لا تستطيع "البوابة نيوز" أن تنكر نجومية وتاريخ هاني شاكر، فما حققه الرجل للفن يحتاج مئات الصفحات للكتابة عنه، فيكفيه أنه استطاع أن يصنع اسمه ونجوميته في وقت كانت الساحة الغنائية شبه مغلقة على نجم بحجم عبد الحليم حافظ، واستطاع هاني شاكر بصوته وأدائه أن يوجه هزة عنيفة لعرش عبد الحليم حينا ذاك، يحكي فؤاد معوض أن عبد الحليم حافظ انزعج من مقارنته بهاني شاكر، وقرر الاجتماع بأصدقائه من الصحفيين فؤاد معوض وعصام بصيلة وغيرهم لوضع خطة لمواجهة صعود نجومية هاني شاكر، وبعد الجلسة تم الخروج بشائعة أن هاني شاكر مطرب مسيحي الديانة ليحاولوا وقف تقدمه نحو القمة، فما كان من هاني شاكر سوى الإعلان عن ذهابه لأداء العمرة، ليوقف هذه الشائعة بمنتهى الذكاء، ويواصل صعوده نحو القمة، فتجربة هاني الفنية صعب أن تكرر، لأنه كما ذكرنا استطاع في زمن الكبار أن يزاحمهم ويصنع لنفسه مكان بينهم، ليس هذا فقط، بل استطاع أن يطور من موسيقاه وألحانه ليساير العصر، حتى لا يتوقف الزمن به مثلما توقف بنجوم غيره لم يستطيعوا التطور وفضل التاريخ نسيانهم. "البوابة نيوز" تكن للفنان هاني شاكر كل الاحترام والتقدير، وتنشر مقالاً للزميل أحمد حمدي يكتب فيه وجهة نظر شاب في بداية الثلاثين من عمره عن قيمة فنية بحجم وتاريخ وثراء تجربة الفنان الكبير هاني شاكر. أحمد حمدي يكتب "من الذي لا يحب هاني شاكر"! ذات يوم وأنا داخل الحرم الجامعي كنت أتحدث مع زميلة لي عن ألبوم مطرب مصري معروف قام بطرحه، وشعرت وأنا أستمع إلى أغنياته أنها مكررة ونمطية وخالية من التجديد الموسيقى، فهي نسخة طبق الأصل لألبوماته السابقة التي طرحها، وكان ردها علي "أنا حابه كده بنمطيته فيكفي غناءه وصوته الجميل وتاريخه الفني بالنسبة لي"، وبصراحة وقتها لم أستطع الرد عليها. بهذه الكلمات البسيطة أردت أن أصف أمير الغناء العربي "هاني شاكر"، وأوجه إليه هذه الرسالة قائلا "إحنا حابينك كده"، فهو فنان عمره الفني يتجاوز 35 عاما تقريبا هو من جيل عمالقة الغناء والطرب الأصيل هو من أنجح الأصوات من أبناء جيله وأكثرهم قدرة على الصمود والاستمرارية في عالم الغناء سنوات طويلة، رغم ظهور أنصاف المواهب بل معدومي المواهب. هو من استطاع أن يعاصر أكثر من جيل في الغناء بداية من زمن العندليب عبد الحليم حافظ وفايزة أحمد ووردة، مرورا بمحمد الحلو وعلي الحجار ومحمد ثروت والكينج محمد منير حتى جيل عمرو دياب ومحمد فؤاد وإيهاب توفيق. ورغم أنه جاء في زمن العمالقة فإنه استطاع أن يخرج من عباءة الأسلوب القديم له، ليواكب التطور الذي حدث في عالم الموسيقى، وينافس جيل التسعينيات، بل استحق عن جدارة أن يكون رمز جيل فني كامل ومعه الكينج محمد منير، أما باقي أبناء جيله مثل الحجار والحلو فلم يستطيعوا أن ينافسوا جيل دياب وفؤاد وتوفيق في نجاحاته نظرا لنمطيتهم رغم الموهبة القوية التي يتمتعون بها. ومن منا ينسى نجاحات