أفادت بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) بأن أوروبا شهدت خلال العام الجاري تباينًا حادًا في أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي للمنازل، حيث تواجه بعض الدول الأوروبية فواتير مرتفعة بشكل كبير مقارنة بدول أخرى. وأوضحت البيانات أن أسعار الكهرباء والغاز لم تتوزع بشكل متساوٍ بين دول الاتحاد الأوروبي، إذ سجلت بعض الدول زيادات قياسية في التكاليف تصل إلى عدة أضعاف مقارنة بأسعارها في دول أوروبية أخرى. ويُعزى هذا التباين إلى عدة عوامل رئيسية، منها السياسات الوطنية للطاقة، وتركيبة مصادر الطاقة لكل دولة، واعتمادها على الوقود الأحفوري مقابل مصادر الطاقة المتجددة. وأشار التقرير إلى أن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في بعض الدول جاء نتيجة الاعتماد الكبير على واردات الغاز وتذبذب أسعار السوق العالمية، بينما تميزت الدول التي استثمرت في الطاقة المتجددة والبنية التحتية الذكية للطاقة بأسعار أكثر استقرارًا نسبيًا. كما ساهمت التغيرات المناخية والسياسات البيئية في زيادة تكلفة الكهرباء في بعض الدول، خصوصًا تلك التي فرضت رسومًا على الانبعاثات الكربونية، أو قامت بتحديث شبكاتها الكهربائية لتعزيز الكفاءة الطاقية والتحول نحو الطاقة النظيفة. وأشار يوروستات إلى أن بعض الدول الأوروبية تمكنت من حماية الأسر ذات الدخل المنخفض من ارتفاع الفواتير عبر برامج دعم حكومية وإعانات مباشرة، بينما اعتمدت دول أخرى على آليات السوق لتحديد الأسعار، ما أدى إلى فجوات كبيرة بين المستهلكين. وأظهرت البيانات أن أسعار الكهرباء في المنازل الأوروبية تراوحت بشكل واسع بين الدول، حيث سجلت أعلى الأسعار في دول مثل ألمانيا والدنمارك، فيما كانت أقل في بولندا والمجر. أما أسعار الغاز الطبيعي فشهدت تقلبات أكبر في أوروبا الشرقية والجنوبية، بينما حافظت دول شمال أوروبا على استقرار نسبي. وتعكس هذه الفروق حاجة أوروبا إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لضمان استقرار أسعار الطاقة وحماية المستهلكين من الصدمات السعرية المستقبلية، مع الاستمرار في تنفيذ خطط التحول الطاقي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. كما أكدت يوروستات أن الاستثمارات في شبكات الكهرباء والغاز والبنية التحتية للطاقة المتجددة ستلعب دورًا رئيسيًا في تقليل الفجوة السعرية بين الدول، وتحقيق أمن طاقي مستدام على المدى الطويل. وتأتي هذه البيانات في ظل زيادة الاهتمام الأوروبي بالتحول نحو الطاقة النظيفة وتخفيض الانبعاثات الكربونية، ما يجعل مراقبة أسعار الكهرباء والغاز من الأولويات للحكومات والمستهلكين على حد سواء.