انتخابات النواب 2025.. الحصر العددي للأصوات بدائرة قليوب والقناطر في جولة الإعادة    حمدى رزق يكتب:«زغرودة» فى كنيسة ميلاد المسيح    مجلس الوزراء يستعرض أبرز أنشطة مصطفى مدبولى خلال الأسبوع.. إنفوجراف    رئيس هيئة سلامة الغذاء يكشف سبب تخفيف الفحوصات الأوروبية على الموالح    استكمال برامج التدريب بقرى حياة كريمة بأسوان    صبرى غنيم يكتب:النبت الأخضر فى مصر للطيران    العراق وإيطاليا يبحثان سبل تطوير التعاون العسكري والدفاعي    بوتين: روسيا مستعدة لإنهاء الصراع في أوكرانيا بالوسائل السلمية وكييف ترفض    سوريا عن إلغاء قانون "قيصر": تطور يفتح مرحلة جديدة من التعافي والاستقرار    علي ناصر محمد يروي تفاصيل الترتيبات المتعلقة بالوحدة اليمنية: خروجي من صنعاء كان شرطا    حصاد الرياضة المصرية اليوم الجمعة 19 -12- 2025    خدمات متكاملة من هيئة سكك حديد مصر لدعم كبار السن وذوى الهمم.. صور    بلومبرج: الشركة المالكة ل تيك توك تحقق أرباحًا ب50 مليار دولار خلال 2025    ننشر تفاصيل حكم سجن بلوجر شهيرة سنتين لاتهامها بحيازة مخدرات فى الهرم    بث مباشر.. الحلقة ال11 من برنامج دولة التلاوة بمشاركة 5 متسابقين    ياسر عبد الله يستعيد أرشيف السينما المنسية بمهرجان القاهرة للفيلم القصير    إلحق قدم فى جوائز الدولة التشجيعية.. آخر موعد 31 ديسمبر    على ناصر محمد يكشف تفاصيل الوحدة اليمنية: خروجى من صنعاء كان شرطًا    أهمية اللغة العربية ودورها في حفظ الهوية وبناء الحضارة    "اللي يضايق يضايق".. أحمد العوضي يعلن ارتباطه رسميًا بشكل مفاجئ    غدا.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا    الصحة: إرسال قافلة طبية فى التخصصات النادرة وكميات أدوية ومستلزمات للأشقاء بالسودان    رئيس الرقابة الصحية: مصر وضعت نموذجا إقليميا يحتذى به فى حوكمة النظام الصحى    الصحة: برنامج تدريبى لرفع كفاءة فرق مكافحة العدوى بمستشفيات ومراكز الصحة النفسية    كيفية التخلص من الوزن الزائد بشكل صحيح وآمن    اليونيفيل: لا توجد مؤشرات على إعادة تسليح حزب الله في جنوب لبنان    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    استمرار عطل شبكة Cloudflare عالميًا يؤثر على خدمات الإنترنت    لافروف: المحادثات الأمريكية الروسية لا تحتاج إلى مساعدة أوروبا    انخفاض درجات الحرارة وشبورة كثيفة على الطرق.. "الأرصاد" تُحذر من طقس الساعات المقبلة    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بالسوق السوداء بقيمة 4 ملايين جنيه    شراكة استراتيجية بين طلعت مصطفى وماجد الفطيم لافتتاح أحدث فروع كارفور في سيليا    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    جوارديولا يحسم الجدل حول مستقبله مع مانشستر سيتي    الداخلية تضبط 3 سيدات بالإسكندرية للإعلان عن أعمال منافية للآداب    حقيقة انتشار الأوبئة في المدارس؟.. مستشار الرئيس يُجيب    محافظ المنيا يعلن افتتاح 4 مساجد في 4 مراكز ضمن خطة وزارة الأوقاف لتطوير بيوت الله    تحرش لفظي بإعلامية يتسبب في وقوع حادث تصادم بالطريق الصحراوي في الجيزة    لافروف مشيدا بمصر: زيادة التبادل التجاري وتعاون استراتيجي في قناة السويس    لقاء السحاب بين أم كلثوم وعبد الوهاب فى الأوبرا    لقاء أدبي بفرع ثقافة الإسماعيلية حول أسس كتابة القصة القصيرة    وائل كفوري يمر بلحظات رعب بعد عطل مفاجى في طائرته    