فى وقت تتواصل فيه المجازر بحق المدنيين فى قطاع غزة، وتشتد الانتقادات الدولية لانتهاكات الاحتلال، تشهد الساحة الدبلوماسية الدولية تحولا لافتا إذ تتسع رقعة الدول المعترفة بدولة فلسطين، فيما تواجه إسرائيل عزلة سياسية غير مسبوقة، بعد أن ظلت لعقود تستند إلى تحالفات غربية قوية. بلجيكا تنضم إلى موجة الاعترافات أعلنت بلجيكا رسميا انضمامها إلى قائمة الدول التى ستعترف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر، فى خطوة وصفت بأنها تصعيد دبلوماسى ضد إسرائيل، التى تواجه اليوم ضغوطا دولية متزايدة بسبب عدوانها المتواصل على غزة، وسياستها القائمة على الحصار والتجويع والتهجير. وبانضمامها، تلتحق بلجيكا بكل من إسبانيا، وإيرلندا، والنرويج، وفرنسا، وبريطانيا، وكندا، وأستراليا، فى حراك دبلوماسى متسارع يعيد ملف الدولة الفلسطينية إلى واجهة السياسة الدولية، وسط تصاعد المطالبات بإنهاء الاحتلال، وتفعيل حل الدولتين. مبادرة مشتركة تقودها فرنسا والسعودية ووفقًا لبيان الخارجية البلجيكية، فإن هذه الخطوة تأتى ضمن مبادرة دبلوماسية مشتركة تقودها فرنسا والسعودية، تستهدف إعادة إحياء مسار «حل الدولتين»، ووقف التوسع الاستيطانى الإسرائيلى الذى يعتبر أبرز العقبات أمام أى تسوية عادلة وشاملة. بلجيكا لم تكتف بالاعتراف، بل أعلنت أيضا عن 12 إجراء عقابيا ضد إسرائيل، من بينها حظر استيراد منتجات المستوطنات غير الشرعية، ومراجعة العقود والصفقات الحكومية مع الشركات الإسرائيلية، وتجميد التمويل المخصص للبحث العلمى فى إسرائيل. تمثل هذه التطورات تحولا جوهريا فى المزاج السياسى الأوروبي، فبعد سنوات من الحذر والمواقف الرمادية، بدأت العواصم الأوروبية تتجه إلى مواقف أكثر وضوحا وحزما فى مواجهة السياسات الإسرائيلية، حتى المفوضية الأوروبية اقترحت مؤخرا تعليق برنامج الشراكة مع إسرائيل، فى إشارة إلى أن أدوات الضغط لم تعد تقتصر على التصريحات، بل بدأت تأخذ طابعًا اقتصاديًا وسياسيًا مباشرًا. إجهاض أمريكى ورغم أن الاعترافات الفردية لا تمنح فلسطين عضوية كاملة فى الأممالمتحدة، فإنها تعد تراكما سياسيا قويا يمكن استخدامه للضغط على مجلس الأمن فى محاولة جديدة للحصول على العضوية الكاملة. ورغم ذلك، نجحت فلسطين فى حصد اعتراف 149 دولة من أصل 193 عضوا بالأممالمتحدة، ما يعكس حجم الدعم العالمى المتزايد لحقوق الشعب الفلسطيني. ويتطلب ذلك موافقة 9 أعضاء من أصل 15 فى مجلس الأمن، مع عدم استخدام أى من الدول دائمة العضوية لحق النقض «الفيتو»، ورغم دعم واسع لمشروع عضوية فلسطين، فإن الفيتو الأمريكى يبقى العائق الأكبر حتى الآن وهو ما يثير استياء دوليا متزايدا. وذكرت تقارير دبلوماسية أن واشنطن تعتزم منع الرئيس الفلسطينى محمود عباس من حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يظهر تناقضا صارخا فى سياسات الإدارة الأمريكية، التى تعلن دعم "حل الدولتين"، بينما تعيق خطواته الفعلية. حراك مصري فى المقابل؛ تواصل مصر دورها المحورى فى دعم الدولة الفلسطينية، سياسيا وإنسانيا. فإلى جانب قيادتها لجهود التهدئة فى غزة، تؤيد مصر الاعتراف الدولى بفلسطين كخطوة ضرورية لتحقيق العدالة، وإنهاء الاحتلال، وتحقيق السلام الشامل. وتحذر القاهرة من أن سياسات الاحتلال الحالية- من تهجير قسرى وتدمير للمنازل ومنع دخول المساعدات- تشكل كارثة إنسانية غير مسبوقة، تستدعى موقفا دوليا حاسما. عزلة إسرائيل ومع تصاعد المجازر فى غزة، واستمرار الحصار، وتهديد حياة الملايين، تواجه إسرائيل عزلة دولية متزايدة، لم تكن بهذا الشكل من قبل، فيما يتوسع الاعتراف الدولى بفلسطين، وتتصاعد الضغوط الحقوقية والسياسية على الحكومات لاتخاذ مواقف أكثر وضوحًا. وفى ظل هذا المشهد، يرى مراقبون أن الاعترافات الدولية الأخيرة تمثل نقطة تحول تاريخية فى الصراع، وقد تكون المدخل الحقيقى لإعادة صياغة المسار السياسي، وصولًا إلى إعلان دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدسالشرقية.