تبدأ يوم الثلاثاء المقبل بمقر الاممالمتحدة بولاية نيويوركالأمريكية فعاليات قمة المناخ بمشاركة لفيف من قادة وزعماء العالم ورؤساء الحكومات، وممثلى اوساط المال والأعمال والمجتمع المدني، بهدف حشد الإرادة السياسية للتوصل إلى اتفاق قانونى عالمى طموح بشأن المناخ بحلول عام 2015، وتحفيز العمل الوطنى لتخفيض الانبعاثات الحرارية وتعزيز مجابهة آثار تغير المناخ، وستوفر القمة باستخدام أدوات الاتصال الحديثة والربط الشبكى توعية مستفيضة لتعريف العالم بأهمية انعقادها، وضمان وصول مناقشاتها ونتائجها إلى ما وراء جدران الأممالمتحدة. وتتطلع مصادر القمة أن تفتح اجتماعاتها الفرصة أمام قادة العالم للإعلان عن إجراءات ومبادرات جديدة وجريئة لمواجهة التغيرات المناخية والإعلان عن برامج أكثر طموحا تساعد في تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة، واتخاذ إجراءات جديدة لتمويل المناخ، مبادرات عديدة يمكن تنفيذها وتساهم في خفض متوسط درجة الحرارة العالمية بمقدار نصف درجة مئوية، ومن بينها مبادرات لتخفيض ملوثات الكربون قصيرة العمر والكربون الأسود، الحد من إزالة الغابات، وزيادة تمويل القطاعين العام والخاص لصالح زيادة القدرة على مجابهة آثار تغير المناخ، تلك المبادرات تأمل القمة أن تكون متعددة الاطراف وفى إطار شراكات ملموسة، والتزامات تنهض بالعمل الواقعى بدرجة كبيرة. وعلى العالم اليوم أن يتوقف بجدية ازاء مخاطر حقيقية محدقة قد تصل به إلى نتائج كارثية تهدد مستقبل الارض مالم تتولى الحكومات والمنظمات والشركات الكبرى المسئولية وتعمل وفق رؤية إستراتيجية منسقة وتضع حلولا ومعالجات لمشكلة التغير المناخى ضمن أطر زمنية تستهدف التقليل من تأثير السحابة الكونية السامة التي تحيط بكوكب الارض وتهدد مصيره. ويتضمن جدول أعمال القمة جلسات عامة يطرح فيها رؤساء الدول والحكومات بيانات تطلعية عن إجراءات وطنية طموحة أسفرت عنها الجهود المحلية وكذلك الخطط المستقبلية، إضافة إلى عقد دورات تتيح تقاسم الممارسات والسياسات المبتكرة بشأن المناخ وتدور حول المبرر الاقتصادي للعمل، والفوائد المشتركة للعمل المناخي، والعلم، والابتكار، وأنماط العيش المستدامة، وسبل كسب العيش. وعلى الجميع في هذا المحفل الدولى أن يتوقفوا امام العديد من الحقائق من أبرزها أن درجة حرارة الحرارة على سطح الارض سوف ترتفع خلال القرن الحالي، وأن الصين والولايات المتحدة تنفثان 35% من إجمالي الانبعاثات الغازية على مستوى العالم في الوقت الحالي وأن التغير المناخى المعبر عنه بظاهرة الاحتباس الحراري هو حصيلة الانبعاثات المتراكمة على مدى العقود الماضية وان الدول الغربية مسئولة عن الجزء الأكبر، كما يجب عدم التغاضى عن الأسباب الاخرى المتعلقة بالظواهر الطبيعية وأن هناك حاجة ملحة لتقليل نسبة الانبعاثات الكربونية بنسبة 50% حتى عام 2050، ضمن جدول زمنى يتواكب مع إجراءات مساندة مثل دعم الطاقة المتجددة والنظيفة وتوسيع مساحات الغطاء النباتي. التحديات المطروحة على الساحة الدولية فيما يخص المناخ تستوجب معالجات حقيقية لا تقبل المساومات ولا انصاف الحلول لأن طرف التحدي الاخر وهو (الاحتباس الحراري ) لا يتعامل بإنسانية وليس لديه مايقدمه، بل ينتظر مزيدا من الفعل الجريء للمنظومة الإنسانية لتصحيح معادلة الصراع بين البيئة والإنسان لتأخذ منحى تصالحيا يتيح للعالم امكانية التنفس برئة أكثر نقاء. وقبل عقدين من الزمان لم تكن التغيرات المناخية تشكل تهديدا مباشرا للمجتمع الانسانى على الرغم من التحذيرات المبكرة التي صدرت من جهات متخصصة في مجال البيئة، والتي بينت المخاطر الناجمة عن الاستخدام المفرط لمصادر الطاقة والفعاليات الاستثمارية للنشاط الصناعي على مستوى العالم والتي أدت إلى الانبعاث المستمر للغازات المرئية وغير المرئية وخاصة ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان والذي أفضى إلى مايعرف علميا (بظاهرة الاحتباس الحرارى). وتاريخيا بدأت المشكلة منذ عقود كثيرة عندما كانت أوربا العنوان الأبرز والوحيد في مجال الصناعة ولم يكن حجم الانبعاثات الغازية التي تخلفها المشروعات الصناعية وقتذاك تظهر بالشكل الذي تطال تأثيراته المناخ العالمي، إلا إنه ومع التراكمات الهائلة المنبعثة لغاز ثانى أكسيد الكربون وظهور قوى جديدة في ميدان الإنتاج مثل الصين والهند، تحولت التكهنات إلى حقائق ملموسة والجدل المثار حول جدية المخاوف بين علماء البيئة والمنظمات ذات الصلة من جهة والحكومات والشركات الاقتصادية التي ترى العالم بعين واحدة ولا تعبأ بالعواقب الناجمة عن سياساتها وتأثيرها على صحة الإنسان من جهة أخرى. وبحسب رأي العلماء فان 95 في المائة من أسباب التغيرات المناخية سببها النشاطات الإنسانية غير المسئولة والتي أسفرت عن تلويث الغلاف الجوي بملايين الاطنان من الغازات السامة التي تنفثها مصانع الشركات ومخلفات النشاط البشري الاخرى في مختلف أنحاء لارض، فتمتص الحرارة وتتسبب في ارتفاع درجة حرارة الارض بمستويات لم تكن معهوده من قبل. ويأمل علماء البيئة الا يكون مصير قمة نيويورك للمناخ التي دعا اليها الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون كمصير قمم المناخ السابقة والتي ناقشت موضوع الانبعاثات الحرارية ومدى تأثيرها على كوكب الارض والوقوف على أفضل السبل للتقليل من حجم المخاطر المترتبة على الأداء العشوائي لنشاط الإنسان، وتم الاتفاق على سلسلة من الإجراءات التي تفضي إلى إعادة صياغة العلاقة بين البيئة والإنسان على نحو يحقق التوازن بين متطلبات النشاط الإنساني والمحافظة على بيئة أكثر نقاء. ونقضت الدول الكبرى تعهداتها فيما كان الاستخدام العبثى للموارد المتاحة يضع مزيدا من العقبات أمام حلول حقيقية لمشكلة عالمية آخذة بالتفاقم ولم تتعامل بجدية في معالجة قضية المناخ أو مساعدة الدول النامية على تجاوز أزمة التغير المناخى الذي لم تكن سببا فيه من خلال تخصيص المبالغ اللازمة لدرء خطر يتهددها في ظل امكانيات مادية وتقنية محدودة.