«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



للمرة الأولى.. «البوابة نيوز» تنشر كواليس حياة بابا روما.. أسرار خطاب استقالة البابا فرنسيس المودع لدى وزير الدولة بالفاتيكان
نشر في البوابة يوم 24 - 12 - 2022

جاء إلى أرض سيدنا إبراهيم أبي الأنبياء، يحاول أن يلملم بقايا محبة اختلطت بدماء الإخوة الأعداء، وداست أقدامه على تراب أهلكه الموت وهو أرض الحياة.. قديس معاصر برتبة بابا، أحب السينما والموسيقى الشعبية، ورقص التانجو وشجع فريق برشلونة لكرة القدم، راهب يسوعى من رهبان لاهوت التحرير السلمي المنحاز للفقراء، ولا يهاب الموت أو تهديدات الدواعش.. راية السلام تغلب تحركاته.
يحمل فى قلبه البسطاء منذ نعومة أظافره وحتى الباباوية تجرد وتقشف فى بساطة تفوق الحدود.. ضرب بيدٍ من حديد فساد بلاط الفاتيكان وواجه البنك محل الشبهات، وكسر تابوهات معهودة ودعا الجميع للسير على خطواته.. نموذج للخدمة والرعاية محبَّ للجميع.. حول بابا روما مثير الجدل منذ خدمته التى تصل سبعين عامًا وحتى إعلانه عن «خطاب استقالته» من المنصب الرفيع، حاورنا إبراهيم ناجى ابن محافظة أسيوط صاحب كتاب «طبيب النفوس» الذى سعى باحثًا عن تفاصيل أدق ملامح حياة الرجل المحب والمحبوب، رمز السلام ونموذج الراعى، والذي سخر سنوات من عمره ليجمع كواليس لا يعرفها الكثيرون عن ملامح وحياة بابا روما الجليل.. وإلى نص الحوار:
أسرار خطاب استقالة البابا فرنسيس المودع لدى وزير الدولة بالفاتيكان.
■ مؤخرًا أفصح البابا عن توقيع استقالة من مهام رعاية كرسى بولس الرسول.. ما حقيقة الأمر؟
- كتب البابا فرنسيس خطاب استقالته عام 2013، عقب انتخابه فى العام نفسه للكرسى البابوى، وأودعها لدى وزير دولة الفاتيكان المونسينيور تارشيتسيو برتونى قبل تقاعد الأخير، وهناك تصريح منسوب للحبر الأعظم نشرته صحيفة ABC الإسبانية الأسبوع الماضى، قال فيه: لقد وقعت على الاستقالة وقلت له: "فى حال تعرضى لوعكة صحية أو ما شابه، فهذه استقالتي.. أعهد بها لكم"، ولفت البابا النظر فى ذات المقابلة إلى أن تلك هى المرة الأولى التى يتحدث فيها عن هذا الأمر، مؤكدًا على أن هذا الإجراء قام به من قبله البابا بولس السادس، وربما قام به أيضًا البابا بيوس الثانى عشر بحسب تصريح البابا فرنسيس.
لكن اليوم مع اقتراب العام العاشر من حبرية البابا فرنسيس، لا يبدو الأمر متصلاً بتكهنات أو بيانات منسوبة.. والتساؤل المطروح هو لماذا لن يستقيل البابا فرنسيس قريبًا؟ ولعله لن يستقيل.. الأمر ببساطة مرتبط بديناميكية الرجل المتصلة بتاريخ وشخصية بيرجوليو اللاتينى اليسوعى على مدار ما يقرب من 70 عامًا.
■ خروج تصريح بالإفصاح عن خطاب استقالة شخص استثنائى بقدر البابا فرنسيس، يؤثر غيابه عن المشهد.. كيف ترى الأمر؟
- الكثيرون من الكاثوليك وغيرهم حول العالم ومن مصر بالتأكيد يتابعون تطورات الحالة الصحية للبابا فرنسيس، البعض منهم يريد ألا يغيب فرنسيس عن المشهد الكنسى والروحى والإنسانى باعتباره حالة استثنائية تشهدها الكنيسة الكاثوليكية العالمية على مدار أكثر من تسع سنوات منذ يوم انتخابه فى مارس 2013، محركاً مياهاً راكدة ربما منذ نهاية حبرية البابا العظيم يوحنا بولس الثاني، حاول خلالها وبعدها اللاهوتى الألمانى الفذ جوزيف راتزينجر، بابا الكنيسة الشرفى بنيدكتوس السادس عشر إصلاح ما وجب إصلاحه فأصاب فيما أصاب وغاب عما غاب حتى انتشرت طرفة فى أروقة الفاتيكان تزعم أن بنيدكتوس كان شرفياً حتى قبل 28 فبراير 2013 يوم تنحيه عن كرسى الرسول بطرس.

