في أحد أركان الريف المصري المغمور برائحة التراب النقي وعطر العلف الدافئ، يقف رجل بسيط الوجه، عميق الإيمان، عزيز النفس، يُدعى الحاج سامح صباح، صاحب مزرعة لتربية العجول والأبقار والجاموس، يتحدث وكأن كلماته من ذهب، يقول: "الرزق رزق ربنا، واللي بتكون لله مبتروحش.. عندنا في كل عنبر عجل بنسميه لأهل الله، مخصصينه لله، ومش بنبيعه، وده اللي بيزود البركة في الباقي، ويوصل وزنه أوقات ل750 كيلو، بس عمره ما بيطلع من المزرعة، بيبقى لوجه الله الكريم". العجول البلدي تضم المزرعة عشرات الرؤوس من الماشية بأنواعها المختلفة، من العجول البلدي التي وُلدت وتربّت في المكان ذاته، إلى العجول المستوردة البرازيلية والفرنسية المعروفة بسرعة التسمين وكثرة الإنتاج، ومرورًا بأنواع الجاموس البلدي ذات اللون الداكن والحليب الغزير، وحتى الخرفان البلدية والهجين التي يحبها كثيرون في الأضاحي. ويتميز البقر البلدي بقوة تحمّله وسهولة التكيّف مع البيئة، أما المستورد الفرنسي والبرازيلي فغالبًا ما يكون مرغوبًا بسبب حجم العضلات الكبير، وسرعة نموه في فترات قصيرة، ويُفضل البعض لحوم الجاموس لما فيها من مذاق غني ومحتوى بروتيني مرتفع. ولا يكتفي الحاج سامح بالرعاية الصحية والتغذية الجيدة للحيوانات، بل يولي اهتمامًا بالغًا ب النظافة والتهوية داخل المزرعة، فيقول: "الزبون أول ما يدخل لازم يشم ريحة مقبولة، ويحس إنه في مكان نضيف.. لو المكان ريحته مش كويسة أو شكله وحش، حتى لو اللحمة نظيفة، الزبون هينفر، والنظافة جزء من احترامنا للشغلانة واحترامنا للناس".
أسعار العجول وأوضح أن أسعار العجول تبدأ من 75 ألف جنيه، وقد تصل إلى 130 ألفًا حسب النوع والوزن والصحة، بينما سعر الكيلو الصاحي يتراوح ما بين 180 و185 جنيهًا، والخرفان ما بين 220 و240 جنيهًا للكيلو الصاحي. أما عن الأوزان، فالعجول تُباع عادةً من وزن 350 كيلو حتى 800 كيلو، ويُفضّل الناس المشاركة في العجول الكبيرة لتوزيع السعر واللحم. يضيف الحاج سامح: "في العيد بييجوا الناس يشاركوا في عجل واحد، سبعة أفراد، وكل واحد بيطلع له 40 أو 50 كيلو لحم صافي، وبيبقى فرحان إنه ذبح وضحّى، واتبّع سنة النبي عليه الصلاة والسلام"، مشيرًا إلى أن المزرعة لا تترك العناية للحظ أو الصدفة، فكل 15 يومًا يُوزن العجل، ويُتابع حالته الصحية مع طبيب بيطري مختص، وتُستخدم 16 نوعًا مختلفًا من العلف تُخلط بعناية، لضمان النمو السليم وسرعة التسمين، منها الفول، والدشيشة، والعلف الأخضر المجفف، وتُقدم بكميات متوازنة. البركة في النية ينهي الحاج سامح كلامه بابتسامة راضية: "البركة مش في البيع بس.. البركة في النية، في عجل لأهل الله، وفي الراحة اللي بتخلي الزبون يرجعلك كل سنة، والأهم إننا نفضل دايمًا بنحب شغلنا ونعمل فيه بضمير.. علشان الرزق مش بس فلوس، الرزق كمان رضا الناس ودعوة طيبة بعد الذبح".