تشهد الجزائر اليوم الخميس انتخابات رئاسية يتحدد على إثرها اسم ساكن قصر المرادية المنتظر، فهل سيحتفظ الرئيس المنتهية ولايته عبدالعزيز بوتفليقة بمفاتحه لولاية رئاسية رابعة، أم يكن لنحو 23 مليون ناخب، رأي آخر أمام صناديق الاقتراع؟ وينتظر 6 متنافسين نحو مقعد الرئيس التاسع للجمهورية الجزائرية، كلمة الفصل من الناخبين اليوم، وهم عبدالعزيز بوتفليقة، وعلي بن فليس (رئيس الحكومة الأسبق)، ولويزة حنون (الأمين العام لحزب العمال)، وموسى تواتي (رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية)، وجهيد يونسي (أمين عام حركة الإصلاح)، وعلي رباعين (رئيس حزب العهد). وكان 11 مرشحًا قد أودعوا ملفات ترشحهم لدى المجلس الدستوري خلال شهر فبراير الماضي من بينهم عدد من المستقلين، ثم أعلن بوتفليقة عن ترشحه رسميا بصفته مرشحا مستقلا بعد مصادقة البرلمان الجزائري على تعديل دستوري فتح سقف عدد مرات الترشح للرئاسة لأكثر من فترتين. وبدأ التصويت في انتخابات الرئاسة الجزائرية فعليا يوم 12 أبريل الماضي مع تصويت الجزائريين في الخارج ولمدة خمسة أيام تنتهي الخميس المقبل، بإجمالي نحو مليون ناخب منهم قرابة 800 ألف في فرنسا وحدها. وتداول على الحكم في الجزائر منذ استقلالها عام 1962 ثمانية رؤساء بين مؤقت ومنتخب بداية بالرئيس الراحل أحمد بن بلة الذي وصل الحكم في سبتمبر 1962 كأول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة، وتم إسقاطه في انقلاب عسكري في 19 يونيو 1965 من قبل وزير دفاعه هواري بومدين الذي حكم البلاد حتى 27 ديسمبر 1978. وعادت الرئاسة في الجزائر بعد وفاة الراحل بومدين إلى رئيس البرلمان رابح بيطاط بشكل مؤقت حتى 9 فبراير1979، حينما اختير الشاذلي بن جديد ليحكم البلاد حتى 11 يناير1992. وخلف بن جديد في الرئاسة محمد بوضياف في 16 يناير 1992 حتى 29 يونيو 1992 حينما اغتيل في مدينة عنابة شرق الجزائر خلال إلقائه خطابا أمام مسئولين، ليستعين المجلس الأعلى للدولة، الذي كان يسير البلاد بعلي كافي لقيادة البلاد في 2 يوليو 1992 حتى 31 يناير 1994، حتى أسندت الرئاسة إلى اليامين زروال، لحكم البلاد، حيث مكث في الحكم حتى نهاية 1998 ولمدة لم تتجاوز الأربع سنوات ليعلن استقالته وتنظم انتخابات رئاسية مبكرة، وصل من خلالها الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم في 27 أبريل 1999. وشهدت الأيام الأخيرة قبل فتح مراكز الاقتراع لانتخابات اليوم سجالا حادا بين قطبي المعركة الانتخابية في البلاد بوتفليقة - ابن فليس، فالرئيس المنتهية ولايته اتهم منافسه علي بن فليس، بالتحريض على العنف خلال الحملة للانتخابات الرئاسية، واعتبر بيان لحملة الرئيس الجزائري أن منافسه يسعى إلى ترهيب الجماهير المؤيدة للولاية الرابعة له. وسارع ابن فليس إلى الرد معتبرًا أن مطلقي هذه الاتهامات يبرهنون عما أسماه ذعرا يدب فيهم ويجعلهم يطلقون الأكاذيب ويمارسون التضليل. أما بقية المرشحين فكانت شعارات وحدة الأرض الجزائرية واستمرار مسيرة ثورة التحرير، هما أبرز ما رفعوه خلال جولاتهم الانتخابية، حيث عبرت المرشحة لويزة حنون،عن رفضها لمنصب رئيس الجمهورية إذا كان على حساب وحدة الجزائر، مشيرة إلى أنها تقبل إذا انتخبت أن تكون رئيسة لكل الجزائريين وليس رئيسة لمنطقة معينة. أما موسى تواتي فطالب بضرورة وضع الجزائر فوق كل اعتبار وفوق الجميع وفوق المصالح الحزبية وحمايتها من بعض الأطراف المعروفة بعدائها للجزائر والوفاء لشهداء الثورة التحريرية الذين ضحوا من أجل أن يعيش الجزائريون في كنف الحرية والاستقلال والكرامة. في حين ركز المرشح جهيد يونسي في حملته على تأصيل فكرة التعددية الحزبية وقبول الرأي الآخر، أما علي رباعين رئيس حزب العهد فشدد على ضرورة القضاء على الفساد ومنح اهتمام أكبر للولايات من أجل تطويرها. ويتبقى للرئيس المقبل أيا كان اسمه أن يعالج وبسرعة الملف الاقتصادي الملتهب في الجزائر، ولا أدل على ذلك من الزيارة الأخيرة لبعثة صندوق النقد الدولي للبلاد والتي حذرت من خطر ارتفاع مستوى الدين العام على المدى الطويل وضرورة اتخاذ إجراءات تضمن ضبط الإيرادات لتغطية أي عجز مسجل في الميزانية. وكان رئيس بعثة صندوق النقد دعا أثناء زيارته للجزائر سلطات البلاد إلى ترشيد الإنفاق وتقليص الاعتماد على الإيرادات النفطية، موضحا أن مواصلة الجزائر الإنفاق العمومي بالوتيرة الراهنة قد يرفع حجم المديونية إلى ما يعادل 100% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2050. ورغم اعتراف ممثل الصندوق بأن الجزائر حققت نتائج اقتصادية إيجابية في السنة الماضية تمثل في تقليص نسبة التضخم إلى 4% في 2013 وجهودها لضبط الميزانية، توقع تسجيل تباطؤ في نسبة النمو ليبلغ 2.7% مقابل 3.3% سنة 2012. كما أشار إلى وجود مؤشرات ضعف في الاقتصاد الجزائري، بعد تسجيل عجز في الحساب الجاري بنسبة 1.1%، بسبب انخفاض إنتاج قطاع المحروقات، وارتفاع نسبة الاستهلاك المحلي للطاقة، وهو ما دعا المؤسسة المالية الدولية الحكومة الجزائرية إلى اتخاذ تدابير استعجالية لتطوير قطاع المحروقات وتنويع مداخيل الاقتصاد. إلى جانب ذلك يتبقى الأمن ومكافحة الإرهاب في جنوب البلاد الشغل الشاغل للناخب الجزائري المدعو للتصويت اليوم.