بعد مرور 70 عاما على ترحيل أسرهم بشكل جماعي، في عهد الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين، يجد تتار القرم أنفسهم في مأزق محير.. أيتعاونون مع السلطات الروسية الجديدة في منطقتهم أم يقاومونها؟ يخشى بعض التتار -المسلمين السنة أو المنحدرين من أصول أوروآسيوية- عودة القمع الإستاليني رغم الوعود الرسمية باحترام حقوقهم وحرياتهم، بينما يرى آخرون أن التعامل مع روسيا هو أفضل السبل لضمان تحسن أوضاعهم. ويحتدم التوتر في المنطقة، بعد أقل من شهرين، على عودة حكم موسكو وقبل أن تحل، يوم الأحد المقبل، الذكرى السنوية لترحيل تتار القرم في قطارات المواشي في عملية بدأت في 18 مايو 1944. قالت ناريمان جيليالوف نائبة رئيس المجلس، وهو الكيان الرسمي الذي يمثل تتار القرم "إما الحرب وإما التوصل لحل وسط، تلك هي لب المشكلة التي نواجهها، وإذا لم نتخذ موقفا موحدا فسنواجه خطر الإنقسام والتهميش". يشكل التتار أكثر من 12% من سكان القرم، الذين ينحدر أغلبهم من أصل روسي، والبالغ عددهم نحو مليوني نسمة وهم من أشد منتقدي القرار الذي أعلنته روسيا، في مارس الماضي، بضم المنطقة التي كانت خاضعة من قبل لحكم أوكرانيا. وترى روسيا أن قرار الضم ما هو إلا تصحيح لخطأ تاريخي وتصفه بأنه إعادة وحدة مع منطقة لم يسلمها الزعيم الروسي نيكيتا خروتشوف لأوكرانيا إلا في عام 1954. لكن التتار -الذين تقع عاصمتهم التاريخية باختشيساراي على مسافة قريبة من مركز المنطقة الحديث سيمفروبول- يعيدون تذكير موسكو بأنهم حكموا أجزاء كبيرة من القرم لقرون قبل أن تغزو الإمبراطورة كاترين الثانية إمبراطورة روسيا شبه الجزيرة المطل على البحر الأسود في أواخر القرن الثامن عشر. واتهم ستالين التتار بالتعاطف مع ألمانيا النازية وهلك كثيرون من بين ما يقدر بنحو 200 ألف شخص تم ترحيلهم في رحلة الذهاب للمنفى في وسط آسيا وشرق روسيا، وفي السنوات الأخيرة فقط من عمر الاتحاد السوفيتي بدأ بعض التتار يعودون إلى القرم في الثمانينات. وقاطع كثير من التتار الإستفتاء الذي أجري في 16 مارس، وتقول السلطات المحلية إن 97% من المشاركين فيه أيدوا الإنضمام لروسيا، وسخرت أوكرانيا والدول الغربية من الإستفتاء ووصفته بأنه غير مشروع. ولا يزال التتار يرفعون علم أوكرانيا على مجلسهم رغم أن وحدات دفاع عن النفس مؤيدة لروسيا ترددت عليه ورغم تهديدات المدعي العام في المنطقة بإغلاق المجلس، وقالت جيليالوف "اعتدنا الصراع الدائم، نحن لا نثق في السلطات الروسية، ولماذا ينبغي علينا أن نثق بها؟ هي تعارض تتار القرم دائما".