لا شك أن الحروب تؤثر على حياة الشعوب، وينعكس هذا التأثير على الحركة الأدبية والأدباء الذين يعايشون الحرب، ولهذا نجد العشرات، بل والمئات من الأعمال الأدبية التي تناولت أثر الحرب على النفس البشرية، سواء من خلال الأعمال الروائية والسياسية، والاجتماعية، أو حتى على مستوى الأشعار والأعمال الفنية التشكيلة، وهو ما عبر عنه الرسام البريطاني فرانسيس بيكون، حينما قال: «لقد عاصرت الحرب العالمية الأولى والثانية وهيروشيما وتريدون مني أن أرسم زهرة» ولهذا نجد أن أثر تلك الحروب وهذا التمزق الذي تفعله بالنفس البشرية انعكس بشكل كبير على أعماله وعلى أعمال غيره من الفنانين التشكيليين. والأمر لا يقتصر فقط على الحروب بل على الثورات أيضًا التي تمر بها الشعوب، إذ أن مشاعر الفقد تصاحب تلك الأحداث، فيجسدها السياسيون والروائيون والأدباء والشعراء والفنانون التشكيليون في أعمالهم.
وفي هذا العدد لا نحتفى بالانتصار فحسب ولكن هناك زاوية أخرى سنتحدث عنها وهي ما خلفته الحروب من أدب جسد فيها معاني الفقد والخذلان والانتصار والهزيمة، كل تلك المرادفات التي تعني الحرب سوف نجوب في رحلة في أبرز الإصدارات التي تحدثت عن الحروب أو دارت أحداثها خلال فترات الحروب منذ الحرب العالمية الأولى وحتى انتصارات أكتوبر المجيدة . «في قلبي رضا» للكاتبة هالة فودة ورحلة في سيرة رجل عايش الحرب واعترك الحياة تتناول الرواية قصة "رضا" الذي غَيَّرَ قيام ثورة يوليو مجرى حياته، قبل أن يشارك في كل الحروب من 56 إلى 73، ثم مسيرته في الحياة حتى رحيله في 2001، وتمتد الأحداث في خط ثنائي ما بين قصة رضا وابنته "هالة"، زمنه وزمنها وتقاطعاتهما. كما تقوم برصد لملامح الحياة في مصر منذ النصف الثاني من القرن العشرين، من خلال أسرتين مصريتين من الطبقة المتوسطة وكيف عايشت كل منهما أحداثها التاريخية وتطوراتها الاجتماعية والسياسية، وهما أسرة "فهيمة" الأم و"شوشو" الزوجة. وتعتمد الرواية في توثيق الأحداث التاريخية والحربية على ما تركه رضا مدوناً بخط يده من تفاصيل عن تلك الأحداث وأرشيف الصور الخاص به، وتمثل رحلة تقوم خلالها الكاتبة، مدفوعةً بالحنين إلى والدها والشعور بافتقاده، بالبحث محاولةً التصالح مع ذاتها والإبقاء على رضا على قيد الحياة والذكرى. الكاتبة هالة فودة: الأدب هو انعكاس للأحداث التي يعايشها الكاتب في المجتمع وتقول الكاتبة هالة فودة في تصريحات خاصة ل"البوابة" عن الرواية والحرب وأثرها على الحركة الأدبية: "إن الحروب مثلها مثل أي أحداث تمر بها المجتمعات والتي تؤثر على الأدب، والأدب هو انعكاس لتلك الأحداث التي يعيشها الكاتب، وبالتالي الأعمال الأدبية هي نوع من التفاعل لمعايشه الكاتب لها، وإذا كنا بصدد مجتمعات حدثت بها حروب، وأثرت على المجتمع فمن الطبيعي أن نجدها في الأعمال الإبداعية سواء كانت تلك هي أعمال روائية أو كتب فكرية أو أفلام سينمائية، من المؤكد أن كل تلك الأعمال ستتأثر بالحدث وتداعياته وسيتم تناولها من زوايا مختلفة ووفقًا لكل مبدع". وعن روايتها "في