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    بعد توجيه الشكر لعلاء نبيل.. كيروش الأقرب لمنصب المدير الفني لاتحاد الكرة    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في مراكز شباب دمياط    نيجيريا الأعلى وتونس وصيفًا.. القيمة التسويقية لمنتخبات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ سوهاج يتفقدون المنطقة الصناعية غرب جرجا ويزورون مصنع «الكومبريسور»    للقبض على 20 شخصًا عقب مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب بالإسماعيلية بعد إعلان نتائج الفرز    وزير الزراعة يعلن خفض المفوضية الأوروبية فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلا من 20%    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ قنا يشهدون احتفالية بقصر الثقافة    المنتخب يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير المغربية استعدادا لأمم إفريقيا    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور.. ننشرالجلسة العلمية الثالثة بالمؤتمر العالمي للإفتاء
نشر في البوابة يوم 18 - 10 - 2022

قال الشيخ محمد عمر كوني وزير الأوقاف والشئون الدينية بمالي، خلال ترأسه الجلسة العلمية الثالثة التي انطلقت تحت عنوان "الفتوى ودعم الاقتصاد الوطني" بالمؤتمر العالمي السابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الفتوى تعد عاملًا أساسيًّا لدعم اقتصاد الشعوب، ويجب أن نكون في فتوانا بنَّائين لا مخرِّبين؛ ذلك لأن استخدام الإنسان لكلمة واحدة إما تجعل منها جنة ونعيمًا وإما جحيمًا وثبورًا.
وأضاف أن حسن استخدام العبارات له أهمية قصوى، والاقتصاد لا يمكن له الازدهار إلا في ظل استقرار الأوضاع بالكلمة الحسنة التي تبني وتعمر، موضحًا أنه إذا تسببت الفتوى في بلبلة المجتمع تسببت في دمار وخراب، وأنَّ الفتوى الصحيحة تأتي داعمة للمواطن في النهوض بكل ما يخص أمور دينه ودنياه وتساهم في تحقيق التنمية اللازمة لنهوض المجتمعات.
وعرض الدكتور ناظر الدين محمد - مفتي سنغافورة - تجربة لجنة الإفتاء بسنغافورة في معالجة القضايا المستجدة الملحَّة وبيان الحكم الشرعي في مجال الأطعمة والأوقاف في كلمة ألقاها نيابةً عنه الشيخ محمد رزخان بن ليمان عضو لجنة الإفتاء في سنغافورة مشيرًا إلى أنَّ من أهم المعتبرات التي ارتأت فيها لجنة الإفتاء بسنغافورة قبل إصدار الفتوى تصور الواقع تصورًا صحيحًا بكل تفاصيله خاصة وضعَنا بسنغافورة. ومرحلة تصور واقع سنغافورة مرحلة عويصة حيث إن العصر الذي نعيش فيه شديد التعقيد وشديد التغير يتطلب من أهل العلم أن يدركوا هذه التغيرات والواقع المعقَّد، وفي نفس الوقت نراعي النصوص وقواعدها المرعية ومآلات الأمور.
وأضاف أن واقع سنغافورة تأثَّر بالأحداث التي حدثت في العالم كله في كل مجالات الحياة سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا لتدل على أنَّ تصور الواقع لا يقتصر على إدراك واقعه فحسب، بل يتعدى إلى إدراك واقع العالم بأكمله وقد مثَّلنا ذلك بجائحة كورونا حيث أثَّرتْ تأثيرًا بالغًا في وضعنا الحالي اقتصاديًّا وذلك بتعطل سلسلة الإمدادات الغذائية وبتوقف السياحة نظرًا لشيوع الوباء، كل هذه العوامل والأحوال تضطرنا إلى البحث عن التنمية المستدامة والحلول الملائمة للواقع الذي نعيش فيه، وذلك عن طريق بناء المناهج المعتبرة في الإفتاء كالاستنجاد بالعلوم الحديثة المتطورة كعلم النفس وعلم الاجتماع، والاستعانة بأهل الاختصاص في كافة المجالات.
