مرت محافظة الأقصر خلال الأيام الثلاث الماضية منذ يوم الجمعة، بموجة من الطقس السيء لم تشهدها المحافظة منذ أكثر من 10 سنوات، حيث هطلت الأمطار الغزيرة مصحوبة برعد وبرق وسقوط كرات من الثلج وهبوب رياح خفيفة علي أنحاء متفرقة من المحافظة، كما تلبدت السماء بالغيوم والسحب الكثيفة وغابت الشمس عن الظهور، وارتفعت درجات الحرارة والرطوبة. ودفع هذا الطقس السيء المواطنين الذين يعيشون في المنازل المبنية من الطوب اللبن إلى الخروج إلى الشوارع، خشية سقوط منازلهم بسبب الأمطار، فيما انقطع التيار الكهربائي عن بعض المناطق، كما تحولت الشوارع الرئيسية والجانبية إلى برك من الطين، واضطر قائدو السيارات إلى تخفيف السرعة على الطرق. كما تزامن عدم استقرار الطقس مع عودة الطلاب إلى المدارس مع بداية الفصل الدراسي الثاني، مما أدى إلى تأثير هطول الأمطار سلبيا على سير العملية التعليمة، واضطرت الإدارات التعليمية على مستوى محافظة الأقصر، لصرف الطلاب عقب نصف اليوم الدراسي حرصا على حياتهم، خاصة مع تجمع العشرات من أولياء الأمور أمام المدارس لإصطحاب أبنائهم منها والعودة بهم إلى المنازل،رغم فتح أبواب المدارس في الصباح الباكر واستقبال الطلاب، غير أن التغيرات المفاجئة والمتكررة للطقس لم تسمح باستكمال اليوم الدراسي. واستمرارا للتأثير السيئ لموجة الطقس السيئ التي اجتاحت المحافظة، فقد تم وقف رحلات البالون الطائر إلى حين استقرار الحالة الجوية بالمحافظة، فضلا عن إرباك الحركة المرورية بسبب ارتفاع منسوب المياه في الشوارع، وأيضا شلل في حركة البيع بالأقصر وإعاقة في حركة السير بشوارع المدينة. كما أدى هطول الأمطار الكثيفة على محافظة الأقصر إلى انهيار وتصدع العديد من المنازل بقرى الأقصر، معظمها من المنازل المبنية بالطوب اللبن، وجاءت مدينة الطود ضمن أثر مدن المحافظة تضررا، حيث تعرضت منازل في مناطق أبو عنان والجرادات وأبو بكر والحسينات بمدينة الطود لأضرار كبيرة، إضافة إلى تصدع بعض المنازل بمنطقة المدامود بمركز الزينية وانهيارات بالجملة في قرية الديمقراط والمحاميد قبلي بمدينة أرمنت جنوب غرب المحافظة. أما في مدينة إسنا جنوبالأقصر، فقد امتلأت شوارع المدينة بأكملها بمياه الأمطار على مدار الثلاثة أيام الماضية، حيث لا يوجد أماكن لصرف المياه ولا بالوعات صرف صحي مثلما يوجد المدن الأخرى ، ولذلك فإن الشوارع امتلأت بالمياه المختلطة بالأتربة، كما أغلق صحاب المحلات محلاتهم بسبب تراكم المياه أمامها . أما في مطار الأقصر الدولي فقد رفعت إدارة المطار درجة الاستعداد القصوى في المطار من خلال تشغيل جهاز الهبوط الآلي واستخدام أجهزة ومعدات لشفط المياه الراكدة نتيجة سقوط الأمطار، وتشغيل نظام الآلي للكهرباء في حال انقطاع التيار الكهربائي عن مدينة الأقصر، كما شوهد ارتفاع منسوب المياه إلي أكثر من نصف المتر، بمنطقة علي قرب من مطار الأقصر الدولي، فيما أعلن أجهزة المطار الداخلية عن حالة الطوارئ خاصة بعد ارتفاع منسوب المياه الكبير بمنطقة مهبط الطائرات. فيما