قلبي رضا" الصادرة عن دار العين، تحدثت الكاتبة هالة فودة قائلة: "أريد أن أقول أن الرواية لا تتحدث عن الحرب بشكل مباشر، ولكن هي في الأول وفي الأخر تتحدث عن أفراد وعن مجتمع عايش الحرب وعن تاثير الحرب على الشخصيات الموجودة في الرواية وعلى المجتمع بصفة عامة، وكيف كان الناس يتعاملون خلال فترات الحروب والأزمات السياسية والاقتصادية التى مرت بها مصر، فهذا هو الهدف المباشر وليس التحدث عن الحرب، فهي ليست رواية حرب ولكنها رواية عن المجتمع وملامح الحياة في مصر في تلك الفترة، وكيف تأثرت الأحداث السياسية والاجتماعية في ذلك الوقت". أما عن اختيار اسم الراوية فأوضحت قائلة: "إن العنوان يعني لي معنيين بمعنى أن هناك رضا يملأ قلبي، وأن "رضا" هو الشخصية الرئيسية في الرواية الذي أتحدث عنه وأحكي قصته، وهو "والدي" والذي جاء اسمه في الرواية "رضا" وبالتالي هو هنا يعني نوعاً من اللعب على الكلمات، وفي الوقت نفسه كنت أريد أن أقول رساله من خلال العنوان الفرعي الموجود تحت العنوان الرئيسي و هو "سيرة رجل عايش الحرب واعترك الحياه" ففي الطبيعي أن الناس تعيش الحياة وتخاف المعارك، وأنا هنا كنت أريد القول أنه عايش الحرب بمعنى أن الحرب كانت جزءًا من حياته، لفترات وسنوات طويله وفي الوقت نفسه كنت أريد أن أقول أيضًا أن الحياه نفسها بعيدًا عن الجبهة وبعيدًا عن الحروب، كان فيها معارك كثيرة خاضها في مرحلة الحروب وما بعد الحروب أيضًا". وعما إذا كانت الراوية تتعلق بحياتها الشخصية أضافت: "ليس بشكل مباشر، وإنما هناك تقاطعات ما بين حياة والدي التي كنت أحكيها من خلال الكتاب وما بين حياتي، ويمكن القول أنني كنت شخصية عايشت الشخصية الرئيسة في الراوية، ونستطيع القول أنها جزء من حياتي ولكن بشكل غير مباشر". هالة فودة «الثابت» ومهمة سرية لأحد ضباط المخابرات البريطانية للكشف عن شبكة جاسوسية ألمانية رواية «الثابت» ل«جون بوكان» وترجمة أسماء الطيفي، ومراجعة سارة ياقوت، الصادرة عن مؤسسة هنداوي صدرت النسخة الإنجليزية منها عام 1919، أي بعد الحرب العالمية الأولى، وأهدى المؤلف الرواية لجنود جنوب أفريقيا وجاء الإهداء على النحو التالي:«إلى ضباط وجنود لواء مشاة جنوب أفريقيا على الجبهة الغربية؛ أبسل الرجال». تدور أحداث الراوية في خضم الحرب العالمية الأولى، تستدعي المخابرات البريطانية الجنرال «ريتشارد هاناي» من الجبهة الغربية لمهمة سرية خطيرة قد تتوقف عليها نتيجة الحرب؛ إذ اكتشفت المخابرات وجود شبكة جاسوسية ألمانية خطيرة تعمل داخل إنجلترا. ومع أن المخابرات استطاعت تفكيك تلك الشبكة بمعاونة الأمريكان، فإن العقل المدبر لها لا يزال طليقًا يمارس نشاطاته التجسسية، ويسرب للألمان معلومات غاية في الخطورة عن خطط الحلفاء؛ وهكذا يكلف «هاناي» بالانخراط متخفيًا في مجتمع معارضي الحرب ودعاة السلام الذي يشتبه في أن ذلك الجاسوس قد اندس في صفوفهم مستترًا وراء هوية مستعارة. ينطلق «هاناي» في رحلة مجنونة عبر قرى إنجلترا وجزر اسكتلندا ثم جبال الألب، ويخوض سباقًا مع الزمن في محاولة للإيقاع بأخطر وأذكى رجل في أوروبا وإحباط مخططاته، فهل ينجح «هاناي» في مسعاه، أم تذهب جهوده سدًى؟ جون بوكان هو روائي اسكتلندي، ومؤرخ، وسياسي نقابي، وكان ترتيبه الخامس عشر في قائمة من تولوا منصب الحاكم العام لكندا منذ أعلن الاتحاد الكندي، بعد أن أمضى حياةً مهنيةً قصيرةً في مجال القانون، شرع «بوكان» في ممارسة الكتابة وفي المضي في حياته السياسية والدبلوماسية؛ فتولى منصب السكرتير الخاص لحاكم مستعمرات مختلفة في أفريقيا. انتخب عضوًا في برلمان الجامعات الاسكتلندية في عام 1927، ولكنه أمضى جل وقته في الكتابة، ومن أشهر ما كتب قصة «درجات السلم التسع والثلاثون» وقصصٌ أخرى في أدب المغامرات. حكايات الغريب وقصة البحث عن "عبد الله" سائق إحدى الصحف الذي اختفى في حصار السويس ونذهب في رحلة أدبية أخرى وإلى حرب أخرى لنحكي قصص الجنود وبسالتهم مثل "حكايات الغريب" لجمال الغيطاني، والذي يُعد من أبرز الأعمال الأدبية التي عبرت عن حرب أكتوبر المجيدة، كانت رائعة "الغيطانى" عن حكاية المواطن والجندى المصرى "عبد الرحمن"، الذى اختفى خلال الفترة ما بين نكسة 1967 وحرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وظل أهله وأقاربه يبحثون عنه ليجدوا كل مرة من يؤكد لهم أنه كان موجودًا فى إحدى المدن ولكن باسم آخر. "حكايات الغريب" ترصد روح أكتوبر التي تفجُّرت شعبيًّا أثناء حصار السويس وتتناول المصري البسيط الذى دافع عن أرضه بكل ما يمكنه من قوة و"حكايات الغريب" مجموعة قصصية كتبها الغيطانى عام 1976 وركزت على روح أكتوبر التي تفجُّرت شعبيًّا، خصوصًا أثناء حصار السويس، حيث وجد المواطن المصري البسيط نفسه أمام التحدي الكبير، فأبى أن يترك أرضه، ودافع عنها بكل ما يمكنه من قوة. وقصة "حكايات الغريب" منقولة عن قصة حقيقية لسائق بمؤسسة صحفية هو عبدالعزيز محمود والذى استشهد في فترة حصار السويس، وثقها الغيطاني حين كان مراسلًا حربيًا في الفترة بين 1969 و1973.
رواية "الفسكونت المشطور" ل"إيتالو كالفينو" والتعبير عن معانٍ عميقة الرواية ترجمة أماني فوزي حبشي، مراجعة محب سعد. وتدور أحداثها حول الفسكونت «مداردو»؛ الجنديِّ الباسل الذي ينتمي إلى أعرق العائلات في جنوة، وبأمرٍ من الإمبراطور شارَك «مداردو» في المعركة الدائرة ضدَّ الأتراك، وأثناء القتال أُصِيب بقذيفة شطرَته طولًا إلى نصفَين، فصار كلٌّ منهما في ناحية، حتى ظنَّ رفقاؤه أنه فارَق الحياة، ولكن ما أثار استغرابَهم ودهشتَهم أنه نجا، ليَحيا بنصف جسد. وعلى الرغم من خرافية أحداثها وغرابتها، فإنها تحمل في طيَّاتها رسائل ومعاني عميقة. «لو صرتَ نصف نفسك، وأتمنى لك هذا يا غلام، فستفهم أشياءَ تَفوق الذكاء العادي للعقول الكاملة، ستفقد نصفك ونصف العالَم، ولكن النصف الباقي سيكون أعمقَ وأكثر قيمةً ألف مرة». «رجال في الشمس» ومعاناة ثلاث رجال في الهروب خلال نكبة فلسطين "رجال في الشمس" هي الرواية الأولى للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، الرواية تصف تأثيرات