في مشهد مهيب طغت عليه الدموع والصلوات، ألقى غبطة البطريرك يوحنا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، كلمة مؤثرة ارتجلها خلال جنازة شهداء التفجير الذي استهدف كنيسة مار إلياس في دويلعة – دمشق، مؤكدًا أن ما جرى "مجزرة" بكل ما للكلمة من معنى، وداعيًا إلى تحمل الدولة لمسؤولياتها كاملة تجاه شعبها. الشهداء أبناء القيامة... ومجزرة في قلب الكنيسة
استهل البطريرك كلمته بالقول: "طويت كلمتي التي كنت أعددتها لأن جثامين أحبتنا الشهداء تجعلني أخاطبكم ارتجالياً." وأضاف أن هؤلاء الشهداء ارتقوا إلى الحياة الخالدة في يوم يخلد فيه المجمع الأنطاكي ذكرى القديسين الأنطاكيين، ما يجعل استشهادهم حدثًا له دلالة روحية كبرى. واعتبر أن الجريمة، التي أودت بحياة 22 شهيدًا وجرحت أكثر من 50 شخصًا، ليست اعتداءً على فرد بل على كل سوريا، وعلى الوجود المسيحي فيها. صرخة ألم وتحذير من الفتنة في رسالته إلى السوريين بمختلف طوائفهم، شدد البطريرك يوحنا العاشر على التمسك بالوحدة الوطنية، محذرًا من الانجرار إلى الفتنة الطائفية، قائلاً: "نحن كمسيحيين فوق كل هذه الأحداث. ولا نجعل من أمر كهذه الجريمة النكراء سبباً لإشعال فتنة وطنية أو طائفية، لا سمح الله." كما كشف عن تضامن واسع من بطاركة ورؤساء كنائس وسياسيين من العالم أجمع، ومن مسلمين داخل سوريا وخارجها. رسالة صريحة إلى الرئيس والحكومة: "الشعب جائع... ولا نريد تعزية هاتفية" وجّه البطريرك رسالة مباشرة إلى الرئيس السوري قائلاً: "نأسف، سيادة الرئيس، أننا لم نرَ واحداً من المسؤولين في الحكومة عدا السيدة هند قبوات في موقع الجريمة." وانتقد تجاهل بعض المسؤولين لما حدث، وأضاف: "الشعب جائع. الناس تأتي وتدق باب كنائسنا وتطلب ثمن ربطة خبز." ودعا إلى إعلان يوم الجريمة يوم حداد رسمي، قائلاً بمرارة: "أراه جميلاً أن تعلنوا هذا اليوم يوم حدادٍ على الحكومة."
دعوة لتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين طالب البطريرك بمعرفة من يقف وراء هذه الجريمة النكراء، لكنه شدد أن الأهم من ذلك هو أن تتحمل الحكومة كامل مسؤوليتها. "ما يريده شعبنا هو الأمن والسلام. وأولى مهام الحكومة تأمين الأمان لكافة المواطنين دون استثناء ودون تمييز." بطولة الشهداء... ووصية الرجاء
استذكر البطريرك لحظة وقوع التفجير، وذكر أن ثلاثة من الشهداء، وهم جريس وبشارة وبطرس، تصدوا للمجرم المهاجم بأجسادهم، لحماية من كان داخل الكنيسة، مضيفًا: "صاروا أشلاء ليحموا، على ما قيل لي، 250 شخصاً كانوا في الكنيسة." وختم كلمته بتأكيد الإيمان والرجاء: "نحن لا نخاف ونتابع المسيرة... صلواتنا من أجل شهدائنا ونطلب صلواتهم من حيث هم في النور الإلهي." "أنا في وسطها فلن تتزعزع" بهذه العبارة الإنجيلية ختم غبطته كلمته، مؤكدًا أن الكنيسة باقية، والشهادة علامة انتصار وليست هزيمة.