بعد 12 يومًا من التصعيد العسكري الحاد بين إيران وإسرائيل، تقف المنطقة على أعتاب منعطف استراتيجي جديد، تحركت فيه واشنطن بخطى محسوبة نحو "إعادة ضبط" التوازن، عبر توجيه ضربات نوعية للمنشآت النووية الإيرانية، أعقبها إعلان وقف إطلاق نار شامل، وسط وعود بمستقبل اقتصادي مزدهر إذا ما التزمت طهران بخيار السلام. نجاح الضربة.. ونهاية البرنامج النووي؟ صرّح نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس بأن العملية العسكرية الأمريكية التي استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية كانت "ناجحة للغاية" وأدّت إلى تدمير فعلي للقدرة الإيرانية على تخصيب اليورانيوم وتحويله إلى سلاح نووي. فانس شدد على أن هذه الضربات، التي وُصفت بأنها الأضخم منذ عقود، جاءت بعد استنفاد المسار الدبلوماسي، مؤكدًا أن إدارة ترامب كانت حريصة على تجنب المواجهة، لكنها تصرفت عندما استشعرت "فشل الدبلوماسية". الهجوم المضاد الإيراني.. تكتيك لا تصعيد في رد محسوب على تلك الضربات، قصفت إيران قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر ب14 صاروخاً، لكن اللافت أن طهران أبلغت واشنطن مسبقاً، ما أتاح تفادي وقوع خسائر بشرية. هذه الرسالة المزدوجة – الرد دون تصعيد – فسّرها فانس بأنها "رمزية"، تدل على رغبة إيران في إنهاء القتال، لا توسيعه. الاتفاق على وقف إطلاق النار.. نهاية الحرب أم بداية تفاهم؟ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن لاحقاً عن اتفاق "شامل وكامل" لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، واصفاً اللحظة بأنها إيذان ب"نهاية حرب الأيام ال12"، وسط تفاؤل أمريكي بأن المرحلة القادمة قد تشهد انفتاحاً اقتصادياً غير مسبوق في المنطقة، إذا اختارت إيران طريق "الحكمة"، كما وصفها فانس. رسائل واشنطن.. تفكيك البرنامج النووي أولاً فانس أكد أن واشنطن لا تزال ترفض امتلاك إيران لأي قدرة نووية، معتبراً أن الرسالة الأهم لطهران هي أن الولاياتالمتحدة تستطيع تدمير أي قدرة نووية في أي وقت، حتى من مسافات بعيدة مثل ولاية ميزوري، وهو ما عبّر عنه بتصريح رمزي: "قنابلنا أكبر من صواريخهم... وحققت الهدف". وفي معرض رده على احتمالات امتلاك إيران لمخزون يورانيوم مخصب بنسبة 60%، أوضح فانس أن الخطر لا يكمن فقط في المخزون، بل في القدرة على رفع النسبة إلى 90% وتحويلها إلى سلاح، وهي القدرات التي "تم تحييدها"، وفق تقديره. هل هناك فرصة حقيقية للحوار؟ نائب الرئيس الأمريكي أكد أن الإدارة منفتحة على حوار مباشر مع إيران، وأنه "إذا تصرفت طهران بحكمة"، فإن باب السلام والازدهار سيكون مفتوحًا. كما أشار إلى أن ترامب لا يسعى إلى تغيير النظام في إيران، بل إلى "ضمان الأمن القومي الأمريكي وتدمير القدرات النووية الإيرانية". الشرق الأوسط الجديد.. واقع أم أوهام؟ الرؤية الأمريكية تتجاوز حدود إيران وإسرائيل، ففانس تحدث عن "فرصة تاريخية" لإعادة بناء المنطقة اقتصادياً، وخصوصاً عبر التحالفات الخليجية والتقنيات الحديثة، كالذكاء الاصطناعي، والاستثمار في مستقبل إقليمي مشترك. لكن، هذا "الشرق الأوسط الجديد" يبقى رهناً بقرار إيراني جوهري: هل تقرر طهران العودة إلى التخصيب سراً؟ أم تختار التفاوض والانفتاح مقابل رفع الضغوط والعقوبات؟ وهل ستثق قوى الإقليم الأخرى في صلابة هذا الاتفاق بعد حرب خاطفة؟