ولكن قبل ذلك، لننظر معاً إلى الاحتمال الذى يترقبه الكثير من المهتمين بشئون الفاتيكان وأحوال الكنيسة الكاثوليكية وهو استقالة الرجل، سواء كانوا من المنتظرين لغياب البابا، أو المتخوفين من غيابه، وكأن الروح القدس لن يعود يعمل فى الكنيسة كما لو أن فرنسيس سيكون آخر الباباوات.

■ كيف ترى أسباب الإعلان عن خطاب الاستقالة، وهل يعد ذلك مقدمة للاستقالة من واقع رؤيتك وقراءتك للمشهد؟
- كل ما يجرى حول الاستقالة مجرد تكهنات، وتتخلص فى ثلاثة أسباب رئيسية؛ الأول هو عكاز البابا وكرسيه المتحرك الذى اعتاد أن يظهر بهما بالتناوب خلال المائة والعشرين يوماً الأخيرة، ومعهما يزيد من حيرة المحتارين ليتساءلوا هل صحة ركبته تتحسن أم تسوء؟!.. الثانى هو تقدم السن للبابا الذى أكمل السادسة والثمانين الأسبوع الماضي، حيث إن سابقيه يوحنا بولس الثانى تنيح فى سن الخامسة والثمانين، وبنيدكتوس السادس عشر استقال فى سن الخامسة والثمانين أيضاً.
والسبب الثالث والأكثر اتصالاً بمعالجات وتكهنات المهتمين ووسائل الإعلام، وهو استقالة البابا بنيدكتوس السادس عشر بابا الكنيسة الشرفى والتكهن المثير حول كيف سيكون مستقبل الكنيسة مع وجود اثنين من الباباوات الشرفيين "بنيدكتوس وفرنسيس" وبابا ثالث غير شرفي، يتم انتخابه.. لكن الواقع المتصل بالأسباب الدقيقة أو ربما "الخفية" لدوافع فرنسيس والروح القدس المسير للكنيسة لا تلتفت لإثارة وتكهنات الإعلام أو المترقبين.

■ لعل خطاب الاستقالة المودع فى الفاتيكان هو مثار الحديث الحالى حول البابا، فماذا لو حدثتنا عن تاريخ خورخيه ماريو بيرجوليو، "البابا فرنسيس" حاليًا؟

- البابا فرنسيس الذى يليق وصفه بالبابا "اللاتيني" الحبر الرومانى ذو الخلفية اليسوعية الذى يتبنى لاهوت العمل مع الناس من أجل إصلاح الكنيسة من خلال خدمة الناس، هو البابا الفقير الآتى من كنيسة الأرجنتين الفقيرة داعياً إلى كنيسة فقيرة لخدمة الفقراء. التحق بالرهبانية اليسوعية لخدمة النفوس وأصبح مع سن السادسة والثلاثين الرئيس الإقليمى لجماعته اليسوعية الأرجنتينية فى فترة صراعات دينية وقومية عصيبة.
وهو عميد الجامعة اليسوعية مكسيمو المجاورة لسكان الأحياء الفقيرة والعشوائية بسان ميجيل فى بيونس إيريس الذى ظل يقوم بخدمة قاطنى هذه الأحياء محولاً حياتهم من خلال التزامه بالاقتراب من احتياجاتهم المختلفة. ويجدر وصفه باليسوعى المنفى بسبب خدمة المهمشين كراعٍ إيبارشى بدلاً من أن يحافظ على أبهة اليسوعى الفكرية.

