سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المهربون والأكراد يعاونون اليزيديين على الفرار من العراق لتركيا.. الأهالي يدفعون الغالي والنفيس للهروب من جحيم "داعش".. والسلطات المحلية تتوسع في إنشاء المخيمات على الحدود التركية
أمسك الخوف بتلابيب سورة المرأة اليزيدية ذات الستة والخمسين عاما خشية أن تقع في أيدي الجنود الأتراك وهي تتقدم تحت جنح الظلام مع أولادها وأحفادها عبر المنطقة الحدودية الجبلية في شمال العراق فرارا من هجوم المتشددين الإسلاميين. كانت المرأة وأسرتها من بين عشرات الآلاف من اليزيديين الذين نزحوا أمام تقدم مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في شمال العراق، وقد دفعت هي والأسرة 500 دولار لرجل عراقي له أقارب في تركيا قال: إن بوسعه تسهيل عبورهم الحدود إلى الأمان دون جوازات سفر أو تأشيرات. وقالت سورة وهي تحتمي من الشمس تحت خيمة مؤقتة في مخيم للاجئين بمدينة سيلوبي التركية على مسافة مرمى حجر من الحدود "لو كانوا أمسكوا بنا وحاولوا إعادتنا للعراق لقتلت نفسي"، وأضافت "العراق انتهى بالنسبة لنا العودة مستحيلة". وفر اليزيديون من أمثال سورة الذين يعتنقون ديانة قديمة ترجع أصولها إلى الزرادشتية من موطنهم في جبال سنجار مع استيلاء المقاتلين الإسلاميين على بلداتهم وإعدام عدد كبير منهم الشهر الماضي، ويعتبر المتشددون اليزيديين من عبدة الشيطان. وتدفق الآلاف على مدن حدودية عراقية مثل زاخو ودهوك وأقاموا في أفنية المدارس وساحات الكنائس والمباني المهجورة وغير المكتملة على ما تيسر لهم من طعام ومياه، لا يذكر في درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية. ويقول مسئولو البلدية المحليون الذين يديرون مخيما في سيلوبي، إن 1500 شخص يعيشون في المخيم ويجري العمل على إنشاء مخيم جديد يسع 5000 شخص لاستيعاب القادمين الجدد. ويقول المسئولون عن المخيم: إن 100 شخص على الأقل يصلون من العراق كل يوم مثل سورة ويتولى بعض السكان المحليين تهريبهم عبر الحدود لقاء مبالغ قد تصل إلى ألف دولار للأسرة الواحدة. وقال سائق سيارة: فإن كردي اسمه كودي قد يبدو هذا لك عملا لقاء أجر لكنه في الواقع عمل خيري، وأضاف أنه يقوم بنقل اليزيديين من العراق بانتظام. وأضاف ليس لديهم تأشيرة أو جواز سفر، ويعيشون في ظروف بشعة في العراق، فهل يجب علي أن أتجاهلهم. وامتنع عن ذكر اسمه بالكامل نظرا لأنه يخالف القانون. وقد أكدت تركيا التي تأوي الآن ما يربو على مليون لاجيء من الحرب في سوريا أنها ستحافظ على "سياسة الباب المفتوح" للفارين من العنف رغم أن مسئولي الجمارك في معبر خابور الحدودي الرئيسي مع العراق لا يسمحون سوى بمرور من يحملون جوازات سفر. * دور المتشددين الأكراد: وينتمي اليزيديون من الناحية العرقية للأقلية الكردية في العراق وقد عبر بعضهم الحدود إلى تركيا في حماية حزب العمال الكردستاني الذي خاض حربا مع الدولة التركية على مدى 30 عاما تقريبا وتعتبره أنقره والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جماعة إرهابية. وهب مقاتلو حزب العمال لمساعدة قوات البشمركة الكردية لصد تقدم مقاتلي الدولة الإسلامية ولعبوا دورا حاسما في الحد من اجتياحهم لشمال العراق، وقال ميرزا 22 عاما اللاجيء اليزيدي الذي وصل إلى تركيا في حماية حزب العمال ويعيش الآن في مخيم سيلوبي الذي يديره مسئولون محليون من حزب الشعب الديمقراطي المؤيد للأكراد "الحمد لله على حزب العمال". وأضاف نقلونا عبر الحدود وأنقذونا من داعش مستخدما الأسم الذي أطلق اختصارا على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام قبل أن يتغير اسمه إلى الدولة الإسلامية، وعندما انسحب البشمركة وتركوا مدن اليزيديين بلا دفاعات أمام مقاتلي الدولة الإسلامية المتقدمين قال لاجئون: إن حزب العمال ووحدات الدفاع الشعبي التابعة له هي التي هبت لنجدتهم. وقال فواز 22 عاما اللاجيء اليزيدي وهو جالس في خيمة ذات أرضية متربة في زاخو على الجانب العراقي من الحدود لولا حزب العمال لما كنت هنا، ولست أنا وحدي فلولا أنهم أنقذونا لما كان عشرات بل مئات منا على قيد الحياة. وحكى كيف أنه اختبأ تحت جثث لأكثر من ساعة خلال هجوم للدولة الإسلامية قبل وصول مقاتلي حزب العمال ووحدات الدفاع الشعبي. * مخيمات اللاجئين: فقد فواز كل أفراد عائلته المباشرة في أحداث العنف، وأصبح ينام ويأكل على سجادة مهترئة في مخيم يديره رجل أعمال كردي، ويأمل فواز أن يصل إلى تركيا التي سمع أن أحوال اللاجئين فيها أفضل كثيرا، وهو على حق في ذلك. ففي مخيم سيلوبي يتوفر الغذاء والماء وبعض مساكنه مبان خرسانية من طابقين تحمي اللاجئين من قيظ الصيف. ويقول سكان محليون: إن أعضاء في حزب العمال مسئولون عن أمن المخيم إلى جانب تأمين تزويده بالمرافق الأساسية مثل المياه، ورفض المسئولون في المخيم إجراء مقابلات معهم، وتقوم السلطات المحلية ببناء مخيم آخر في موقع قريب يسع 5000 شخص ويتوقعون أن يكون جاهزا لاستقبال اللاجئين خلال الأيام القليلة المقبلة. وقالت المهندسة سيدة أوربر التي تعمل بالبلدية "سننقل آلاف الناس من أولودير إلى هنا" مشيرة إلى بلدة حدودية ذات أغلبية كردية عبر منها عدد كبير من اليزيديين. وفي مدينة مديات التي تعيش فيها أغلبية مسيحية على مسافة 120 كيلومترا إلى الغرب والتي لجأ إليها عدد كبير من السوريين تأوي وكالة إدارة الأزمات التركية أفاد نحو 1500 يزيدي في أحد مخيماتها. وتعمل الوكالة أيضا في شمال العراق على إنشاء مخيمين منفصلين لليزيديين والتركمان ثالث أكبر الجماعات العرقية في العراق بعد العرب والأكراد والذين تربطهم صلات ثقافية ولغوية بتركيا.