تمثل منطقة القبائل التي تضم ثلاث ولايات هي تيزى أوزو وبجاية والبويرة محكا لمرشحى الرئاسة الست في الجزائر.. فهذه المنطقة تعيش مشكلات لايستهان بها تتعلق بالهوية والتنمية والشعور بنبذ المجتمع لها.. وهى في المقابل المنطقة التي سجلت أعلى نسبة تصويت في الانتخابات الرئاسية عام 2009 - حسب الارقام الرسمية التي نشرت حينها - مما أصاب الجميع بالمفاجأة نظرا لأن سكان هذه المنطقة وهم من الامازيغ اعتادوا مقاطعة أي استحقاق سياسي لافتقادهم الانتماء الوطنى. ويعد حزبا التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية،وجبهة القوى الاشتراكية من الأحزاب المحسوبة على منطقة القبائل بولاياتها الثلاث.. وقد قرر الأول مقاطعة الانتخابات فيما أصدر الثانى لاءاته الثلاثة وهى "لاللمشاركة، لا للمقاطعة، لا للمساندة"... الأمر الذي يخلق حالة من البلبلة بين السكان.. فقرار حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية مقاطعة الرئاسيات يضعه في صف التيار الإسلامي الذي طالما ظل خطابه السياسي معاديا له، وهو أمر لم يتقبله الكثيرون.. فيما يواجه حزب جبهة القوى الاشتراكية ب "لاءاته الثلاثة" اتهامات ببيع هذا الحزب المخضرم وهو اقدم وأقوى أحزاب المعارضة وعقد صفقات مشبوهة. وحتى الآن لم يستطع أي من المرشحين أن يطلق على نفسه وعودا قاطعة لمسألة الهوية التي تقلق سكان هذه المنطقة أو التعهد بأن تصبح اللغة الامازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية وأن ينص الدستور على ذلك واكتفوا بالحديث عن مشاريع التنمية المستقبلية التي يعتزمون إطلاقها في منطقة القبائل. وكانت الاحداث التي شهدتها ولايتى بجاية والبويرة أمس خير دليل على ذلك، فقد تجمع العشرات من الشباب المناوئين للعهدة الرابعة لبوتفليقة في انتظار عبد المالك سلال مدير حملة بوتفليقة الذي علم أنه سيشارك في حملة انتخابية في دار الثقافة بولايتهم وحاصروا المكان وحاولوا إزالة الحواجز المعدنية للشرطة وحالوا دون وصول سلال وضيوفة الأمر الذي اضطره إلى إلغاء الاجتماع.. كما تم نقل الصحفيين الذين كانوا برفقة سلال في سيارات تابعة للشرطة حيث تعرضوا للرشق بالحجارة مما ادى إلى إصابة 12 صحفيا وسبعة من رجال الأمن كما تم إحراق سيارة تابعة للشرطة واضرام النيران في جزء من دار الثقافة ببجاية. وفى ولاية البوير نظم العشرات من الأشخاص تجمعا سلميا أمام مقر بلدية أمشدالة بالجهة الشرقية لولاية البويرة دعت إليه حركة "أنبدل" وهى الحركة التي أعلن عن ميلادها قبل أيام فقط وانبثقت عن الحركة من أجل الحكم الذاتى في منطقة القبائل "الماك" الانفصالية الداعية إلى استقلال منطقة القبائل، ودعا المحتجون إلى تشكيل حكومة مؤقتة لضمان مرحلة انتقالية ومقاطعة رئاسيات 17 أبريل... وشارك في الوقفة الاحتجاجية أعضاء من "الماك" ومن حركة العروش. ويعتزم حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية تنظيم مسيرات شعبية في منطقة القبائل يوم 15 أبريل الجاري بمناسبة الذكرى ال34 للربيع الأمازيغي، للمطالبة بترسيم اللغة الأمازيغية، واحترام الحريات الديمقراطية، غير أن توقيت المسيرة التي تأتي عشية الانتخابات الرئاسية، تطرح أكثر من علامة استفهام حول المغزى منها خاصة. ومن المتوقع أن يشارك عبد المالك سلال مدير حملة بوتفليقة في تجمع لصالح بوتفليقة اليوم في العاصمة الكبرى لمنطقة الكبرى وهى ولاية تيزى اوزو.. فهل ستسير الأمور على مايرام أم ستأتى الرياح بما لا تشتهى السفن ؟