في فجر يوم دامٍ جديد من أيام الحرب على غزة، تحولت مدرسة تؤوي مئات النازحين في حي الدرج بمدينة غزة إلى مسرح لجريمة مروعة، بعدما استهدفتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي، مخلفة مجزرة بشرية راح ضحيتها 25 شهيداً على الأقل، غالبيتهم من الأطفال، إلى جانب أكثر من ستين جريحاً، بحسب ما أفادت به طواقم الدفاع المدني في القطاع. المجزرة التي وقعت في مدرسة "فهمي الجرجاوي"، كشفت مجدداً عن الكلفة الإنسانية الباهظة للتصعيد الإسرائيلي المتواصل، حيث استُهدفت غرف مليئة بالنازحين بشكل مباشر، ما أدى إلى اشتعال النيران داخلها واحتراق من كان بداخلها. الدفاع المدني، الذي يعاني من نقص حاد في المعدات، وجد نفسه عاجزًا أمام أنقاض مشتعلة وجثث متفحمة، ومصابين يكافحون للبقاء. مأساة فلسطينية المشاهد التي توثّق اللحظات الأولى للهجوم، أظهرت طفلة تحاول الفرار من النيران، بينما رجال الإطفاء ينتشلون الجثث من بين الأنقاض، في تكرار لمشهد يختزل عمق المأساة التي تعيشها غزة. جثث النساء والأطفال نُقلت إلى مستشفيي الشفاء والمعمداني، وسط نداءات استغاثة من الفرق الطبية والدفاع المدني لعدم قدرتهم على مواكبة حجم الكارثة. الغارة تأتي في سياق تصعيد عسكري بدأته إسرائيل في مطلع مايو، بزعم القضاء على البنية العسكرية والإدارية لحركة حماس واستعادة الرهائن، لكنها فعلياً تحولت إلى عمليات ميدانية واسعة طالت المدنيين والبنية التحتية، ضمن سياسة تدميرية ممنهجة تستهدف خنق القطاع وإخضاعه بالكامل. رغم الضغوط الدولية المتصاعدة، والتحذيرات الأممية من مجاعة وشيكة تهدد أرواح مئات الآلاف، فإن القيادة الإسرائيلية لا تزال تمضي قدمًا في إستراتيجيتها العسكرية. وأعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صراحة الأسبوع الماضي أن "إسرائيل تسيطر على قطاع غزة بأكمله"، وهو ما ترجمته القوات الإسرائيلية بالفعل عبر السيطرة العسكرية أو النارية على أكثر من 77% من مساحة القطاع.