■ من خلال دراستك تاريخ بابا روما.. ماهى كواليس وأسباب الخلافات مع الرهبنة اليسوعية واتهامه بالخيانة؟!
- "فرنسيس اليسوعي" اختلف مع السلطة السياسية الأرجنتينية إبان الحروب الأهلية، وخلالها أيضا حدث خلاف بينه وبين الرهبنة اليسوعية التى ينتمى إليها وهو واحد منها بعدما وجهوا إليه أصابع الاتهام - زوراً وبهتانًا - بخيانة اثنين من اليسوعيين الأرجنتينيين فى خضم الحرب الأهلية القذرة، على الرغم من جهوده الحقيقية لحمايتهما من الاعتقال ومحاولاته لإطلاق سراحهما بعد اختفائهما على يد عناصر الجيش.

■ لماذا كان يرفض استقلال سيارات خاصة ويحرص على التنقل بالمواصلات العامة؟
- هو بطبعه شخص بسيط للغاية، ومنذ كان الأسقف ورئيس الأساقفة فى بيونس إيريس الأرجنتينية على مدار 21 عاماً ظل خلالها يستخدم وسائل المواصلات العامة بهدف أن يضمن البقاء متواصلاً مع الناس وبهدف العمل على بناء الروابط المتينة مع الطوائف المسيحية الأخرى وأتباع الديانات المختلفة.
■ ماهو السر وراء اهتمام بابا روما باللاجئين والفقراء.. وهل هناك وازع شخصى وراء ذلك؟
- بالطبع هناك ارتباط حقيقى بين تلمذة البابا فرنسيس واهتمامه بالبسطاء والفقراء واللاجئين، فإنه كاردينال الكنيسة الجامعة منذ العام 2001 حتى انتخابه بابا فى العام 2013 وطيلة هذه المدة وهو يعمل على دعم حقوق المهاجرين اللاتينيين فى الأرجنتين ومناصراً لحقوق ضحايا الاتجار بالبشر والعاملات فى الدعارة وعمالة أطفال الشوارع و"الكارتونيين" من الأطفال والرجال الباحثين عن جمع الفضلات الكارتونية من مخلفات قمامة بيونس إيريس من أجل بيعها لإعادة تدويرها.

وهنا علينا التأكيد أن البابا تتلمذ على يد الفقراء والمهمشين الذين دأب على التقرب منهم على مدار 76 عاماً قبل انتخابه حبراً أعظم، وظل أميناً للذين تتلمذ على أيديهم لأجل خدمة الكنيسة بخدمتهم بعد انتخابه وطوال فترة حبريته.
■ من واقع البحث لسنوات فى حياة البابا.. حدثنا عن مرحلة دراسته فى الثانوية ؟
- المحرك الأساسى لخورخى ماريو بيرجوليو الأرجنتينى ذى الأصول الإيطالية هو أن يبقى وسط الناس، مما دفعه فى فترة دراسته الثانوية برفقة أحد أصدقائه أن يسير فى شوارع الأحياء الفقيرة بالعاصمة الأرجنتينية، والذى لأجله ترك صفوة اليسوعيين اليساريين فى منتصف السبعينيات والثمانينيات بوسط بيونس إيريس ليخدم ساكنى العشوائيات والفقراء بسان ميجيل بجوار جامعة مكسيمو اليسوعية بالعاصمة الأرجنتينية.

■ لماذا لم يستكمل الدكتوراه فى ألمانيا؟
- لم يستطع "بيرجوليو اليسوعي" أن يمكث خلف مكتبه يراجع وينقح مصادر أطروحته للدكتوراه هناك فى ألمانيا حول اللاهوتى جوارديني، حيث كان حنينه للوطن "الناس" فى بيونس إيريس أقوى بداخله من الدكتوراه التى لن يحصل عليها مطلقاً.