هاني شاكر بداية من أولى أغنياته "حلوة يا دنيا" مرورا ب"علّي الضحكاية" و"حكاية كل عاشق" و"كده برضه يا قمر" و"غلطة" و"لو بتحب" و"يا ريتني" و"بحبك أنا" الذي استطاع بالأغنية الأخيرة أن يحقق أعلى المبيعات في مصر والوطن العربي وأرقام التوزيع وقتها تؤكد ذلك، فهذه الأغنيات أصبحت راسخة في وجداننا جميعا، ولها قيمتها الفنية التي تزيد حلاوة وجمالا مع مرور السنين، وكلما شاهدنا الانحطاط والابتذال الذي وصل إليه عالم الغناء السنوات الأخيرة في مصر بسبب وجود أنصاف المواهب وعديمي الأصوات والمنشزين، بالإضافة للكليبات العارية الخالية من أي إبداع أو موهبة نعرف قيمة هذا الفنان جيدا الذي ننحني له احتراما وتقديرا، لأنه استطاع الحفاظ على أصالته ورقيه وقيمته الفنية سنوات طويلة. بصدق شديد أكتب هذه الكلمات ليس دفاعا عن هاني شاكر لأنه لا يحتاج إلى أحد أن يدافع عنه فيكفي تاريخه الفني وعطاؤه لأكثر من 35 عاما، فهما كفيلان أن يدافعا عنه أمام جمهوره، إنما ينتابني شعور بالأسى على فنان أحترمه وأقدره وأعرف قيمته الفنية، شعرت في لحظة أن هناك أشخاصا لا يدركون قيمة ما أقدمه هاني شاكر لجمهوره طيلة مشواره الفني. ورغم انتقادي الشديد له لكونه أصبح بخيلا على جمهوره، وأنا واحد منهم، وتربيت على أغنياته، وكنت أستمع إليها حتى في أثناء مذاكرتي أيام الامتحانات أنه أصبح بعيدا عن الساحة الفنية لفترة طويلة وتركها مرتعا لتلك الأصوات وأشكال الموضة التي أفسدت ذوقنا ومسامعنا، وأوجه رسالة إليه قائلا "إحنا حابينك كده"، فمهما قدم هاني شاكر سنتمتع به حتى لو كان نمطيا أو غير متجدد في ألحانه، كما وصفته بعض الأقلام الفترة السابقة، لأن تاريخه يشفع له لدى جمهوره. هاني شاكر هو الذي تمتلئ حفلاته في الأوبرا المصرية، وقد شاهدت ذلك بعيني حينما حضرت له حفلا في العام الماضي، وشاهدت حب الناس له، وهو من هز مسارح الوطن العربي في تونس والأردن ولبنان بنغمات صوته ورقة إحساسه وتواضعه واحترامه لجمهوره، وهو من أطلق عليه الجمهور ووصفه ب"أمير الغناء العربي"، فهو بحق من أجمل الأصوات المصرية والعربية التي استمعت إليها وجاءت في عالم الغناء، ولن يأتي في عالم الموسيقى العربية صوت مثل هاني شاكر فهو بحق "أمير الغناء العربي"، ولا يمكن أن أنسى عندما قابلت هاني شاكر في إحدى الحفلات الخاصة بانتصارات أكتوبر وكان بها أكثر من 15 نجما في عالم الغناء من مصر والوطن العربي، وشاهدت بعيني كيف يقدرون هذا الفنان بل شعرت بدهشة عندما رأيت فنانا كبيرا مشواره الفني يتجاوز 25 عاما في الغناء يقول له "أستاذ هاني"، رغم أن الحفل كان خاليا من أي وسيلة إعلامية، وأحسست حينها أنه بالفعل أمير الغناء العربي. ورغم كل ما قلته فإن من حق جمهوره عليه أن ينتقده أحيانا أو يلومه على تقصيره أو ابتعاده عنه، لأن هذا الجمهور أحبه على مدى سنوات طويلة، وما زال ينتظر منه عطاء فنيا حتى آخر قطرة في دمه.