ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن نتيجة الانتخابات الأمريكية لها أهمية كبيرة بالنسبة للشرق الأوسط، وهى فى المقام الأول فوز لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الذى لم يحاول إخفاء تفضيله لفوز دونالد ترامب. وأشارت "الجارديان" إلى أن إدارة بايدن كانت قد أرجأت فرض أى ضغوط ذات مغزى على رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى ما بعد الانتخابات، رغم إحباطها المتزايد تجاهه بشأن قضايا متعددة: "عرقلة المساعدات إلى غزة، وحملته ضد الأممالمتحدة، وعرقلته لاتفاق الرهائن مقابل السلام، ودعم حكومته للمستوطنين العنيفين فى الضفة الغربية". إن النفوذ الذى كان الديمقراطيون التقدميون يتوسلونه إلى جو بايدن طوال الأشهر الثلاثة عشر من الصراع فى غزة هو النفوذ الذى كان يستغله. لقد ساهم الغضب إزاء القنابل الأمريكية المستخدمة لتدمير غزة، فى ميشيغان، موطن أكبر تجمع للأمريكيين العرب فى الولاياتالمتحدة، وفى أماكن أخرى فى هزيمة كامالا هاريس. والآن، حتى لو كان النفوذ الأمريكى الساحق فى المنطقة ليُطلق العنان له أخيرا، فسوف يكون الأوان قد فات لإحداث أى تأثير ذى مغزى. فى الشهر الماضي، كتب وزير الخارجية أنتونى بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن إلى الحكومة الإسرائيلية تفاصيل عن عرقلة المساعدات الإنسانية المقدمة إلى غزة وتحدى جهودها لإغلاق وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا". وقد منحت الرسالة إسرائيل مهلة 30 يومًا، حتى بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لتغيير مسارها أو مواجهة قيود بموجب القانون الأمريكى على توريد الأسلحة الأمريكي، وتنتهى المهلة فى الثانى عشر من نوفمبر 2024، وعند هذه النقطة قد تقيد الولاياتالمتحدة تدفق الأسلحة عندما لا يكون هناك أى خطر انتخابي. ولكن فى ظل نتيجة الانتخابات الأمريكية، لن يكون لها تأثير يذكر على حكومة نتنياهو. ويمكنه ببساطة انتظار تنصيب ترامب فى العشرين من نوفمبر. هل تواجه الأممالمتحدة وجهود الإغاثة فى المنطقة أزمة تمويل؟ وأضافت "الجارديان" أنه من المؤكد أن الإدارة القادمة لن تدافع عن الأونروا، فقد قطع ترامب التمويل الأمريكى عن الوكالة فى عام 2018 ولم يستأنفه بايدن إلا بعد ثلاث سنوات. ومن المحتمل أن تواجه الأممالمتحدة وجهود الإغاثة فى المنطقة أزمة تمويل. كما أن عودة ترامب إلى السلطة تزيل حاجزًا كبيرًا أمام سيطرة إسرائيل الكاملة وضمها المحتمل لجزء على الأقل من غزة والضفة الغربية. وقد أظهر الرئيس القادم أنه غير مثقل بثقل القانون الدولى وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عندما يتعلق الأمر بالأراضي. وقد اعترفت إدارته بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان فى عام 2019. من الذى سيقود سياسة الشرق الأوسط فى إدارة ترامب؟ من غير الواضح من الذى سيقود سياسة الشرق الأوسط فى إدارة ترامب الجديدة، ولكن فى المجموعة المحيطة بالرئيس المنتخب هناك مؤيدون بارزون لحركة الاستيطان؛ مثل صهره جاريد كوشنر، الذى تحدث عن إمكانات العقارات فى "العقارات الواقعة على الواجهة البحرية " فى غزة. وكذا السفير السابق فى إسرائيل ديفيد فريدمان، الذى قدم طلبا للحصول على وظيفة جديدة فى الإدارة القادمة فى شكل كتاب يمجد حق إسرائيل الملهم من الله فى الاستيلاء على الضفة الغربية. وربما يكون الدعم الذى حصل عليه الجناح المؤيد لضم الأراضى فى أقصى اليمين الإسرائيلى هو النتيجة الأكثر إلحاحًا وأهمية لفوز ترامب فى الشرق الأوسط، وذلك بسبب قدرته على إعادة رسم الخريطة. عودة ترامب وموقف نتنياهو وأضافت "الجارديان"، كما أن عودة ترامب من شأنها أن تعزز موقف نتنياهو فى السياسة الداخلية، ومن المرجح أن تعمل على تسريع تحركاته نحو تحويل إسرائيل إلى دولة أقل ليبرالية. ولن يسمع نتنياهو شكاوى من أحد رفاقه الشعبويين فى واشنطن بشأن حملته الرامية إلى إضعاف قوة واستقلال القضاء، لكن عودة حليف وثيق إلى المكتب البيضاوى لا تمنح نتنياهو حرية التصرف بالكامل. فعلى النقيض من بايدن، لا يخشى ترامب أن يلحق رئيس الوزراء الإسرائيلى الأذى به سياسيا فى الداخل. وسوف تكون علاقة القوة الجديدة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل أكثر انحيازا، وسوف يكون نفوذ الرئيس الجديد أعظم كثيرا من نفوذ أسلافه. لقد أوضح بالفعل فى رسالة إلى نتنياهو فى ذروة الحملة أنه يريد انتهاء الحملة على غزة بحلول الوقت الذى يتولى فيه منصبه، على الرغم من أن ترامب من المرجح أن يقبل بنتيجة تميل بشكل كبير لصالح إسرائيل، بما فى ذلك السيطرة العسكرية على القطاع. نتنياهو غير متأكد من دعم ترامب كما أوضح الرئيس العائد أنه سيرغب فى التوصل إلى اتفاق سريع فى لبنان، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال الأشهر الأخيرة من ولاية بايدن العرجاء. والأمر الأكثر أهمية هو أن نتنياهو لا يستطيع أن يكون متأكدًا من أن ترامب سيدعم أولويته الاستراتيجية، وهى الحرب لتدمير البرنامج النووى الإيراني. ومن المرجح أن يجتذب أى صراع من هذا القبيل الولاياتالمتحدة، ونفوره من الحروب الخارجية يشكل عنصرا ثابتا فى السياسة الخارجية غير المستقرة التى ينتهجها ترامب. ومن ناحية أخرى، ربما لا يعجز نتنياهو عن إقناع الرئيس السابق والمستقبلى بأن قصف إيران قد يوفر انتصارا سريعا وسهلا على نظام تعتقد أجهزة الاستخبارات الأمريكية أنه خطط لاغتياله.