تتخذ طبيعة الصراعات والحروب اليوم أشكالا أكثر تعقيدا و أقل تكلفة مما كانت عليه ، نتيجة اعتمادها على ما اتاحته تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات من وسائل ومجالات جديدة للمواجهة لم تكن متوفرة من قبل ، وأدى هذا التطور التكنولوجي علي كافة الأصعدة إلي ظهور جيل جديد من القوي غير النظامية للحروب ، تعتمد على أساليب وتكتيكيات ووسائل جديدة لم تكن معروفة من قبل . وقد وفرت الشبكة العنكبوتية وسيلة شبه مجانية لنشر المعلومات والتواصل وتجييش الرأي العام وأعلان نفير الحرب من خلال وسائل وادوات الأجيال الجديدة من الحروب ، التى استبدلت العتاد والذخيرة ومعدات الحرب النظامية باهظة التكاليف بوسائل تديرها عن بعد وتعتمد على عبيد المال فى إطلاق الأكاذيب والشائعات الهادفة الى التأثير على وحدة الصف وهز كيان الدولة عبر القنوات والمواقع الالكترونية التى تعتمد تقنياتها على الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعى . ما كشف عنه الرئيس عبد الفتاح السيسى أمس خلال لقائه برؤساء تحرير الصحف من مؤامرة ضمن أدبيات الجيل الرابع من الحروب لضرب الاستقرار فى مصر عن طريق قنوات ومواقع إخبارية مشبوهة تمولها قطر وتركيا والإخوان ، لفت الانتباه الى ضرورة وجود حشد قوى للمشاركة فى مواجهة تلك المؤامرة التى تستهدف التلاعب بعقول النخب والشباب ، ونشر الوعى بين المواطنين بهذه المواقع التى تشكك فى قدرات الدولة وخطواتها نحو الانجاز وعبور الفترة الانتقالية ، ويلقى بالمسئولية على عاتق وسائل الاعلام الشريفة والموضوعية لايصال رسالتها الاعلامية للجمهور بشفافية وصدق . لقد تطورت أجيال الحروب مع تغير الأنظمة ، فالجيل الاول منها كان انعكاسا لنظام القطبية المتعددة ، والإستراتيجيات العسكرية المصاحبة لهذه الحقبة وهي الحروب التقليدية التى تعتمد علي المواجهة المباشرة بأسلحتها التقليدية بين الجيوش النظامية علي أرض المعركة . وبرز الجيل الثانى ، فى أعقاب تغير النظام الدولي إلي الثنائية القطبية ، ليأخذ شكل الحرب الباردة بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي السابق ، فيما أخذ الجيل الثالث من الحروب شكل الحرب الأمريكية علي الإرهاب بمعاونة حلفائها وهى الحرب التى أرهقت الاقتصاد الأمريكي مما دفعها الي إعادة النظر في استراتيجياتها العسكرية باهظة التكاليف من خلال إعداد أجيال جديدة من الحروب اقل تكلفة. وفى عام2011 ، ولد الجيل الرابع من الحروب ، حين بدأت الولاياتالمتحدةالامريكية وحلفاؤها في تحقيق مخططها لبناء الشرق الأوسط الجديد من خلال إثارة الفتن وتقليب الشعوب ضد مؤسسات الدول المستهدفة و إثارة حالة من الفوضى العارمة ، بحيث تدمر الدولة نفسها بنفسها ، من خلال إنهاك مؤسساتها وإرباكها والسعي لتحطيم اقتصادها ، مستغلين بذلك الانفلات الأمني الحادث ، ثم سقوطها لإعادة البناء بما يلائم المصالح الأمريكية والغربية . وتستعين امريكا بأعوان لها من الداخل علي مقدرة عالية لاستقطاب أكبر عدد من التابعين الذين تستقطبهم من خلال سيطرة العمليات السيكولوجية علي العقول وتأثيراتها ، فتكون بمثابة قنابل تغزو العقول لاجتذاب أكبر عدد ممكن من المتبنين لهذا الفكر المدمر وهذا مايعرف بالأسلحة الذكية ، وتعد وسائل الإعلام المأجورة والعميلة اهم آليات التنفيذ . ولم تتوقف أجيال الحروب عند الجيل الرابع ، بل امتدت إلي الجيل الخامس ثم السادس ، ويتعامل الجيل الخامس من الحروب مع التقنيات المؤمراتية التي تهدف الي إيجاد حكومة في الظل والاعتماد على كيانات صغيرة متعددة وممنهجة تعمل من خلال تشكيلات عصابية وتنظيمات إرهابية تهدف الي هدم التعليم في الجامعات وإشاعة الفوضي وإرتكاب أفعال إجرامية للتشكيك في قدرة الدولة علي السيطرة الأمنية ، وفبركة وتبديل الحقائق وترويع المواطنين. أما الجيل السادس من الحروب فهى التي تدار عن بعد من خلال استخدام الأسلحة الذكية ، ويتميز هذا الجيل من الحروب فى طبيعته عن الحروب التي سبقتها ، حيث ينتمي إليها الشكل الجديد من الحروب التي استخدمت فيها أسلحة الدقة عالية التقنية ، ويشكل الصراع الاقتصادي والمعلوماتي المكونات الجديدة في محتوي هذه الحرب ، و تهدف إلي تقليب المجتمع عبر التجنيد الكامل لشبكات الإنترنت الذي يهدف الي هدم أركان الدولة وإفشالها ، وتتنوع الوسائل الذكية في استخدام الطيور والحيوانات والأسماك كأدوات للتجسس وإلحاق الضرر عن بعد . وتشير التنبؤات إلي أن الجيل السابع من الحروب اصبح قاب قوسين وفيه ستتحول المعلومات إلي سلاح ، وسيكون الصراع المعلوماتي العامل الاكثر تأثيرا ، بداية من نفيرها الأول ومسيرتها ، ثم حسم نتيجتها ، وهكذا يكون الصراع المعلوماتي عنصرا قتاليا شرسا لاستهدافه الضحية دون أن تراه أو تعرفه ، أي أنه يتصف بطبيعة مستقلة بين أشكال وأساليب الصراع الأخرى .