مصطلحات منها: “,”الدين هو دين ودولة“,” و “,”المصحف والسيف“,” دون التفكر والتدبر بأن الحياة وأحوالها بطبيعتها متغيرة، وأن الإنسان والمجتمع وكافة العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية دومًا في حالة تغير وتبدل مستمرين، على الرغم من أن أئمة الإسلام “,”المستنيرين“,” في عهود سابقة دعوا إلى التمييز والتفرقة- بكل وعي- بين الدين وقداسته وثوابته ومنطلقاته الإيمانية، وبين السياسة بطبيعتها المتغيرة وأهدافها ومناوراتها، وبالتالي ليست لها علاقة بالثوابت الدينية، وهذا الفكر هو نتيجة للتفسير المنحرف لبعض النصوص المختارة والمنتقاة من القرآن والسنة النبوية، وإخراجها عن سياقها التاريخي والواقعي الصحيح المعتمد لدى أهل السنة وإجماعهم، وبالتالي اعتبرت هذه الجماعات “,”الجهادية – التكفيرية“,” كل رافض لإقامة الدولة الإسلامية “,”كافرًا“,” مع ضرورة إسقاط الأنظمة الكافرة!. ومنذ بدايات الثمانينيات، تصَدَّرت “,”الجماعة الإسلامية“,”- بزعامة الشيخ عمر عبد الرحمن الذي هاجر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية (وأصبح قيد السجن)- نشاط جماعات الإسلام السياسي في مصر، وتمحور فكر الشيخ وجماعته على أساس أن “,”المجتمع والشعب من الكافرين يعيشون مرحلة جاهلية“,”، وأنه يجب “,”قتال هؤلاء الكفار لإزالة الفتنة وسحق الشرك“,”، وأفتى الشيخ عمر بوجوب الجهاد واستخدام القوة في تغيير المنكر سواء بالنسبة للأفراد أو ضرب السياحة أو بالهجوم على مراكز الشرطة والجيش!. وانصهرت جماعات الإسلام السياسي في توجه فكري واحد: “,”تكفير الإنسان المسلم والمجتمع المسلم طالما كان غير منضم فعليًّا ومنفذًا لتعاليم الجماعة“,”، والأدهى أن أتباع الجماعات الأخرى بوصفهم كفارًا، مما يعكس نوعًا من “,”الفاشية الدينية“,” التي تحكم فكر هذه الجماعات على اختلاف فصائلها ومسمياتها!، والمتخصصون في حركات الإسلام السياسي لا يرون تغايرًا أو اختلافًا بين “,”جماعة الإخوان“,” وجماعات الإسلام السياسي الأخرى، وربما يكون الخلاف حول مجال تطبيق المبدأ وليس المبدأ ذاته، فعلى سبيل المثال، الاختلاف حول مسألة “,”التكفير“,” و“,”الحاكمية“,” وغيرهما.. هي اختلافات هامشية فقط، وغاية ما في الأمر أنه “,”واضح ومعلن“,” في خطاب جماعات الإسلام السياسي.. “,”كامن وخفي“,” في خطاب جماعة الإخوان!.