النكبة سنة 1948 على الشعب الفلسطيني من خلال أربعة نماذج من أجيال مختلفة، تدور أحداث الرواية حول ثلاثة رجال من فلسطين يعيشون واقعاً صعباً مرّاً ويحاولون الهرب منه إلى مكانٍ أوسع. وتطورت أحداث الرواية عام 1958 عندما اتَّفق هؤلاء الرجال مع شخصٍ ليهرِّبهم من الحدود بين العراق والكويت، وبدأت معاناتهم منذ صعودهم بالشاحنة المخصصة لنقل المياه، إذ كان يوجد خزان كبيرٌ في مؤخرة الشاحنة، فكان الاتفاق مع السائق أن يختبؤوا في الخزان عند المرور بنقطة التفتيش، ويخرجوا بعدها من برد الأمل وسلامه إلى حرارة الشمس ولهيب شهر أغسطس.. ولكن ماذا سيحدث لهم وهل سيصلون إلى هدفهم أم للقدر رأي آخر؟. وجسد المخرج الكبير توفيق صالح هذه الرواية فى فيلمه الرائد "المخدوعون". ومن أجواء الرواية، نقرأ: نهض، واستند إلى الأرض بكوعيه وعاد ينظر إلى النهر الكبير كأنه لم يره قبل ذلك، إذن هذا هو شط العرب: "نهر كبير تسير فيه البواخر محملة بالتمر والقش كأنه شارع في وسط البلد تسير فيه السيارات" هكذا صاح ابنه، قيس، بسرعة حين سأله تلك الليلة: ما هو شط العرب؟.. كان يقصد أن يمتحنه، إلا أن قيس صاح الجواب بسرعة، وأردف قائلاً :لقد رأيتك تطل من شباك الصف اليوم.. «حرفة القتل» حكاية صحفي ومأساته حرب البلقان الأخيرة رواية "حرفة القتل" للأديب النمساوي "نوربرت جشتراين"، وترجمة سمير جريس، والتي صدرت في عام 2003، تتناول مأساة الصحفي «ألماير» الذي قام بتوثيق مأساة حرب البلقان في تقاريره الصحفية، وقضى نَحْبَه في تلك الحرب المشئومة، وقد جاءت هذه الرواية البديعة لتُقدِّم لنا تلك التقارير في قالبٍ أدبيٍّ بديع يجعلنا نَتبيَّن أن حِرفة الكتابة يمكنها أن تبعث الموتى إلى الحياة مرةً أخرى، وقد نالت هذه الرواية جائزة الأديب الألماني «أوفه يونسون» المرموقة فور صدورها. بهذه الرواية رسخ "نوربرت جشتراين" مكانته بين روائيي الصف الأول، ليس فقط في الأدب الألماني، بل في الأدب الأوروبي كله، فرواية حرفة القتل، هي رواية استطاعت ببراعة في رسم صور الحرب الحقيقة، ففيها كل مقومات الأدب من الحب والجنون والموت والخلاص، أشخاص الرواية تحفر طريقها في الذاكرة، بكل سهولة لكنها في الوقت ذاته مراوغة تستعصي على الإمساك بها، فلم يكتب أحد من قبل عن الأعمال القتالية بمثل هذه اللغة المتحضرة والمسالمة والمثيرة للتأمل كما فعل "جشتراين". ومن أجواء الرواية، نقرأ: «ليس هناك نهر لم يمتلئ بجثث القتلى.. ما من حظٍّ أتعسَ من أن تُلقي بك وظيفتُك في ساحة حرب! أن تستيقظ على هدير مُحرِّكات الدبابات، وتألف لون الدماء، وتسير في شوارع مفترشة بالجثث، وأنهار فَقدَت ملامحها، وعيون تائهة، ويُتْم يُولَد كل يوم، فتجد نفسك تَلعن عجزك عندما تصيح فيهم: أوقفوا القتل». ولكن لا أحد يسمعك سوى أوراقك التي تكون ملاذَك الأخير، تُسطِّر فيها كل ما جرى لعل ضمير العالَم يَتحرَّك وينتبه إلى تلك المأساة التي تُعلِن كل يوم عن موت الإنسان». "المسلخ رقم خمسة" وأثر الحروب واضطراب ما بعد الصدمة ونذهب إلى حرب أخرى خلفت وراءها