■ كيف تصدى لهدم منازل البسطاء فى مطلع التسعينيات؟
- حينها كان بيرجوليو الأسقف المساعد ببيونس إيريس مع بداية التسعينيات حيث كان وسيطاً بين الكهنة ورئيس الأساقفة كواراتشينو من جهة، وبين السلطات المدنية من جهة، للوصول إلى اتفاق لإنهاء اعتصام الكهنة الرافضين لإقامة طريق عام سيهدم مساكن الفقراء بأحد أحياء العاصمة اللاتينية الفقيرة، حيث تكللت مجهوداته بحماية مساكن الفقراء.

■ هل النقلة من رئيس أساقفة بسيط وزاهد إلى الباباوية، قد أحدثت فجوة؟
- حينما كان فى منصب الكاردينال رئيس الأساقفة بيرجوليو الذى ترك صليبه الأسقفى وعباءته السوداء واستقل المواصلات العامة ليلتحق بالعاملين فى جمع القمامة والتجول معهم أثناء قيامهم بذلك ليتعرف على عمق حياتهم وواقعهم، هذا هو نفسه البابا فرنسيس الذى دخل إلى المقر البابوى مساء يوم الأربعاء 13 مارس 2013 ليرى الرخام والزخارف والستائر بمقر إقامة البابا بالقصر الباباوي، وحينها تساءل عمن سيقيم معه وسط كل هذه الأبهة، وعندما صدمته الإجابة بأن لا أحد، اختار الرجوع لفندق سانت مارتا فى الحافلة بصحبة الكرادلة وليس فى سيارة البابا الليموزين ليكون وسط الناس، معللاً اختياره هذا لاحقاً بأنه دونما التواجد بين الناس ربما يصاب بالجنون.

■ حدثنا عن واقع التغيرات فى مجمع الكرادلة بالفاتيكان تحت رئاسة البابا فرنسيس؟
- قام البابا بإعادة هيكلة مجمع الكرادلة، ونجد أن مجمع الكرادلة حالياً مكون من 229 كاردينالاً بنهاية أغسطس الماضي، حيث إن هناك 52 كاردينالاً تمت تسميتهم فى حبرية القديس يوحنا بولس الثانى من بينهم 11 كاردينالاً فقط يحق لهم الانتخاب فى المجمع القادم، و64 كاردينالاً تمت تسميتهم عن طريق البابا الشرفى بنيدكتوس السادس عشر، من بينهم 38 كاردينالاً فقط يحق لهم الانتخاب حالياً، بينما هناك 113 كاردينالاً نالوا قبعاتهم الحمراء بيد البابا فرنسيس من بينهم 83 كاردينالاً يحق لهم انتخاب خليفة فرنسيس، أى أن 62.9٪ من هيكلة مجمع الكرادلة تمت تسميتهم بمعايير بيرجوليو وليس بمعايير الكوريا الرومانية البائدة، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك كرادلة من بين نسبة ال37.1٪ المتبقية قد اختاروا بيرجوليو ليصبح حبراً أعظم سواء فى مجمع الانتخاب فى العام 2005 الذى جاء فيه بيرجوليو ثانياً خلف بنيدكتوس السادس عشر، أو فى العام 2013 الذى جاء بالبابا فرنسيس مع ملاحظة أن اللحظة الراهنة فى تاريخ الكنيسة هى الأولى التى يتخطى فيها عدد الكرادلة من دول قارتى آسيا وأفريقيا مجتمعين الكرادلة الإيطاليين.

