سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الناقد خالد الصاوي: أكثر أدباء الأقاليم انعزل وتطرف فكريًا.. لابد من تفتيت جماعات المصالح لأنها "الآفة" الحقيقية.. الرحيل للقاهرة يعطي فرصة للظلاميين للسيطرة على المناطق المطحونة
انطلق الشاعر والناقد خالد محمد محمد حسين، وشهرته خالد محمد الصاوي من نادي أدب بني سويف هو وجيل المؤسسين للنادي، حيث بدأ شاعرا لكن ميوله اتجهت للنقد الأدبي بعد ذلك. فبدأ يكتب عن الشعراء والأدباء وعن تجاربهم وخاصة أدباء الأقليم الذين لم يحظوا باهتمام النقاد الكبار، وتبنى مشروعا تنويريا يهدف لدحض الأفكار الظلامية التي تنتشر كانتشار النار في أجران القش، وتجول لمناقشة أدباء الأقاليم حول أعمالهم وكان له لقاءات بمبدعي السويس. شارك الصاوي ببحث في المؤتمر الثاني للغة العامية المصرية، وشارك في مناقشات بمعرض الكتاب وكانت أيضا عن مبدعي الأقاليم، وكذلك شارك في مناقشة أعمال بعض مبدعي المحلة ودمنهور، كما شارك ببحثين في مؤتمر ينظمه اتحاد الكتاب فرع المنيا بالاشتراك مع جامعة المنيا، وكان أمينا عاما لمؤتمر اليوم الواحد عام 2011 ببني سويف، وهو الآن عضو منتحب بمؤتمر عام أدباء مصر. كما صدر للصاوي كتاب بعنوان ( قراءات تطبيقية لشعراء العامية المصرية المعاصرين )، وفي مجال التنوير صدر له كتاب عن حزب التجمع عام 2008 بعنوان حول الإسلام والتأسلم ومشروعنا النهضوي، وتحت الطبع الآن (الزوبعة) (جمهورية الإخوان في بني سويف) (التكتيك والإستراتيجية في نجاح البعثة المحمدية)، كما أن له ديوانين من الشعر لا يفكر في نشرهما لأن سطوة النقد الأدبي أكثر تأثيرا عليه من الشعر. "البوابة نيوز"، التقت الشاعر والناقد خالد الصاوي في إطار سلسلة حواراتها اليومية مع أدباء ومبدعي الأقاليم للتعرف على مشاكلهم وطموحاتهم وآمالهم والمعوقات التي تقابلهم.. - هل تعتقد أن المبدع يمكنه أن يحقق النجاح في محافظته النائية أو بلدته الصغيرة دون أن يكون ذلك مرتبطا بوجوده في العاصمة؟ وما هي المقومات لذلك؟ المبدع الحقيقي يمكنه التحقق ولو كان في قرية صغيرة، المهم أن يتواصل مع المجلات الثقافية، ويحاول حضور الندوات والمؤتمرات، ويعمق علاقته بالمركز، وهذا للأسف لأن المركز هو المنفذ الحقيقي لكي يتحقق ولكن هناك بديل آخر هو أن يعمق علاقته بمبدعي الأقاليم ويتواصل معهم، لأنهم الأكثر عددا والأفضل إبداعا، وهمهم واحد. - ما هي أهم المعوقات التي تجدها في المسيرة الإبداعية للكتاب الذين يرفضون نداهة القاهرة ويفرضون أنفسهم على النخبة الثقافية من بلدانهم؟ للأسف الواقع الثقافي المصري مقسم لشلل وجماعات مصالح، فهناك مجموعات تسيطر داخل الهيئة العامة للكتاب وهناك مجموعات تسيطر داحل المجلس الأعلى للثقافة ومجموعات تسيطر داخل هيئة قصور الثقافة...