يشكل الاعتراف بدولة فلسطين خطوة سياسية وقانونية بالغة الأهمية، إذ انضمت في الآونة الأخيرة دول بارزة مثل المملكة المتحدة وفرنسا وأستراليا وكندا والبرتغال وبلجيكا ومالطا ولوكسمبورج وأندورا وموناكو إلى قائمة طويلة تضم أكثر من ثلاثة أرباع أعضاء الأممالمتحدة، ممن أعلنوا اعترافهم الرسمي بفلسطين، التزاماً بمبدأ حل الدولتين ومساعيهم لإحلال السلام في الشرق الأوسط. وبذلك، ارتفع عدد الدول التي تعترف بفلسطين إلى 159 دولة من أصل 193 عضواً في الأممالمتحدة، مع توقعات بانضمام مزيد من الدول خلال أعمال الدورة الحالية للجمعية العامة. ومن بين الدول التي اعترفت بفلسطين دول كبرى ذات ثقل سياسي واقتصادي مثل روسيا والصين وتركيا والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل وفنزويلا والسويد وبولندا والمكسيك والفاتيكان والنرويج وإيرلندا وإسبانيا وسلوفينيا، إضافة إلى الاعترافات الأخيرة من كندا وفرنسا والمملكة المتحدة وأستراليا. تجدر الإشارة إلى أن الجزائر كانت أول دولة تعترف بفلسطين في 15 نوفمبر 1988، بعد دقائق من إعلان الرئيس الراحل ياسر عرفات قيام الدولة الفلسطينية في العاصمة الجزائرية. وتلتها موجة واسعة من الاعترافات، ثم عادت موجة جديدة أواخر عام 2010 ومطلع 2011، وصولاً إلى الاعترافات الحالية التي منحت زخماً جديداً للقضية الفلسطينية. ورغم هذا التقدم، ما زال هناك نحو 35 دولة لا تعترف بفلسطين، أبرزها الولاياتالمتحدة وألمانيا وإيطاليا وكوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة ونيوزيلندا ومعظم دول أوقيانوسيا، إضافة إلى إسرائيل التي أعلن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو رفضه القاطع لقيام دولة فلسطينية، مؤكداً استمرار التوسع الاستيطاني. قانونياً، أوضح مساعد وزير الخارجية الفلسطيني السفير عمر عوض الله أن الاعتراف ليس خطوة رمزية بل عملية وملموسة لا رجعة عنها. فالاعتراف يشمل الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية الممثلة بمنظمة التحرير، وحدوده، وحقوقه، وحكومته. وعلى الصعيد الدبلوماسي، يتيح هذا الاعتراف تحويل الممثليات الفلسطينية إلى سفارات تتمتع بكامل الحقوق والحصانة، ما يعزز قدرة السفراء والدبلوماسيين على تمثيل فلسطين والدفاع عن حقوق شعبها. كما يفتح المجال لتفعيل القوانين المحلية في الدول المعترفة لملاحقة مرتكبي جرائم الحرب الإسرائيليين. وأضاف عوض الله أن فلسطين جاهزة لاستقبال سفارات الدول التي اعترفت بها، مع الطموح بأن تكون في القدسالشرقية باعتبارها العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية، وفي الوقت الراهن يمكن فتحها في رام الله بشكل مؤقت. كما بيّن أن الاعترافات ستسهم في تطوير العلاقات الاقتصادية مع هذه الدول ودعم الحكومة الفلسطينية مالياً، خصوصاً في ظل الضغوط والحصار المالي الذي تتعرض له. إلى جانب ذلك، ستساعد هذه الاعترافات فلسطين على تعزيز مؤسساتها وتطوير بنيتها التحتية، مستفيدة من خبرات الدول المعترفة في هذا المجال، الأمر الذي يرفع من مكانتها الدولية ويمكّنها من الضغط على الاحتلال لإنهاء سيطرته، بما يتماشى مع الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر عام 2024. وأكد السفير عوض الله أن هذه الخطوات ستدفع دولاً أخرى إلى الاعتراف قريباً، مشدداً على أن الجهد الفلسطيني مستمر لإقناع جميع دول العالم بالاعتراف بالدولة الفلسطينية باعتباره شرطاً أساسياً لتحقيق سلام عادل وشامل. كما أعرب عن أمله في أن تساهم المبادرة السعودية–الفرنسية الأخيرة في تعزيز هذا التوجه ودفع المجتمع الدولي قدماً نحو تنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار والأمن في المنطقة.