أعلنت منطقة آثار الأقصر حالة الطوارئ بين العاملين بقطاع الآثار في المحافظة، تحسبا لسقوط الأمطار خشية تعرض معالم الأقصر التاريخية لأي مخاطر نتيجة للأمطار الغزيرة، كما تم إقامة مصدات أمام مداخل المقابر الفرعونية في منطقتي وادي الملوك ووادي الملكات بجانب مقابر النبلاء والأشراف بجبل القرنة غرب الأقصر لحمايتها من مياه الأمطار، كما نجحت جهود محافظة الأقصر والعالميين بقطاع الآثار بالمحافظة في ربط كافة المناطق الأثرية غرب الأقصر بمخرات السيول في المنطقة ضمانا لحمايتها من أية مخاطر. فيما تفقد إبراهيم سليمان، مدير عام آثار الأقصر، معابد البر الغربي "حتشبسوت، والملكات، والملوك"، ومعابد البر الشرقي "الأقصر والكرنك"، للاطمئنان عليها بعد سقوط الأمطار، وتم التأكد من سلامتها مشيرا إلى أن المعابد تتميز بأرض رملية قادرة على امتصاص مياه الأمطار. كما تسببت غزارة سقوط الأمطار والثلوج بمحافظة الأقصر في قيام بعض الأفواج السياحية بإلغاء زياراتها للمناطق الأثرية بالمحافظة، ومن المقرر أن يتم استئنافها عقب استقرار الحالة الجوية . فيما قال اللواء علاء الهراس، سكرتير عام محافظة الأقصر، إنه تم تشكيل غرفة عمليات بالتنسيق مع شبكة المياه والصرف الصحي والمطافي والنجدة حتى تتم السيطرة على كل المراكز حال استمرار موجة السيول، مشيرا إلى أن كل مركز تتواجد به سيارات لكسح المياه، فهناك 20 سيارة بإسنا و15 سيارة بالطود و5 سيارات ببندر الأقصر و10 سيارات بمركز أرمنت لسحب المياه الراكدة نتيجة هطول الأمطار الغزيرة. وأضاف "الهراس" أن مدينتي الطود وإسنا جنوبيالأقصر، من أكثر المدن الأقصرية تضررا في البنية التحتية جراء موجة الأمطار الغزيرة التي اجتاحت المحافظة منذ يوم الجمعة الماضي. وأضاف "الهراس" أن عدد البيوت التي تضررت من موجة الأمطار تجاوز ال 100 منزل من الطوب اللبن في مدينة الطود، مابين شروخ وتصدعات دون وجود إصابات أما في إسنا فيبلغ عدد المنازل التي سقطت ما بين 4 منازل إلى 50 منزلا وأغلبها في قرية كومير. وتابع "الهراس" أنه تم تفقد تلك المنازل المنكوبة في زيارة لمدينة الطود، رافقه خلالها مدير مديرية التضامن الاجتماعي، ليتم حصر عدد المنازل المتضررة وصرف تعويضات عاجلة لهم كما تم توزيع كراتين مواد غذائية بالتعاون مع عدد من الجمعيات الخيرية، كما سيتوجه إلى مركز أرمنت لمتابعة الوضع هناك. جدير بالذكر، أن هيئة الأرصاد الجوية كانت قد حذرت من عدم الاستقرار الشديد في الأحوال الجوية، بدءًا من الجمعة حتى يوم الثلاثاء، حيث توقع خبراء هيئة الأرصاد الجوية أن تبلغ حالة عدم استقرار الأحوال الجوية ذروتها الأحد، حيث يستمر تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة على أغلب الأنحاء يصاحبها سقوط الأمطار الرعدية والغزيرة على سواحل البحر الأحمر ومحافظات الصعيد تصل لحد السيول تمتد متوسط الشدة إلى القاهرة ومناطق من الوجه البحري، ورغم ذلك تجاهل المسئولون كل تلك التحذيرات مما أدى إلى وجود خسائر كبرى في عدد من مدن المحافظة.