بائع العرقسوس مهنة موجودة في مصر بشكل مكثف بأدواته المميزة وهو الإبريق الزجاجي أو النحاسي كبير الحجم الذي صنع خصيصا ليحافظ على برودة العرقسوس طوال اليوم، ويحمله بواسطة حزام جلدي عريض يحيط بالخصر ويتدلى منه إناء صغير للأكواب، بينما يمسك بيده اليمنى صاجين من النحاس يصدران صوتا مميزا ويحمل في يده اليسرى إبريقا بلاستيكيا صغيرا مملوءا بالماء لغسل الأكواب الزجاجية الناصعة النظافة، وقد يرتدي بائع العرقسوس طربوشا فوق رأسه للفت الأنظار إليه ودلالة على اعتنائه بنفسه. شفا وخمير يا عرقسوس وبارد وخمير وتهنى يا عطشان.. هذه العبارات التي يتغني بها للإعلان عن شراب عرف منذ القدم بمذاقه الحلو، االذي لا يعرف قيمته الا "الكبار"، وتكون مهمته أكثر نفعا خصوصا في شهر رمضان وفي فصل الصيف عندما تشتد حرارة الجو ويزداد احتياج الجسم للسوائل، وكثيرا ما يتناوله المصريون بعد أذان المغرب، لا سيما في الأحياء الشعبية، لكنه يبقى شرابا يقبل عليه الفقراء والأغنياء. التقينا في طريقنا بعم محمود صابر بائع "العرقسوس" المتجول الأسيوطي الأصل، لم يجعلني اتحدث معه الا بعد أن أشرب كوب من العرقسوس لأروي عطشي في صيف القاهرة الحار. بداية قال لي " أنه متعلم مثلي ويحمل شهادة بكالوريوس خدمة اجتماعية جامعة حلوان"، قائلا بسخرية ممزوجة بالحسرة " قالولي أن البلد دي بتاعة شهادات فقلت اتعلم ولا نفعني ولا شهادات ولا تعليم واديني بياع عرقسوس". وأوضح عم صابر، أنه لم يختر أن يشتغل هكذا، قائلا " مش بحبها بس مفيش شغل قدمت على كذا وظيفة لكن ملقتش"، مشيرا إلى أن تلك المهنة يمارسها منذ عشرين سنة. وأضاف أن منطقته اليومية التي يتجول بها هي احياء مصر القديمة المعز وخان الخليلي والموسكي، وفي رمضان يقوم بعمل فرشة في الحسين لبيع العرقسوس والتمر هندي والخروب أن امكن، قائلا "الحال لا يختلف كثيرا فرزق رمضان مثله مثل الايام العادية، ففي رمضان يعمل من لا عمل له "بائع عرقسوس وتمر هندي". عم صابر حاله مثل الكثير من المصريين الكادحين، له سبع أولاد أكبرهم عمره "15" سنة وجميعهم في مراحل التعليم المختلفة، فهو لم ييأس وقرر أن يعلمهم مثله واحسن كمان. https://www.youtube.com/watch?v=RCMalM662X0