■ وصف رئيس الأساقفة "خافيير" قرارات البابا بالزلزال المدوي.. لماذا؟
- لما أحدثه من تأثير فى صميم الكنيسة الكاثوليكية عالميا حيث إنه دمر ما كان يجب أن يدمر فى الكنيسة، وما تبقى أصبح أكثر صلابة لتشكيل مستقبلها. حيث عكف على إدارة الكنيسة وتطهير خزائنها من أموال بنك الفاتيكان الذى تسببت فضائحه فى رفض مختلف الهيئات المالية العالمية التعامل مع البنك نتيجة شبهات الفساد المالى التى كشفها البابا وأوقف جميع الأرصدة والحسابات المشبوهة التى كان يديرها كرادلة وأساقفة وكهنة يتربحون من ريعها على حساب خدمة إرسالية الكنيسة فى خدمة الفقراء وتحقيق الغرض الأساسى لبنك الفاتيكان وهو دعم إرسالية الكنيسة.
وأيضاً، بعد انتخابه بنحو ستين يومًا، طالب رجال الدين الكاثوليك بالتخلى عن سياراتهم الفارهة ومكاتبهم المكيفة كى يتلامسوا مع حاجات وفقر الكنيسة المطروحة فى أزقة الشوارع والطرقات، مع اختباره الشخصى للتقشف حيث رفض سكن القصر الباباوى ونزل بفندق سانت مارتا ومن ثم فعل ما طالب به الآخرين.
■ كيف انتقل بمنظومة إدارة الكنيسة من المركزية للسنودسية؟
- لقد شهد كرادلة الكنيسة الكاثوليكية الحاليون تغيير طريقة إدارة هيئات ومجالس ومجامع الكنيسة الجامعة، من مركزية متحجرة بروما الى سنودسية قاعدية أشركت أطراف الكنيسة البعيدة والمهمشة فى صياغة رؤية الكنيسة الكاثوليكية وإرسالها للعالم ليس عن طريق الصفوة من اللاهوتيين والخبراء والأكاديميين والمتخصصين وذوى الشأن بل بالاستماع للسكان الأصليين والمهمشين، وبإعطاء دور قيادى أكثر للمرأة بالكنيسة، وبعدم تهميش ورفض من يبغضهم العالم. هكذا اختبر الكثير من الكرادلة حالياً كيف أصبحت إدارة الكنيسة نجمية لا مركزية وليست أخطبوطية يتحكم فيها وجهاء القوم، بل ينخرط فيها ضعفاء الناس وأكثرهم تقارباً مع مثال بيرجوليو ذاته.

■ حدثنا عن كتاب "طبيب النفوس" والمدة التى استغرقتها فى البحث حتى يخرج فى صورته النهائية؟
- الكتاب يتناول مسيرة حياة البابا على مدار سنوات خدمته للكنيسة لما يزيد على 66 عامًا ومراحل الاضطرابات والألم والخلافات والصدامات والأهداف والطموحات ومساعيه الرعوية واهتمامه بالبسطاء والفقراء والمهمشين، وكانت رحلة شاقة وشيقة لمشروع ضخم امتد لأكثر من خمس سنوات من البحث والعمل والكد، حيث تجسد فى عمل عن شخصية استثنائية لا أظن أننى سأقابلها يوماً ولكننى أعرف عنها الكثير والكثير.