واختتم مفتي سنغافورة كلمته بعرض نموذجين؛ الأول: في مجال الوقف كالفتوى التي أصدرتها لجنة الإفتاء، وهي وقف الاستبدال، والنموذج الثاني في مجال الأطعمة الذي بحثتها اللجنة كاللحوم المصنعة في المعمل وبروتين البديل، وقد أتينا بهما لبيان كيف أن هذه الفتوى والمسائل دعمت بناء الاقتصاد الوطني وتحقيق الأهداف الاقتصادية للتنمية المستدامة مستدلين ببعض الإحصاءات في سنغافورة لتقرير هذا المعنى.
وقال الدكتور محمد بن يحيى النينوي، عميد كلية المدينة للدراسات الإسلامية والبحوث في الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية جنوب أفريقيا في كلمة له بعنوان "الفتوى ومواجهة التحديات العالمية": إن التحديات المعاصرة هائلة ويمكن للفتوى أن تحفف من وطأة هذه التحديات عبر إزالة الجهل بالعلم المؤصل، وتصحيح مسار الفرد والمجتمع بالفتوى الصحيحة السليمة، والتركيز على الأثر الأخلاقي القِيمي التربوي على المستفتي والمجتمع، والتعامل مع واقع عالمية أثر الفتوى في هذه العصور بخلاف العصور الماضية، والتنبه على ضرورة استبطان المقاصد، وتحقيق المناطات، والارتكاز على القواعد الفقهية الكلية؛ إلحاقًا وتخريجًا للفروع والنوازل بحيث يتحقق التجديد الفقهي المنشود، وضبطًا لعملية الفتوى بحيث تكون مضطردة مع منهجية استنباط الأحكام، واستحداث ورش عمل لتنمية الدربة والملكة العلمية للمكلفين بالفتوى، حتى نوَفَّقَ لكشف وبيان مراد الله تعالى على أفضل الصور وأجملها.
وتوجه الدكتور مرزوق أولاد عبد الله، عضو المجلس العلمي المغربي لأوروبا، الشكر لدار الإفتاء المصرية على طرح فكرة هامة مثل فكرة المؤتمر على الساحة العربية والإفتائية، مشيرًا إلى أننا علينا التركيز نحو المستقبل وعلى المستحدثات والمستجدات التي يأتي بها الزمن في عالمنا هذا.
وأضاف: لا يمكن أن نفصل بين الدين والعبادة والاقتصاد، فعندما أهمل المسلمون الاقتصاد أصبحوا في مؤخرة الأمم، موضحًا أن الله ربط العبادة بالاقتصاد وبالتالي لا بدَّ أن يسيرا إلى جانب بعضهما البعض، وعلينا ترسيخ هذه المفاهيم في المؤسسات العلمية والاجتماعية والدينية، وكذلك وضع قواعد من خلال مؤتمرات دار الإفتاء المصرية، مطالبًا بنشر هذا الفكر من خلال وسائل الإعلام المختلفة، حتى نستطيع أن نعمل على ضمان الحياة الكريمة لكلِّ فرد وأسرة وللدولة أيضًا.
وأوضح الدكتور مرزوق أن الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما هاجر إلى المدينة أقام نظامًا اقتصاديًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا، مؤكدًا أن الأمن النفسي والاقتصادي هام جدًا للمجتمعات العربية والإسلامية وللمسلمين في المجتمعات الغربية أيضًا.
ولفت الدكتور مرزوق النظر إلى أنَّ هناك أيضًا بعض الفتاوى التي تعمل على عرقلة الاستثمار والتنمية، مشيرًا إلى أنها تصدر عن غير المتخصصين، متطلعًا إلى أن يتم التواصل مع المسلمين بالغرب لإفادتهم بالفتاوى الهادفة في هذا الشأن متمنيًا التوفيق لمؤتمر دار الإفتاء المصرية.
واستعرض الشيخ سليم علوان الحسيني - الأمين العام لدار الفتوى بدولة أستراليا خلال كلمته كيف أن الدين سد الذرائع ومنع أي ضرر يلحق ضررًا بالبيئة والتنمية، كما أوضح أهمية دور الفتوى في تحقيق التنمية المستدامة، مؤكدًا على ضرورة ارتباط الفتوى بمسايرة قضايا العصر ووجوب مراعاة المفتي للواقع.