إلخ، وهذه المجموعات لا تسمح لأحد بأن يخترقها وهي مسيطرة منذ عقود في أماكنها، وهنا يظل مبدع وكاتب الأقاليم بعيدا عن الدوائر الحقيقية للتواصل والطباعة وغيرها، ولكن مع ذلك سنجد مبدعين قد فرضوا أنفسهم فرضا ولكن ذلك تطلب منهم مجهودا كبيرا وأيضا نفقات للتنقل والسفر مجهدة في ظل ظروفهم الاجتماعية الصعبة ومنهم على سبيل المثال الراحل الروائي قاسم مسعد عليوة والشاعر محمد فريد أبو سعدة. - هل ترى أن وسائل التواصل الاجتماعي قد جعلت من مصر والعالم العربي قرية صغيرة سهلت من التواصل مع النخبة والمجتمع وسهلت مهمة أدباء الأقاليم؟ التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت سهلت للمجتمعات كلها بكافة أنشطتها التواصل، واستثمر المبدعون هذه الإمكانات لمزيد من التواصل مع بعضهم البعض بل وكونوا جماعات أدبية على مواقع التواصل، ولكن هذا سلاح ذو حدين الأول أنه يسهل التواصل والاحتكاك وتناقل الخبرات والثاني أنه يكون تعويضا نفسيا للمبدع عن حضور المؤتمرات والندوات وطباعة الأعمال ويجعله حاضرا داخل العالم الافتراضي فقط، وغائبا عن الواقع، أما القارئ فهو نفس قارئ الكتاب يميل الآن إلى الإيجاز والسهولة وهذا جعل الكثيرون يتركون الكتاب والقراءة ويعتمدون على ماينشر على صفحات التواصل الاجتماعي ولكنها في نهاية الأمر لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تبني ثقافة حقيقية قد تبني معرفة فقط. - هل صادفت أدباء تم دفن موهبتهم بسبب عدم قدرتهم على التواصل مع أدباء العاصمة؟ هم كثر ومنهم من أصابته أمراض نفسية وانعزل عن الحياة، ومنهم من سخط على الواقع وتطرف فكريا واحتضنته جماعات التأسلم السياسي. - ما هي وجهة نظرك في المنتج الأدبي؟ وقائمة البست سيلر؟ ووجود جماعات المصالح؟ المنتج الأدبي في مصر صورة من الواقع تماما فمنه الجيد والإبداع الحقيقي ومنه من هو في طريق الإبداع ومنه المدعي الذي لايمكن أن يقدم شيئا إلا وهما زائفا سرعان ما يزول، أما البست سيلر أو صناعة النجوم في الإبداع فهذا وهم كبير غرضه التعامل بآليات السوق وقد يحقق أرباحا عالية ولكن سرعان ما يزول اسم النجم المصنوع من عقول الناس فالمواهب الحقيقية لا تحتاج لمروجين وخاصة في واقع تنتشر فيه الأمية والجهل الثقافي والخرافة، فالمبدع الحقيقي يظل محفورا عند النخبة الثقافية، ونأمل أن يتقدم العقل المصري والذائقة المصرية لتحاول النخب توصيل كل ما هو جيد للجمهور. جماعات المصالح هي الآفة الحقيقية التي تعوق الحركة الثقافية، ولابد من تفتيتها والاعتماد على الكفاءة والرؤى التخيلية الجديدة حتى ننهض بمجتمعاتنا من عفن التخلف. - هل وجود شخصيات أدبية تتصدر المشهد في الاقاليم؟ ساهمت في ازدهار الحركة ام أن تلك الوجوه تحافظ على مكانتها ومصالحها؟ هذه آفة تنتقل من المركز للأقاليم وإن كنا في بني سويف نحاول أن نعمل بشكل جماعي لتحطيم فكرة الشخصية الواحدة ونحاول جميعا تعريف النخبة بكل ما هو جيد في إقليمنا، ففكرة السيطرة يجب أن تندحر مع عصور الظلام، لأنها متوارصة من فكرة شيخ القبيلة وأمير الجماعة. بعض من تصدروا المشهد الأدبي في المحافظات كان نكبة على تطور الحركة الأدبية لأنهم سعوا لتحطيم كل ما هو جيد حتى لا يسحب البساط من تحتهم، فشكلوا عائقا حقيقيا للتطور، والبعض الآخر وهو الأكثر وعيا والذي يؤمن بالروح الجماعية أفاد مجتمعه بأن اكتشف المواهب وقدمها عن نفسه وللعلم ذلك جعله يتصدر المشهد طواعية من حب مبدعي الإقليم. - ما هو تقييمك للمنتج الأدبي ومشروع النشر الأقليمي الذي تقوم به قصور الثقافة؟ المنتج يتراوح ما بين جيد وما بين لايليق بالنشر ولكن مشروع النشر الإقليمي هو نوع من فتات ميزانية وزارة الثقافة للمبدعين في الأقاليم ويحتاج تطويرا سواء في اختيار النصوص المنشورة أو متابعتها بعد النشر والترويج لها بدلا من أن تأكلها فئران مخازن الهيئة. - هل تعد نوادي الأدب إضافة للحركة أم عائقًا يقف أمامها؟ هي السبيل الوحيد أمام مبدعي الأقاليم ويتوقف دورها بين الإضافة وكونها عائقا على الإدارة فإن تعاملوا بمنطق الموظفين فسوف تشكل أكبر عائق وإن تركوا المبدعين بحريتهم وتعاونوا معهم ستكون إضافة، ولكن العقلية المسيطرة للأسف هي عقلية الموظف الذي يريد أن يسجل أوراقا دون إبراز واهتمام بالمنتج الحقيقي. - مؤتمر أدباء مصر. هل أنت مع استمراره ام انتهاء دوره ولماذا؟ مع استمراره لأنه أحد منافذ اللقاءات والتواصل بين أدباء الأقاليم لكن يجب أن يتم تطوير لائحته لتتناسب مع الواقع الثقافي الذي نأمله وأيضا لابد من انفتاحه على المبدعين والنقاد العرب ليتم التواصل والاحتكاك بيننا وبينهم وأعتقد أننا نسعى في مؤتمر هذا للبداية في هذا التواصل. - الميديا عنصر ترويج للأصلح أم تلميع لأنصاف الموهبين؟ - لا يلجأ للميديا دائما إلا أنصاف المواهب، والميديا نفسها تعتمد على معدي برامج غير متخصصين فينبهرون بأنصاف المواهب والمسطحين. أين أنت من مشاكل الإقليم الذي تنتمي إليه في منتجك الأدبي؟ يدور منتجي الأدبي حول مشكلات الإقليم سواء على المستوى الفكري أو الإبداعي ونحاول قدر ما يتوفر لنا من ظروف للتنقل داخل المراكز ونتمنى أن يتفاعل معنا المسئولون لنصل إلى كل قرية محاولين نقلها نقلة نوعية على مستوى التنوير والتفكير وأيضا لاكتشاف المواهب. - لو عادت بك الأيام هل ستظل في إقليمك أم ستشد الرحال للقاهرة؟ لم أفكر مطلقا للرحيل إلى القاهرة حتى لا نترك الساحة أمام الظلاميين والمثقف الحقيقي هو من يمثل ضمير أمته وإقليمه ولا نريد البحث عن الشهرة فنحن نعتبر الثقافة نضالا نضحي من أجلها بوقتنا ومالنا وصحتنا أما راغبو الشهرة والمال الذين عاثوا في أروقة القاهرة واستفادوا ماليا ماذا قدموا لهذا الوطن؟! وهل استطاعوا أن ينهضوا بالواقع الثقافي؟! وللعلم أنا أتيقن من أن هناك ثورة ثقافية ستعلن عن نفسها وستكون نابعة من الأقاليم، ضد كل هذا العبث الثقافي الذي تعيشه مصر.