كشفت وثائق حديثة قُدّمت إلى وزارة العدل الأمريكية بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA)، أن وزارة الخارجية الإسرائيلية خصصت نحو نصف مليار شيكل — ما يعادل حوالي 135 مليون دولار — لإطلاق واحدة من أوسع حملاتها الدعائية في الولاياتالمتحدة خلال السنوات الأخيرة، تستهدف من خلالها تحسين صورتها بين فئة الشباب الأمريكي. وأوضحت الوثائق أن الحملة، التي ستنفذها شركات علاقات عامة وإنتاج رقمي أمريكية متخصصة في التواصل مع جيل "زد" (Generation Z)، تهدف إلى تعزيز صورة إسرائيل بوصفها دولة "تكنولوجية مبتكرة" و"شريكًا ديمقراطيًا موثوقًا للولايات المتحدة"، في مواجهة ما تعتبره الحكومة الإسرائيلية "تصاعدًا في الحملات المعادية" داخل الجامعات الأمريكية ومنصات التواصل الاجتماعي. وذكرت المصادر أن المشروع يتضمن إنشاء محتوى مرئي ومقاطع قصيرة تُبث عبر "إنستغرام"، و"تيك توك"، و"يوتيوب"، إضافة إلى تمويل مؤثرين رقميين لترويج رسائل تحمل طابعًا ثقافيًا واجتماعيًا أكثر من سياسي، بهدف الوصول إلى الجمهور الأمريكي الشاب بطريقة غير مباشرة. كما تشمل الحملة برامج تبادل شبابي ورعايات لأنشطة أكاديمية وثقافية داخل الجامعات الأمريكية، في إطار استراتيجية "القوة الناعمة" التي تتبناها إسرائيل لمواجهة الانتقادات الموجهة إلى سياساتها تجاه الفلسطينيين، خاصة بعد الحرب على غزة وتزايد المظاهرات الطلابية المناهضة لها. ويأتي هذا التحرك في وقت تواجه فيه إسرائيل تحديات كبيرة على مستوى الرأي العام الغربي، حيث أظهرت استطلاعات للرأي في الولاياتالمتحدة انخفاضًا متواصلًا في معدلات التأييد لإسرائيل بين الشباب، مقابل ارتفاع واضح في التعاطف مع القضية الفلسطينية، لا سيما بعد التقارير الحقوقية التي اتهمت الجيش الإسرائيلي بارتكاب انتهاكات جسيمة خلال العمليات العسكرية الأخيرة ويرى محللون سياسيون أن ضخ هذا التمويل الضخم في حملات دعائية يعكس إدراك تل أبيب لأزمة صورتها الدولية، ومحاولة لإعادة صياغة سرديتها في بيئة رقمية باتت أكثر حساسية تجاه قضايا حقوق الإنسان.