- محمد زارع: القرار يهيل التراب على تراثنا، لارتباط الجمعيات في أذهاننا بطابع روحي ولن نقبل بأسماء أخرى بديلة عنها - محمد عبدالله خليل: يحسب للحكومة ويعود بشكل مباشر على الصالح العام "وأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا" هكذا قال الله عز وجل في دستور الامة الإسلامية، ولكن يبدو أن السياسة تحول بعض الثوابت إلى آليات يسخرها البعض لخدمة مصالحه الشخصية، حيث عكف "التيار السلفي" في المرحلة الأخيرة على استخدام "المساجد" التابعة للجمعية الشرعية والسنة المحمدية كمنابر سياسية يدعم بها مرشحا معينا أو فصيلا محددا ويكفر الاتجاه المضاد له. ادي ذلك إلى قيام وزارة الأوقاف بإصدار قرار برفع أي لافتة حزبية أو مذهبية تحمل اسم جمعية أهلية من على واجهات المساجد للمحافظة على وحدة النسيج المجتمعي المصري. تداعيات الموقف منذ أسبوع مضي تمت إحالة الشيخ صبري إبراهيم محمد- إمام مسجد الاستقامة بالجيزة - للتحقيق ونقله من مسجده لحين انتهاء التحقيقات، وذلك لخروجه على توجيهات الوزارة، في أن يكون الخطاب الدعوي دينيًا محضًا بعيدًا عن أي استخدام سياسي في أي اتجاه. وأيضا بعد اطّلاع وزير الأوقاف أثناء أدائه صلاة الجمعة بأحد المساجد بطريقة غير معلنة، على مجلة التوحيد التي تدعو للتبرع لدعم المليون نسخة من المجلة لتصل لكل خطيب من خطباء الأوقاف والأزهر الشريف على عنوانه. وبناء على هذا قام الوزير بتحويل إمام المسجد الشيخ محمود محمد إبراهيم توفيق إلى التحقيق، مطالبا بعدم تكرار هذا الموقف في أي من مساجد الوزارة. وفي سياق متصل نشرت وزارة الأوقاف عبر موقعها تحذيرا لجماعة أنصار السنة المحمدية من توزيع أي مجلات أو منشورات أو مطبوعات على أئمة ووعّاظ الوزارة. ونقل الموقع عن الوزير تحذيره من توجه كثير من كتّابها، قائلا: المجلة في بعض أبوابها ومقالاتها تتعارض وتتناقض مع المنهج الأزهري الوسطي، وتنحى في بعضها منحى التشدد الفكري، وتتبنّي اتجاهًا فكريًا خاصًا منغلقًا في بعض جوانبه. وهذا أيضا ما أكده محمد عبدالله خليل الناشط الحقوقي وعضو القومي لحقوق الإنسان، أن قرار وزارة الأوقاف بتقنين أوضاع مساجد الجمعيات الشرعية وأنصار السنة المحمدية، قرارا يحسب للحكومة المصرية ويعود بشكل مباشر على الصالح العام. وأوضح أن تقارير المنظمات الحقوقية قد أثبتت قيام تلك الجمعيات بتجاوزات بعد قيام ثورة 25 يناير، كالتأثير في قرارات الناخبين في انتخابات البرلمان عام 2011، وانتخابات الرئاسة وخاصة مرحلة الإعادة عن طريق استخدام الدعاية لمرشح بعينه. وأوضح أن القوات المسلحة كانت تبذل مجهودا مضنيا للتأثير على تلك المساجد وكانوا يقومون بتتبع دعاتهم من مسجد لآخر وهم يؤثرون على الناخبين خاصة في ريف الوجه البحري والقبلي. وأضاف أن المشكلة هنا هي استخدام الجمعيات لمساجدها كمنابر سياسية تبث من خلالها أفكارها أيا كانت، مشيرا إلى أنه على الدولة أن تقوم بدورها التنموي خاصة انها كانت تشيد بتلك الجمعيات لأنها تحمل من على عاتقها بعض الخدمات الاجتماعية والصحية. فيما عارضه محمد زارع، الناشط الحقوقي، معلقا على القرار بأنه "شكلي" وكان احري بالوزارة أن تقوم بتقنين أوضاع المترددين على تلك المساجد وشيوخها. وأوضح زارع أن ذلك القرار يهيل التراب على تراثنا، خاصة أن تلك الجمعيات ترتبط بأذهاننا بطابع روحي ولن نقبل بأسماء أخرى بديلة عنها، مضيفا أنه حتى لو هناك تجاوزات من بعض شيوخها فهذا ليس معناه أن نجردها من مساجدها. وأضاف انها كانت تقدم خدمات للمواطنين في الوقت الذي كانت فيه الدولة مقصرة في أداء وظيفتها الدعوية والصحية، مشيرا إلى أن تلك الجمعيات كانت تعطي "حافزا" للبعض في أن يتبرع بأمواله للفقراء عن طريقها. الجمعيات الأهلية تؤيد الأوقاف. أوضح الدكتور طلعت عبد القوى، رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، أن المسجد هو بيت لله ووزارة الأوقاف اعتبرت جميع المساجد تابعة لها، معتبرة أن الجمعيات الشرعية وأنصار السنة المحمدية تخصها فقط أماكن انشطتها، اما الجانب الدعوي فيخصها ولا أحد يشاركها فيه وتتحمل هي مسئولية الانفاق عليها ورعايتها وتشغيل العاملين بها وليس في هذا مشكلة وحقها. وأشار إلى أن العُرف السائد أن الجمعية أحد انشطتها بناء مسجد ولكن وفقا لقانون الجمعيات الأهلية التي تتبعه تلك الجمعيات، فيمنع ممارسة العمل السياسي خاصة "الحزبي" كدعم أحد المرشحين والحملات الانتخابية، اما التوعية السياسية فليست محظورة كدعوة المواطنين للحشد والمشاركة بطريقة فعالة في الاستحقاقات الانتخابية. وأضاف عبدالقوي، أن "الأوقاف" لن تستطيع السيطرة على جميع المساجد لذلك فموضوع "الخطبة الموحدة" وقصر صلاة الجمعة على المساجد دون الزوايا هو الذي سيساهم في تقنين أوضاع عدم خلط الدين بالسياسة. الأوقاف تضع خطة محكمة قال الشيخ جابر طايع، وكيل وزارة الأوقاف بالقاهرة، أن المساجد التي تقع في حوزة جماعة أنصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية سيتم تحديدها ووضع لافتات "وزارة الأوقاف"، موضحا أن من حقها أن تضع اسمها على انشطتها فقط وليس المسجد. وأضاف أنه بذلك الإجراء تحافظ وزارة الأوقاف على ممتلكاتها وعدم استغلال أحد لصلاحياتها، مضيفا أن من يريد أن يؤدي خدمات يؤديها على ممتلكاته وليس ممتلكات "الأوقاف". وأوضح طايع، أنه بمجرد وصول المنشور لجميع المديريات سيتم البحث عن آلية لتنفيذه، حتى لا يتم وصف "الأوقاف" انها تقوم بأعمال بلطجة وهدم خاصة أن تلك الجمعيات تقوم بتقديم خدمات الراي العام ومن الممكن أن نفهم بطريقة خطا لدى الراي العام، موضحا أنه سيتم تشكيل لجنة لوضع لافتة "الجمعية" في مكان محدد بعيدا عن المسجد. وبسؤاله وماذا عن مساجد "الطرق الصوفية" أوضح أن الأمر سيشمل أيضا فيما بعد مساجد الطرق الصوفية وسيكون هناك جهة واحدة ترعي المساجد وهي "الأوقاف".