أحد الأعمال الإبداعية الأخرى والتي تعتبر من أجمل الروايات التي تحدثت عن الحرب وهي رواية "المسلخ رقم 5".. العنف وفنتازيا الخيال العلمي في روايات الحرب العالمية الثانية ل"كورت فونيجت" وترجمة ودراسة صديق محمد جوهر، والصادرة عن دار صفصافة للنشر . في هذه الراوية يكشف لنا بطلها، بيلي بيلغريم، عن مأساة دريسدن، وعلى شكل لوحات متصلة وقد تشكل سرده من خلال الاضطرابات النفسية لما أصبح يسمى اضطراب ما بعد الصدمة بعد فترة طويلة من ظهور الرواية في عام 1969. نُشرت رواية "المسلخ رقم خمسة" أثناء حرب فيتنام، وقد أعجبت الكثير من المعارضين للحرب في ذلك الوقت، ولا يزال يباع منها أكثر من مئة ألف نسخة سنويا. كان "كورت فونيغوت" شاهدًا لما حدث في دريسدن، فقد كان محتجزا في أحد المسالخ مع آخرين من جنود الحلفاء الذين تم أسرهم أبان المعارك على أيدى الألمان.. وكان أسيرا في عاصمة ساكسونيا عندما تعرضت للقصف بالقنابل الحارقة في فبراير 1945، لقد نجا "فونيغوت" من المحرقة لسبب منطقي وهو أن المسلخ الذي أحتجز فيه كان مشيدا تحت الأرض وحتى يُجسم فونيغوت الفظائع التي نتجت عن قصف دريسدين بالقنابل الحارقة. فقد عمد إلى كتابة رواية تجلت فيها عبقريته على الصعيدين التقني والفكري من أجل أن يسبغ على كارثة "دريسدن" أبعادا غير مألوفة تجعل منها حادثا تفوق واقعها التاريخي وتند عنه . لقد دفع واقع الكاتب المشوش وصعوبة تشكيله إلى نبذ مواضعات الرواية التقليدية واعتماد الفنتازيا الخرافية بوصفها الوسيط الأنسب لتجسيد تجربته الفظيعة تعتبر الرواية من أوسع الروايات رواجا وشعبية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وتعزى شعبيتها لاعتمادها بقوة على رصيد روايات الخيال العلمي فالأسطورة المبتدعة تنفخ الروح في نص الرواية هي أسطورة السفر للفضاء ولأن كانت أجزاء الرواية المفعمة بالخيال العلمي تشبع حاجات القارئ للتحليق بالخيال العلمي فإن الأجزاء المتعلقة بالحرب العالمية الثانية تخلف في وجدانه انطباعا لا يزول من جراء ويلات الحرب وما صاحبها من فظائع . يقول: "إنه بالتأكيد كان من المفروض أن يكون وصف التجربة أمراً سهلاً، ذلك أن كل ما ينبغي لي فعله هو كتابة تقارير عما رأيته". لكن الكلمات خانته واستعصت عليه. كيف يمكن لفونيغت أن يصف مدينة التهمها "لهب واحد كبير"؟ كان الحل الذي توصل إليه في آخر الأمر هو استبدال بنية السرد العادية بخط متعرج مربك عبر الزمان والمكان".
خاتمة قد تنتهي الحروب في يوم ولكن آثارها تستمر أياماً وسنوات، وتظل المعاناة والاضطرابات بداخل النفس البشرية التي عاصرتها مهما مرَّ عليها من أحداث، فلا يوجد أبشع من مشاهد الدم والقتل والكر والفر والهجوم والهدم، ولنا عبرة في مشاهد غزة التي اختفت معالمها بعد الاعتداء الغاشم عليها منذ أكثر من عامين من قبل العدو الصهيوني فهو العدو الذى لا يزال يتصرف دون اكتراث بعد أن سلبهم أراضيهم وبيوتهم.. ويظل المفتاح معلقاً في صدور النساء حتى يعود الغائب إلى وطنه "فلسطين" ولا تزال الحرب مستمرة....