بسقوط نظام العقيد القذافي سقطت ليبيا في الفوضى، وبزرت تنظيمات إرهابية وجدت في الفوضى مناخا جيدا لعسكرة وجودها على الأرض الليبية، لا سيما بعد أن أعطى رئيس الحكومة الانتقالية مصطفى عبد الجليل الضوء الأخضر لهذه الجماعات لتكون بمثابة الذراع العسكرية لجماعة الإخوان التي تبرأت منها لاحقا، بعد إعلان اللواء حفتر الحرب على الجماعات الإرهابية، في إطار ما يسمى بعملية الكرامة، لكنها سياسة الإخوان تبدو واحدة تأكل مع الذئب وتبكي مع الراعي. ويعد عام 2012 هو أول ميلاد لجماعة أنصار الشريعة في ليبيا بعد انفصالها عن كتيبة راف الله السحاتي في شهر فبراير. وفي يونيو 2012 أعلنت الجماعة عن المؤتمر الأول لتأسيسها، وأنشأت مقرا لها في مدينة بنغازي وشكلت لها أذرعا سياسية وأخرى عسكرية، وانتشرت في بنغازي وأجدابيا وسرت بقيادة محمد الزهاوي وفي درنة بقيادة سفيان بن قمو السائق السابق لأسامة بن لادن. واتهمت أمريكا أنصار الشريعة بأنها وراء مقتل سفيرها بليبيا كريس ستيفنز وثلاثة أمريكيين في هجوم على القنصلية الأمريكيةببنغازي، وفي يناير 2014 وضعت الخارجية الأمريكية أنصار الشريعة على قائمة الإرهاب ورصدت مكافآت مالية للقبض على قادتها. ويعتقد خبراء أن جماعة أنصار الشريعة الليبية هي الوجه الجديد للقاعدة. ويشير الباحث التونسي توفيق المديني إلى "أن الشك نشأ بعد اكتشاف وثائق جمعتها القوات الخاصة الأمريكية في أبوت آباد شمال باكستان (المكان الأخير الذي كان يسكن فيه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن) رسائل البريد الإلكتروني لزعيم "القاعدة"، يتساءل فيها عن إمكان تبديل اسم منظمته. وفي القائمة الطويلة التي وضعها أسامة بن لادن اسما "أنصار الشريعة" و"أنصار الدين"، هناك شواهد تؤكد الروابط بين "أنصار الشريعة" وتنظيم "القاعدة". وكان محمود البرعصي القيادي بجماعة «أنصار الشريعة»، قد صرح في وقت سابق في أعقاب اشتباكات خاضتها جماعته مع قوّات الجيش الليبي، أن تنظيم القاعدة هو قدوة الجماعة وأنّه لا يعترف بحكومة بلاده، واصفا إيّاها ب«الكافرة». وأضاف «نحن قدوتنا فقط الشيخ أسامة بن لادن و(أيمن) الظواهري.. وأن الديمقراطية كفر»، داعيا إلى مقاتلة «قوات الصاعقة» التي اشتبكت معها عناصر تنظيمه واعتبر أنّ قتالهم «جهاد»، قائلا «نحن أنصار الشريعة لا نعترف بالدولة الليبية سواء كانت حكومة أو مؤتمرا (برلمان)». وأضاف «نحن نعترف فقط بشعارنا الذي به المصحف يهدي والسيف الذي يقطع»، مُهدّدا الليبيين «إما تطبيق الشريعة وإما السيف».