واختتم بتوجيه الشكر والتقدير لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لرعايته المؤتمر، وللأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ولفضيلة المفتي الأستاذ الدكتور شوقي علام.
ومن جانبه، قال الدكتور فياض عبد المنعم حسنين، وزير المالية الأسبق: إن القصد من هذه الجلسة هو بيان دور الفتوى في دعم التنمية المستدامة، موضحًا أن الفتوى تصف أحوال التصرفات الاقتصادية وتصف معاملة الإنسان وتصرفاته في الكون المحيط به، ومن ثم لها علاقة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأضاف أن الاقتصاد وتحقيق الأهداف الاقتصادية ونمو الإنتاج أمر حافل في القرآن والسنة والفقه الإسلامي، فالفتوى من شأنها إفساح المجال في العمل الاقتصادي، والتنمية المستدامة هي تطور علمي جديد ومعرفي في علم الاقتصاد بعد أن انتهت الحقبة الاستعمارية، مشيرًا إلى أن مصطلح التنمية الاقتصادية برز بغرض دفع الإنتاج، ثم تطور المفهوم في مراحل مختلفة حتى وصلنا لهذه الصيغة التي تشمل 17 مؤشرًا تغطي ثلاثة جوانب أساسية، هي: الجانب الاقتصادي، والجانب الاجتماعي، والبيئي، وهذه التنمية الاقتصادية بهذا المفهوم أما إنها تندرج في مفهوم العلم الشرعي أو في المقاصد الشرعية، مؤكدًا أن تغير الحكم الشرعي في التصرفات الاقتصادية طبيعي لتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان، وأن أهداف التنمية تقع في نطاق تحقيق المقاصد الشرعية.
وتابع: التنمية المستدامة من وسائل تحقيق المقاصد الشرعية الكلية، والقرآن حافل بمفاهيم متساهلة مع أهداف التنمية الاقتصادية، ومطلوب من الفتوى أن تدعم الدوافع الاقتصادية إنتاجًا واستهلاكًا للحفاظ على انضباط البيئة.
وقال الدكتور محمود حسن محمود البيطار، كبيرُ الباحثين بالأمانة العامة لِدُورِ وهيئاتِ الإفتاء في العالم في كلمة له بعنوان "أهدافُ التنميةِ المستدامةِ من منظور مقصَدِ حفظِ المال تطبيقًا على الإفتاء المعاصر": لقد قامَتْ شريعةُ الإسلامِ على تحقيقِ مَصالحِ العبادِ في المَعاشِ والمَعاد، ولما كانت هذه المصالحُ التي سَعى إليها الشرعُ الحنيفُ مُتجلِّيةً بأوضَحِ صُوَرِها من خلال المقاصدِ الشرعيَّةِ؛ كانت تلك المقاصدُ هي رُوحَ التَّشريعِ العُلْيا، وغايتَهُ العُظمى، تتَّصلُ به اتصالَ الروحِ بالجسَد، غيرَ مُنْفَكَّةٍ عن حُكمٍ من أحكامه، أمرًا كان أو نهيًا؛ وكان تحقيقُها هو غايةَ ما يُحقِّقه المفتي في فَتْواه حالَ إخبارِه عن الحُكمِ الشرعيِّ مع مقصود الشارعِ منه؛ من هُنا تُعلَم تلك الصِّلةُ التي تَربِطُ بين المقاصِدِ الشرعيةِ وبين الصَّنْعة الإفتائيَّة؛ هذا من جهة.
وأكد "البيطار" على أنَّنا ما جِئْنا اليومَ في هذا الْمَقامِ لِنُقحِمَ العُلومَ الإسلاميَّةَ إقحامًا لِمُواكَبةِ فلسفةِ مفهومٍ بيئيٍّ مُجتمَعيٍّ أُمَميٍّ، مُتمثِّلٍ في "التَّنمية المستدامة وما تشتملُ عليه مِن أهداف". كَلَّا؛ بل إنَّ هذه الفِكرةَ في الأساسِ فكرةٌ إسلاميَّةُ المنبَع، رَبَّانيةُ المصدَر، لها جُذورُها المتأصِّلةُ في نُصوصِ الوحْيَين الشريفَين: القرآنِ الكريم، والسُّنةِ النبويَّةِ المطهَّرةِ؛ فهذه بِضاعتُنا رُدَّتْ إلينا ...
