ما الذي يمكن أن يقدمه اليوم العالمى للمرأة وعيد الأم، اللذين يتم الاحتفال بهما هذه الأيام؟ المفارقة أن يقام هذا الاحتفال، والمرأة المصرية ما زالت الأكثر عرضة للانتهاكات والاضطهاد والتهميش، فيما أثبتت وقائع السنوات الثلاث الماضية، أنها الأعلى مشاركة، والأكثر مثابرة سياسيا واجتماعيا. ذلك أن هذه المرأة لا تزال تدور في دوائر نضال لا يهدأ من أجل الكرامة، وصراع من أجل الحقوق، ما يلبث أن يتقدم حتى يعاود التعثر وعدم التفعيل، تارة من باب التحريم "باسم الدين" وأخرى من منطلق الرفق تحت وطأة رياح التغيير. ويشار في هذا الصدد، إلى رواج مفاهيم أربعة لدينا في التعامل مع قضايا المرأة المصرية، وهى: المساواة، والتمكين، والحاجات الأساسية، والإصلاح، لكنه، ورغم كفالة الدستور الجديد لحق المساواة مع الرجل في مراكز اتخاذ القرار والمناصب العليا، فإن هذا الحق لا يضمن تمتع جميع المواطنين بمساواة فعلية، بسبب ما يحيط تطبيق قاعدته من تفاضل وتمايز بين المخاطبين بأحكام هذا الدستور. أما صيرورة التمكين، فتنطلق من نظرة دونية للمرأة، ككائن ضعيف يجب الأخذ بيده، على هيئة من يحتاج دوما إلى سند وعون من خارج الذات، عبر الانصياع إلى الحلول التي تصدر عن الآخرين إزائها، ناهينا عن وقوف غاياته عند حدّ مواجهة أو تخطى العقبات وأوجه التمايز التي تقلل من أوضاعها. كذلك يبدو قصور مفهوم الحاجات الأساسية، مع النظر إليه كانتظار يقتضى إشباعه، تعبيرًا عن معاناة نقصها، بما يشى بتحويل النساء إلى كائنات عضوية مستهلكة، وهو ما عبرت عنه الناقدة فريدة النقاش، حين ذكرت أن لغة الاحتياجات، بدلا من لغة الحقوق، تصل دوما إلى مأزقها. وفيما يخص مفهوم الإصلاح، فالسائد أنه يحمل أصباغا عديدة من رؤى التحول، لوجهة ارتباطه بحلّ قضايا الأجل القصير، دون أن يحكمها أفق استراتيجى واضح، مع تقديمه لفعاليات متواضعة، تدور في فلك زيادة فرص تعليم النساء، وتمويل مشروعاتهن الصغيرة، والأخذ بنظام الكوتة في الانتخابات. وبعيدًا عن هذه المفاهيم، تبدو المشاركة، على جميع أصعدتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، عبر مستويات ثلاثة: مستوى الحقوق، ويتحدد بمؤشرات توزيع العمل وفرص التعليم والخدمات الصحية، ومستوى التمثيل، ويتضمن مؤشرات اتخاذ القرار في الوحدة المعيشية والأحزاب والنقابات والمنظمات الأهلية، فيما يشمل مستوى الاعتراف الدفع باستقلال المرأة الذاتى وحالة التشريعات والابتعاد عن آليات القهر الاجتماعي. والأمر هنا يتعلق بأن الدولة ليست وحدها المسئولة عن تدنى أوضاع المرأة، بل لا بد أن تتعاون معها الأحزاب السياسية والقوى المدنية، بما فيها المنظمات العاملة في مجال حقوق المرأة، ساعتها، سوف يكون للاحتفال بعيد المرأة المصرية معناه.