أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، أن صلة الرحم تختلف من شخصٍ لآخر، فإذا كان الموصول فقيرًا، وواصل الرحم غنيًّا، فهنا لا تكفي الصلة الكلامية أو الصلة بالزيارة فقط، أو الصلة بمجرد السؤال، وإنما لا بد من توجيه جزء من المال إليه. وأضاف: "وإذا كان الموصول مريضًا عالجه، أو ساعده بالمال، ولا يكتفي بالسؤال عنه، وهو يعلم بحاجته إلى مال، أو إلى دواء، وإذا لم يفعل ذلك مع ذي رحمه الفقير يعتبر مُقصِّرًا ويكون قاطع رحم". وأوضح الطيب، في بيان لمشيخة الأزهر، أن صلة الرحم هي أن تصل وتُحسِن وتعطِف على مَن تجمعك معه رحم، وصلة الرحم كلمة مركبة من مضاف ومضاف إليه، فهي صلة تضاف إلى رحم، والرحم هنا: محل الولد ومحل اجتماع الإخوة أو الأخوات في رحمٍ واحد، ثم ما يتفرع منهم بعد ذلك، فصِلَة الرحم تعني الإحسان إلى الأقربين، وإيصال ما أمكن من الخير إليهم، ودفع ما أمكن من الشرِّ عنهم؛ فتشمل زيارتهم، والسؤال عنهم، وتَفَقُّدِ أحوالهم، والتصدُّق على فقيرهم، وعيادة مرضاهم، ومشاركتهم في أفراحهم، ومواساتهم في أحزانهم، قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا). وأكد أنه من رأى كتابًا إلهيًّا سماويًّا أو نظامًا اجتماعيًّا اعتنى بصلة الرحم، وخاصة ببر الوالدين مثل القرآن الكريم ومثل دين الإسلام، فكاد يجعل من الوالدين سيِّدين، وكاد يجعل من الابن مجرد تابع مطيع، عبَّر عنه بالذل في قوله تعالى: «وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ولا خلاف في أن صلة الأرحام فرضٌ وواجبة، وأن جزاءها الجنة، وقطيعة الرحم لا خلاف في أنها إثم ومعصية، وأن قاطع الرحم لا يدخل الجنة، فعن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِم"، وقَطْعُ الرَّحِمِ معناه تَرْكُ الصِّلَةِ والإحسان والْبِرِّ بالأقارب. وتابع: أن أعلى درجات صلة الرحم تكون بتعهد ذي الرحم، ورعايته، وزيارته، ومساعدته ماليا، وأقل من ذلك الصلة بالكلام وإلقاء السلام، وحضور المناسبات، فإذا لم تفعل هذا ولا ذاك، فأنت قاطع للرحم. وأكد أن صلة الرحم لا تقف عند حدود الوالدين وأبنائهما، بل تَتَّسع لتشمل أُولِي القربى من الإخوة والأخوات، والأعمام والعمَّات، والأخوال والخالات، وأبنائهم وبناتهم؛ فهؤلاء جميعًا لهم حقُّ البِرِّ والصِّلَة التي يحثُّ عليها الإسلام، وهؤلاء هم أولوا الأرحام الذين تجب صلتهم، ويعاقب اللهُ كل من قصَّر في صِلَتهم.