وشدد على مقصده من كلمته قائلًا: وإني لا أقصدُ من كَلِمتي هذه أن أُروِّجَ لِسَبْق شريعةِ الإسلام للقراراتِ الأُمميَّةِ في مَجالِ حمايةِ البيئةِ ومَواردِها؛ فليس هذا هاجسًا من هَواجسي، ولكنِّي أرَدتُ أن أُسمِعَكم صوتَ الدِّين في جانبٍ يسيرٍ من جوانبِ هذه القضيةِ الحيويَّة، المطروحةِ على الساحةِ الدوليةِ ... هذا بصفةٍ عامَّة.
وأضاف: وعلى الصعيدِ الخاصِّ؛ فإن الأمرَ أعمقُ من ذلك إذا أمكَنَ كشفُ الصِّلةِ الكائنةِ، لا أقولُ بين نُصوص الشَّارعِ نفسِها، بل بَيْن بعضِ عُلوم الأدَواتِ والغاياتِ للفقيهِ والمفتي، وبينَ هذه الفكرةِ البيئيَّةِ المجتمَعية ... من هنا؛ كانت هذه الكلمة مضمونًا للطرح البحثي الذي وسَمْتُه بعُنوان: "أهدافُ التنميةِ المستدامةِ من منظورِ مَقْصَدِ حِفْظ المال؛ تطبيقًا على الإفتاء المعاصر".
ولفت النظر إلى أن حفظ المال هو أحَدُ أهمِّ أركانِ كُلِّيَّاتٍ خمسٍ؛ هي: الدِّينُ، والنفسُ، والعقل، والعِرْض، والمال؛ جاءتْ الشريعةُ لِصَونِها وصيانتِها، وكان للشَّرعِ الحنيفِ في تَعامُلِه مع المالِ سياساتٌ أربَعٌ؛ هي أصولٌ يقومُ عليها النظامُ الماليُّ في الإسلام؛ يمثلها أربعة مطالب هي بيت القصيد من هذا الطرح بعد ما سبقها من تمهيد: أما أوَّلُها؛ فهو أصلُ الحِفْظ والصِّيانة، وأمَّا ثانيها؛ فهو أصلُ العَدالة في التوزيع، وأمَّا ثالثُها؛ فهو أصلُ حُرمة التعدِّي والاعتداء، وأما رابعُها؛ فهو أصلُ ضرورة الاستثمار والتنمية.
واختتم كلمته بعرض نتائج بحثه قائلًا: قد جمعتْ هذه الفِكرةُ البحثيَّةُ بين التمهيدِ والتأصيلِ والتطبيقِ الإفتائيِّ الواقعي؛ وقد خرَج البحثُ بعِدَّة نتائجَ؛ أهَمُّها كشَف البحثُ عن الجذور الإسلاميَّةِ لأهدافِ التنمية المستدامة، من خلالِ ما جاء في نُصوصِ الوحْيَينِ الشَّريفَين؛ القرآنِ الكريمِ والسنةِ النبويةِ المطهرةِ، وكذلك فقد عَمِلَ البحث على استِجْلاءِ البُعدِ الواقعيِّ لِمَقْصَدِ حِفْظِ المالِ؛ ومِن ثَمَّ الوقوفُ على العَلاقةِ التي تَربِطُ بينه وبين أهدافِ التنميةِ المستدامة، كما قدَّم البحث نَماذِجَ تطبيقيةً صادقةً لتنزيل مَقْصَدِ حِفْظِ المال على أهدافِ التنميةِ المستدامة، مع بَيانِ مَحلِّ التَّلاقي بيْنَ كلٍّ مِنها، وأخيرًا قدَّم البحث نماذج إفتائية معاصرة لمفتي الديارِ المصرية تمثِّل اعتبارَ الفَتْوى المعاصِرةِ لأهدافِ التنمية المستدامة، تَمثيلًا صادقًا، في ضوءِ ما جاءت به الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ من أحكام.
