رأى الكاتب الصحفي الأمريكي ماكس بوت أن محادثات السلام المتعلقة بالحرب في أوكرانيا ما هي إلا أداة لإدامة القتال، لا لإنهائه. واجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعدد من القادة الأوروبيين ليس سوى أحدث حلقة في سلسلة الجهود العقيمة المتعلقة بالملف الأوكراني. وأوضح بوت- في مقال رأي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية- أن التحركات الدبلوماسية المكثفة خلال الأسبوعين الماضيين، بدءًا من لقاء المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، مرورًا بقمة بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ألاسكا، ووصولًا إلى اجتماعات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعدد من القادة الأوروبيين مع ترامب في البيت الأبيض، أوحت للوهلة الأولى بأن السلام بات قريبًا، غير أن الواقع يثبت عكس ذلك. وقال بوت إن المشهد تحوّل إلى لعبة إلقاء مسؤولية الفشل: إذ يسعى بوتين لإقناع ترامب بأن زيلينسكي هو العقبة أمام نجاح المحادثات، بينما يحاول زيلينسكي والقادة الأوروبيون إقناع ترامب بأن بوتين هو المعرقل الحقيقي – وهو ما يراه الكاتب صحيحًا. وأشار المقال إلى أن الحديث عن "تنازلات"روسية ليس سوى وهم؛ فالمطالب الروسية ما زالت على حالها منذ بداية النزاع، وتشمل انسحاب الجيش الأوكراني من مناطق دونيتسك ولوهانسك وخيرسون وزابوريجيا ووقف إمدادات السلاح الغربي وتقليص حجم القوات المسلحة الأوكرانية. وما اعتُبر "تراجعًا" من موسكو لم يتجاوز الاستغناء عن المطالبة بخيرسون وزابوريجيا مقابل تسليم أوكرانيا إقليم دونباس بأكمله. ولفت بوت إلى أن ترامب – في لقائه مع بوتين – تراجع عن مطلبه السابق بوقف فوري لإطلاق النار، وأبدى استعدادًا لتأييد تسليم أوكرانيا دونيتسك مقابل "ضمانات مكتوبة" من بوتين بعدم شن حرب جديدة، وهو ما وصفه الكاتب بأنه غير قابل للتصديق. وأضاف أن القادة الأوروبيين سعوا لإقناع ترامب بعدم الوقوع في "خدع" بوتين، مطالبين بضمانات أمنية حقيقية لأوكرانيا. لكن ترامب اكتفى بحديث مبهم عن "تنسيق" أوروبي – أمريكي، وهو ما اعتبره الكاتب بلا قيمة رادعة، مؤكدًا أن الضمان الفعلي لا يكون إلا عبر التزامات مكتوبة من الكونجرس الأمريكي ودعم عسكري مباشر. وشدد بوت على أن حصيلة الاجتماعات كانت محدودة للغاية، مشيرًا إلى أن بوتين لم يوافق حتى الآن على لقاء زيلينسكي منذ 2019، وأن المفاوضات السابقة بين الجانبين لم تسفر سوى عن تبادل للأسرى. وختم الكاتب مقاله بالقول إن الحكم على نوايا بوتين يجب أن يستند إلى أفعاله لا أقواله؛ ففي الوقت الذي كانت تُعقد فيه الاجتماعات، شنت القوات الروسية هجمات أوقعت 14 قتيلًا بينهم طفلان في خاركيف، أعقبها أكبر هجوم صاروخي ومسير خلال الشهر. ويرى بوت أن استبعاد ترامب لفرض عقوبات إضافية على موسكو يمنح بوتين متنفسًا لمواصلة حربه، لتصبح محادثات السلام الحالية – بحسب تعبيره – "أداة لإدامة القتال لا لإنهائه".