قال الكاتب والمحلل السياسي عمرو حسين، إن قمة الدوحة المقبلة ليست مجرد اجتماع روتيني للدول العربية، بل محطة حاسمة لاختبار صدقية الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية في ظل التطورات المتسارعة على الأرض، مضيفًا أن الظرف الحالي شديد الحساسية ويضع الدول العربية أمام استحقاق تاريخي: إما أن تنتقل من البيانات التقليدية إلى قرارات ملموسة، أو أن تخسر رصيدها الشعبي والسياسي. قطر ودورها في القضية الفلسطينية وأوضح حسين خلال تصريحات خاصة ل "البوابة نيوز"، أن قطر لعبت خلال السنوات الماضية دور الوسيط المركزي في معظم الملفات الحساسة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وأن هذا الدور لم يكن مجرد مبادرة دبلوماسية، بل أصبح أداة تأثير إقليمي حقيقية.
قمة الدوحة والتهديد بالانسحاب من دور الوساطة ورغم تزايد الضغوط على الدوحة وتنامي الانتقادات لدورها، يرى حسين أن إقدام قطر على إعلان تخليها عن الوساطة بالكامل في قمة الدوحة يظل احتمالاً ضعيفاً؛ فالدوحة تراكمت لديها خبرات واتصالات تجعلها رقماً صعباً في المعادلة الإقليمية والدولية، لكن في المقابل، قد تستخدم قطر ورقة التهديد بالانسحاب أو تعليق الوساطة كإشارة ضغط على القوى الدولية أو إسرائيل لدفعها إلى تنازلات أو لتغيير سلوكها الميداني. وأشار إلى أن الخيارات المطروحة أمام القمة يمكن قراءتها في ثلاثة مسارات رئيسية: المسار الأول (قرارات عملية حقيقية) وهو السيناريو الذي يطالب به الشارع العربي؛ أن تتخذ القمة قرارات مباشرة ضد إسرائيل مثل تخفيض العلاقات الدبلوماسية، مراجعة اتفاقيات التعاون، أو حتى خطوات اقتصادية مؤثرة، وهذا المسار سيعيد الثقة بالمؤسسات العربية ويعطي رسالة بأن العرب جادون في حماية مصالحهم وحقوق الشعب الفلسطيني. واستكمل ، "حسين" أن المسار الثاني (تشدد سياسي ودبلوماسي)، وهو أن تصدر القمة بياناً شديد اللهجة يتضمن إجراءات جماعية مثل تحرك موحّد في مجلس الأمن والمحافل الدولية، وتفعيل الدعم المالي والسياسي للسلطة الفلسطينية وللجهود الإنسانية في غزة، لكن دون الوصول إلى حد القطيعة أو العقوبات المباشرة.
المسار الثالث وأوضح، أن المسار الثالث (استمرار الوضع التقليدي) وهو الاكتفاء بالخطابات والبيانات الرمزية، ما سيعني استمرار الوضع الراهن ويؤدي إلى خيبة أمل كبيرة لدى الرأي العام العربي ويضعف الموقف التفاوضي للدول العربية على المدى الطويل. وأضاف "حسين"، أن قمة الدوحة قد تشهد أيضاً إعادة رسم دور الوساطة القطرية عبر توسيعها لتشمل أطرافاً عربية جديدة أو إشراك مؤسسات إقليمية، وهو ما قد يخفف الضغط عن الدوحة ويمنح الجهود العربية زخما أكبر. واختتم تصريحه قائلا: «إن قمة الدوحة المقبلة اختبار حقيقي للإرادة العربية: هل سنرى تحولاً من رد الفعل إلى الفعل، ومن الخطاب إلى السياسات، أم سيظل الوضع على حاله؟ الشارع العربي والعالم بأسره يراقبان النجاح لن يكون في البيان الختامي وحده، بل في الخطوات العملية التي ستعقب القمة، وهي وحدها القادرة على تغيير قواعد اللعبة وإعادة التوازن للقضية الفلسطينية على المستويين "الإقليمي والدولى".