■ ولكن كيف حصلت على توقيع بابا روما على كتابك "طبيب النفوس"؟
صديقتى المقربة وعضو لجنة التعليم الدينى بالكنيسة الكاثوليكية المصرية رشا شفيق التى ذهبت إلى روما لحضور فعاليات اللقاء السنوى الثالث للبابا فرنسيس مع معلمى التربية الدينية، فاجأتنى بأنها أخذت معها نسخة من الكتاب لإهدائه للبابا فرنسيس، ومع فرحى بمبادرتها الكريمة والمحبة، طلبت منها تعديل الأمر بأن يوقع البابا على الكتاب بدلاً من أن يحصل عليه، وكانت وجهة نظرى أن توقيع البابا على الكتاب سيظل بركة كبيرة فى حياتي.
كان سيناريو التوقيع ذاته غريباً كما روته لى رشا، حيث لم تكن مدرجة فى قائمة الأشخاص المدعوين لمصافحة البابا بعد نهاية المقابلة العامة مع الخدام، ولكنها ذهبت لمسئول المراسم وألحت عليه فى الطلب وقبل الرجل، والطريف أنه عندما قدمت رشا الكتاب للبابا وهى تعرف الإيطالية باعتباره أول سيرة ذاتية عنه باللغة العربية، سألها بحسه المرح دوماً "هل يهاجمني؟!"، ومن ارتباك صديقتى العزيزة أجابته سريعاً ب"نعم" قبل أن تعدل إجابتها ب"لا".
والبابا، بالقطع، لا يعرف العربية ولكنه يعرف قيمة أن نتحدث عن تجربته بهذه اللغة الممثلة لأكثر المناطق اشتعالاً فى قلب العالم وفى أكثر المناطق تنوعا -ولعلها تبقى كذلك- باتباع الرسالات السماوية حيث نشأت جميعها.
■ كيف يرى بابا روما مصر والكنيسة المصرية ومكانتها فى قلبه؟
البابا يعرف قيمة الكنيسة المصرية بأصالة آبائها ودماء شهدائها وشهادة مؤمنيها، وقد أدرك البابا قيمة كل هذا عندما أصر على زيارة مصر بعد أسبوعين فقط من هجمات دامية فى 2017، ومنذ أسبوع تقابل مع أساقفة الكنيسة المصرية وقبل هديتهم الممثلة فى لوحة العائلة المقدسة، وتلك بركة البابا فرنسيس الدائمة للكنيسة المصرية.
ترك القصر الفخم والليموزين وعاش فى «سانت مارتا» واستقل مواصلات الشعب
دخل فرنسيس إلى المقر البابوى يوم انتخابه 2013، ليرى الرخام والزخارف بمقر إقامته بالقصر الباباوي، وتساءل عمن سيقيم معه وسط كل هذه الأبهة، وعندما صدمته الإجابة بأن لا أحد، اختار الرجوع لفندق فى الحافلة بصحبة الكرادلة وليس فى سيارة البابا الليموزين ليكون وسط الناس، معللاً اختياره هذا لاحقاً بأنه "دونما التواجد بين الناس ربما يصاب بالجنون".
«زلزل» فساد بعض الكرادلة بقرارت صادمة.. وأول البابوات اهتماماً بالفقراء والمهمشين بالأفعال قبل الأقوال
واجه السلطات خلال الحرب الأهلية فى الأرجنتين.. وتدخل لحماية أشقائه اليسوعيين فاتهموه بالخيانة

الحبر الأعظم.. وكرة القدم
■ سألنا الباحث إيراهيم ناجى، هل بابا روما ما زال "كروياً"، خاصة أننا نعرف انتماءه لعضوية نادى سان لورينزوا الأرجنتيني؟
فأجاب: بالفعل، ظل بيرجوليو "البابا فرنسيس" مشجعاً حتى بعد انتخابه بابا روما لنادى سان لورينزوا، وظل يسدد اشتراك عضويته للنادى بعد أن انتقل إلى روما.. ولتتعرف أكثر على هويته الكروية، فمن المهم أن تعرف أن والده توفى بأزمة قلبية وقتما كان يتابع إحدى مباريات سان لورينزو فى الاستاد فى ديسمبر من العام 1961.
■ هل يجد وقتا الآن لمشاهدة المباريات الكروية؟
- ربما لا يشاهد البابا فرنسيس الآن المباريات، غير أنه بالتأكيد يتابع النتائج، وقطعًا يشعر بالسعادة لفوز منتخب بلاده بلقب كأس العالم، وهذا لا ينفى ما طرحه موقع "دويتش فيلا" الألمانى عن البابا الذى طالب الفريق الفائز فى نهائى المونديال بعدم المغالاة فى الاحتفال بالفوز قبل أن يعرف هوية البطل.
■ مع عيد الميلاد ال87 ل"فرنسيس"، فاز منتخب الأرجنتين بكأس العام.. ماذا يمكن أن يعيده ذلك لذاكرة البابا؟
مع حلول العيد السابع والثمانين، تلقى البابا فرنسيس هدية من منتخب بلاده بفوز أبناء التانجو بكأس العالم.. الأمير ميسى ورفاقه أعادوا البابا لذكريات آخر كأس عالم حصلت عليه الأرجنتين عام 1986، ويومها كان بيرجوليو يقوم بتحضير أطروحة الدكتوراه كراهب يسوعى فى ألمانيا التى تلقت الهزيمة من الأرجنتين، ولم يستطع بيرجوليو آنذاك التعبير عن فرحته بفوز بلاده بكأس العالم حتى عندما كتب أحدهم على طاولة أحد فصول دراسته "عاشت الأرجنتين".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.