كشفت صحيفة الجارديان البريطانية فى تقرير نشر الثلاثاء الماضي، «وفقًا لوثائق الأممالمتحدة الداخلية التى حصلت عليها»، عن أن موظفى الأممالمتحدة الذين يعملون مع الفلسطينيين فى الضفة الغربيةالمحتلة، تعرضوا لحملة ممنهجة من العرقلة والمضايقات من قبل الجيش والسلطات الإسرائيلية منذ بداية الحرب فى غزة قبل خمسة أشهر. وتسجل الوثائق مئات الحوادث التى تتراوح بين تعصيب أعين موظفى الأممالمتحدة وضربهم عند نقاط التفتيش، واستخدام قوات الاحتلال الإسرائيلى منشآت الأممالمتحدة كمواقع لإطلاق النار أثناء الغارات على مخيمات اللاجئين التى قُتل فيها فلسطينيون. تم تجميع الوثائق من قبل وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل فلسطين «الأونروا»، التى قدمت الخدمات الأساسية للفلسطينيين فى الأراضى المحتلة لعقود من الزمن. وكانت الوكالة فى قلب جدل مرير بعد أن اتهمتها إسرائيل بالتعاون مع حماس فى غزة، وتنفى التهمة وتقول إنه لم يتم تقديم أى دليل قوى لدعم هذا الادعاء. وقالت جولييت توما، المتحدثة باسم الأونروا، «إن الحوادث فى الضفة الغربية- حيث تدير الوكالة 96 مدرسة و43 عيادة صحية ل871 ألف لاجئ مسجل- التى تم تفصيلها فى الوثائق الداخلية- جزء من نمط أوسع من التحرش الذى نشهده ضد الأونروا فى الضفة الغربية والقدس». وزعم متحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلى أنهم «ليس لديهم أى مشاكل مع الأونروا فى الضفة الغربية وأنهم لا يحاولون مضايقتهم، وأنه لا يوجد شيء يفعلونه عمدًا لعرقلة عملهم المهم». وتوضح الوثائق بالتفصيل كيف نفدت الإمدادات الحيوية فى المراكز الصحية التابعة للأونروا فى الضفة الغربية بعد أن احتجزت الجمارك الإسرائيلية شحنة من الأدوية لأكثر من شهرين. وتكشف الوثائق أيضًا أن «موظفى الأونروا [فى الضفة الغربية] تعرضوا للإساءة اللفظية، وخضعوا للتحقق من الهوية والتفتيش، وطُلب منهم رفع ملابسهم لإثبات عدم وجود أسلحة». بالإضافة إلى ذلك، «تم تسجيل انتهاكات فاضحة على نحو متزايد لامتيازات وحصانات الأممالمتحدة، بما فى ذلك دخول أفراد مسلحين إلى منشآت الأونروا كجزء من عمليات قوات الاحتلال الإسرائيلي، فضلًا عن الأضرار التى لحقت بمنشآت الأونروا أثناء هذه العمليات». وتستشهد الوثائق باتفاقية امتيازات وحصانات الأممالمتحدة، المعتمدة فى عام 1946، والتى بموجبها يحق لوكالات الأممالمتحدة «القيام بأنشطة لدعم ولايتها دون عوائق». وفى واحدة من أخطر الحوادث التى جاءت فى الوثائق، أوقف الجنود اثنين من موظفى الأونروا فى مركبة تحمل علامة الأممالمتحدة عند نقطة تفتيش مؤقتة فى فبراير 2024 أثناء محاولتهما مغادرة قرية فلسطينية بالقرب من بيت لحم. وقام الجنود، الذين أخرجوا المفاتيح «بالقوة» و«أجبروا الموظفين على الخروج... تحت تهديد السلاح»، بعد ذلك بتفتيش السيارة وسخروا من الموظفين "فى إشارة إلى الموظفين المنتمين إلى حماس. وتقول الوثائق إن الموظفين أُمروا بعد ذلك بالركوع، وتم تعصيب أعينهم، وتقييد أيديهم بأسلاك بلاستيكية، وتعرضوا للضرب قبل أن يتدخل ضابط كبير. وأوردت الوثائق أيضًا استخدام قوات الاحتلال لمنشآت الأونروا خلال العمليات العسكرية فى الضفة الغربية، بما فى ذلك عملية واحدة على الأقل عندما قُتل عدة فلسطينيين. ووفقا للوثائق، منذ 7 أكتوبر، سجلت الأونروا 135 حادثا أثر على عياداتها أو مدارسها أو مكاتبها، بدءا من التوغلات وسوء الاستخدام وصولا إلى العمليات العسكرية التى أدت إلى سقوط قنابل الغاز المسيل للدموع أو الرصاص فيها. وذكرت الوثائق أن قوات الأمن الإسرائيلية شنت، فى 8 ديسمبر، غارة فى مخيم الفارعة للاجئين فى شمال الضفة الغربية، حيث اقتحمت بوابة المركز الصحى التابع للأونروا هناك وأنزلت علم الأممالمتحدة، وهو ما أدى الغارة الإسرائيلية إلى مقتل ستة فلسطينيين، من بينهم فتى يبلغ من العمر 14 عامًا. وتنتقد الوثائق أيضًا المسلحين التابعين لقوات الاحتلال المتمركزين فى العديد من المخيمات، والذين تسميهم الأونروا «الجهات المسلحة». أحد المواقع التى تعانى من المشاكل المتكررة هو مخيم العروب للاجئين، جنوب بيت لحم، والذى وضعته السلطات الإسرائيلية تحت قيود مشددة منذ 7 أكتوبر، حيث تم تركيب بوابات معدنية جديدة للتحكم فى الوصول إلى الطريق السريع القريب وإلقاء التربة أو الصخور لسد الطرق الخلفية. وفى إحدى الحالات، تقول الوثائق، أن قوات الأمن أخطرت المجتمع المحلى بأن البوابات الجديدة ستغلق لمدة ثلاثة أيام بسبب إلقاء الحجارة على برج المراقبة. ورغم الجهود المبذولة للتنسيق مع السلطات الإسرائيلية، فقد تم منع موظفى الأونروا فى مخيم العروب وما حوله فى كثير من الأحيان من السفر، وتم تفتيش سياراتهم وتعرضوا للإهانة أو اتهامهم بدعم الإرهاب، حسبما جاء فى الوثائق.