وقال الشيخ أحمد سمير أحمد، أمين الفتوى ومدير المراجعة والتنسيق الشرعي في كلمة له بعنوان «الفَتْوَى الشَّرْعيَّةُ ودَعْمُ الِاقْتِصَادِ الْوَطَنِيِّ»: إن دارَ الإفتاءِ المصريةَ، مِن خلال رسالتها السامية، التي تدور حولَ إصدارِ الفتاوى الشرعيةِ في واقعاتِ المُسْتَفْتِين، وما يَهُمُّ المجتمعَ مِن قضايا دينيةٍ في مُختلَفِ المجالات: تُقدِّمُ رؤيةَ الإسلامِ الحقيقيةَ في دعمِ الاقتصادِ الوطنيِّ وتحقيقِ ازدهارِه.
ولفت النظر إلى أن الفتاوى التي تَحُثُّ على ترشيدِ الاستهلاكِ والاقتصادِ في المعيشة، تُعْلِي مِن قِيَمِ التعاونِ، وتَنشُر سِمَاتِ التكافلِ في المجتمع، وتُحرِّضُ المواطنين على العمل والإتقان، وعلى وَضْعِ أموالهم في المشاريعِ الاستثماريةِ والإنتاجيةِ، والمشاركة في مُبادَراتِ الدولةِ المتنوعة لدعم الاقتصاد الوطني، وتحذِّر في نفس الوقت مِن توظيف الأموال خارج نطاق المؤسسات الاقتصادية المعتمدة من الدولة، كما في «ظاهرة المستريح» مثلًا، وكذلك الفتاوى التي تَهدُفُ إلى تشجيع الصناعة والابتكار، والتعليم والبحث العلمي، وغيرها من الفتاوى التي تُحرِّم جميعَ أشكال الاعتداء على حقوق الملكية والعلامات التجارية الأصلية، وكذا الفتاوى التي تعالج قضيةَ الفقرِ والجوعِ والبطَالةِ.. وغيرها من الفتاوى التي تَصدُر يوميًّا في هذا الإطار.
وأشار "سمير"، إلى أن دارَ الإفتاءِ المصرية تَبنَّتْ مسلكًا تجديديًّا متنوعًا؛ لإشاعة هذه الفتاوى ونَشْرِها عَبْرَ وسائلِ الإعلام والتواصل المختلفة.
وأردف: وهذه الجهودُ المتواصلة التي تقوم بها المؤسسات الإفتائية عبر العصور، تُؤكِّد على أن الفتوى الشرعيةَ تُسهم في تشكيلِ وبناءِ ثقافةٍ ووَعْيٍ مجتمعيٍّ عامٍّ للمشاركة بقوة في الاقتصاد الوطنيِّ، بل إنَّ حَثَّ دار الإفتاء للمواطنين على المشاركة في المبادرات التي تُطلقها الدولة، له نظرةٌ مستقبلية تعالج ثقافةَ الاستهلاك السائدة.
وأوضح أن الفتوى الشرعيةَ، بمشروعية الإنفاق على الدراسات والبحوث العلمية، من مصارف الزكاة والصدقات والوقف، لها مردودٌ اقتصاديٌّ إيجابيٌّ كبيرٌ في مسيرةِ التنمية المستدامة.
ولبيان مظاهر دَعْم الفتوى للاقتصاد الوطني، استعرض أمين الفتوى أحمد سمير عددًا من النماذجَ من فتاوى دار الإفتاء المصريَّة كفتوى التسويق الشبكي (2012م)، وكذلك فتوى العملة الافتراضية "البتكوين" سنة (2017م) وكذلك فتوى "شهادات قناة السويس" عام (2014م).
واختتم كلمته قائلًا: هذه النماذجُ وغيرُها تؤكد على دَوْر الفتوى في حماية القيم الوطنية وتوطينها، وتحريرها من المُعوِّقات، من خلال استشراف بعض العوائق والصعوبات التي تُواجِهُ تحقيقَ أهدافِ التنمية، في منظومةٍ متكاملة، تنهض بالمجتمع وتُعزِّز أسبابَ التكافل والتعاون فيه، مع الحفاظ على هويةِ وأمنِ الوطن ضِدَّ أيَّةِ مخاطِرَ مستقبليةٍ.
8d20b402-b685-4113-8b47-c6d8a10a5dd0 3130e460-a104-426c-82ec-8801f5c7111b ff504262-76d4-4fee-abb8-8ca02c5a524a


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.