أكد المتحدثون أمام مؤتمر (بناء المستقبل : الوظائف والنمو والمساواة في العالم العربي)، اليوم الأحد، والذي تستضيفه الأردن على مدى يومين، أهمية تحقيق الاستقرار الاقتصادي في دول التحول الديموقراطي العربي وسط الضغوط القوي التي تتعرض لها اقتصادات المنطقة، وذلك من أجل تلبية الاحتياجات الاجتماعية المتزايدة من جانب مواطنين عانوا طويلا من الإحباط. وأوضح المتحدثون - أمام المؤتمر، الذي يعقد تحت رعاية الحكومة الأردنية وصندوق النقد الدولي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والإجتماعي - أنه لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة بدون التحرك بعيدا عن النماذج والأولويات الاقتصادية التي كانت سائدة في الماضي، وتناولوا بالنقاش عمليات التحول السياسي والاقتصادي بعد ثلاثة أعوام من من بداية الربيع العربي، إلى جانب مناقشة الإصلاحات اللازمة التي يمكن أن تحقق تحولات إيجابية بمعدلات سريعة بالنسية لمواطني المنطقة. واستعرض الخبراء المشاركون في المؤتمر كيفية تنفيذ حزمة من السياسات الاقتصادية لتحقيق النمو الذي يشمل مختلف شرائح المجتمع، وتوفير فرص التشغيل المطلوبة لتلبية تطلعات دول التحول العربي، مع تحديد أولوية السياسات المطلوب تنفيذها وسط بيئة سياسية واقتصادية معقدة. ودعا المشاركون إلى تطبيق مزيد من الشفافية لتحقيق النمو لجميع المواطنين والعدالة الاجتماعية، إلى جانب تحسين مناخ الأعمال والاستثمار، وتشجيع الصناعات الصغيرة ومتناهية النمو باعتبارها تمثل أهمية كبيرة في النشاط الاقتصادي وتوليد فرص العمل، مع ضرورة تطوير البنى التحتية لجذب الاستثمار المباشر في مختلف القطاعات. ودعا محافظ البنك المركزي الأردني زياد فاريز إلى العمل الجادة لتنفيذ برامج الإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل لتلافي أخطاء الماضي، والبناء على ما تم تحقيقه، ووضع التشريعات التي من شأنها دعم البرامج الاقتصادية وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وحماية الملكية والحفاظ على الاستقرار المالي، إلى جانب تعزيز مؤسسات التمويل العربية، وتوفير التمويل بتكلفة مناسبة خاصة للقطاعات ذات القيمة المضافة العالية التي تساعد على توليد فرص العمل. كما دعا إعادة صياغة السياسات بما يتوافق مع الواقع الجديد، وإلى أن يتم التركيز على الإصلاح الشامل مع حماية الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع. ومن جانبه، أوضح مدير عام الصندوق العربي للإنماء الإقتصادي والاجتماعي عبد اللطيف الحمد أن أهم التحديات التي تواجه الدول العربية في مرحلة التحول هي تحقيق إصلاحات اقتصادية وسياسية جريئة لتحقيق الاستقرار، مشيرا إلى دور المجتمع الدولي في المساعدة على إكمال المرحلة الانتقالية، حيث أن تأخر الدعم الخارجي قد يتسبب في حدوث انتكاسة للإصلاحات تحت وطأة المتاعب الاقتصادية. وقال إن "الصندوق العربي للإنماء قدم منذ عام 2012 تمويلا يبلغ 688 مليون دولار لدعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر في المنطقة العربية لمواجهة مشكلة البطالة"، ودعا جهات التمويل الدولية إلى المساهمة في تنفيذ مشروعات البنية الأساسية في المنطقة العربية وتحسين الخدمات العامة والرعاية الصحية التي قال إنها "كانت من أسباب السخط الاجتماعي في دول الربيع العربي". واستعرض المشاركون في المؤتمر دراسة لصندوق النقد الدولي تشير إلى أن التحول السياسي والاقتصادي في الدول العربية يمثل فرصة تاريخية لإعادة النظر في جدول أعمال الإصلاح الاقتصادي، ومعالجة المشكلات الإقتصادية المزمنة التي كان التعامل معها صعبا في السابق. وقالت الدراسة إن "التركيز على جدول أعمال التحول الاقتصادي واجه صعوبات بدرجات متفاوتة في دول التحول بسبب وجود حكومات بتفويضات محدودة وآفاق زمنية قصيرة، وعدم اليقين على المستوى المؤسسي والتوترات الاجتماعية والاقتصادية". ودعت الدراسة هذه الدول بانتهاج إدارة اقتصادية رشيدة مصحوبة بجهود إصلاحية قوية تهييء المناخ المناسب للنمو الاقتصادي الشامل.