على غرار انتشار النار في الهشيم، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة حالة واسعة من الجدل مع تزايد حدة وقائع العنف الأسرى التى أصبحت مادة إعلامية تسلط الضوء بصفة يومية على أحداث دموية لا يكاد تصور وقوعها بين الزوج وزوجته، في مخالفة صارخة لكل قواعد الأديان السماوية والأعراف الإنسانية السائدة التى تحث على المودة بين أفراد الأسرة الواحدة. لعل أبرز هذه الأحداث التى فرضت نفسها خلال الأيام الماضية، حينما أقدمت زوجة على قتل زوجها وقطع رأسه وأحد أعضائه، في منطقة إمبابة، وبالتحقيق معها أمام النيابة أفادت المتهمة بأن زوجها كان يسيء معاملتها بشكل كبير على مدى السنوات التى عاشتها معه، ما جعلها تتخذ قرار التخلص منه وإنهاء حياته، فدارت في رأسها الفكرة لعدة أيام وعزمت على تنفيذها، كما جاء في أقوال المتهمة أن إدمان زوجها المخدرات والمنشطات، دفعه لمعاشرتها بطريقة محرمة رفضتها عدة مرات، فما كان منه إلا أن تعدى عليها بالضرب المبرح لإجبارها على الاستجابة له حتى قررت التخلص منه بقتله واستغلت نوم أطفالها وزوجها، وقامت بذبحه وفصل رأسه عن جسده، وعندما لم تتمكن من تقطيع باقى الجثة قامت بلفها في ملاءة وبطانية، وطلبت من ابنها إلقاءها في الشارع بعدما أخبرته أنها قمامة ومتعلقات قديمة ترغب في التخلص منها. بجانب ذلك، شهدت مدينة الغردقة، جريمة قتل بشعة، تمثلت في قيام مقاول بطعن زوجته بسكين، داخل منزلهما بمنطقة السلام وسط مدينة الغردقة، بسبب خلافات بينهما وتركها غارقة في دمائها ليسلم نفسه بعد ذلك للشرطة. وفى سياق متصل ألقت مباحث قسم ثانٍ الإسماعيلية برئاسة المقدم مروان الطحاوى، رئيس المباحث القبض على المتهم بقتل «طليقته» والتمثيل بجثتها وقطع لسانها وفقء عينها بمنطقة حى السلام بمدينة الإسماعيلية. تعليقا على تفشى ظاهرة العنف الأسري، يقول محمد عرفات عضو مجلس النواب، أن العنف الزوجى مرفوض بكل أشكاله بما في ذلك العنف ضد المرأة، مؤكدًا أن نواب البرلمان يرفضون هذا لأن المرأة هى كل المجتمع فهى الأم والأخت والزوجة والابنة، ويوجد بقانون العقوبات الكثير من المواد تقوم بتجريم العنف ضد الإنسان بشكل عام، موضحا أن الفترة المقبلة ستشهد دراسة مستفيضة حول القوانين ولو كنا نحتاج لبعض التشريعات، ليعقب قائلا: سوف نتقدم بها وندافع عنها بقوة فهذا حقها علينا كمشرعين للقوانين، موضحا إنه لا داعى لتغليظ العقوبات لوجود ما يكفى من القوانين الرادعة، وإن المجتمع حريص كل الحرص على حقوق المرأة، مشيرًا أنه ولأول مرة توجد نسبة لاتقل عن 27٪ نائبات مصريات بالبرلمان المصرى وسوف نشاركهم في تقديم كل ما يحد من مشكلات العنف ضد المرأة. فيما أشارت الدكتورة رحاب العوضي، أستاذ علم النفس السلوكي، أن هذه الجرائم ليست ظاهرة، ولكنها حالات فردية نتيجة تعاطى المواد المخدرة أو التربية الخاطئة منذ الصغر وعدم خوفه من العقاب لتلبية طلباته المستمرة في طفولته فأصبح شخصا لا يخشى العقاب وأكدت «العوضي» أن تغليظ العقوبات ليس حل لهذه الجرائم، فهؤلاء بحاجة إلى التأهيل النفسى وإدراكهم لمعنى الزواج والمودة والرحمة بين الزوجين، لافتة إلى أن التربية الصحيحة في الصغر هى التى تجعلنا نتفادى مثل هذه الجرائم في المستقبل. واتفق معها في القول، الفقيه الدستورى شوقى السيد، مشددا على أن مثل هذه الجرائم هى دخيلة على السلوك البشرى حتى لو كانوا غير متزوجين، فالأدعى في العلاقات الزوجية أن يكون بها حميمية ورحمة، فلا يمكن لإنسان بكامل قواه العقلية أن يمسك بساطور أو سلاح أبيض ويقوم بتشويه من أمامه، مردفا بأن أسهل ما يمكن فعله هو سن القوانين الجديدة، ولكن مفعول السحر لهذه القوانين يكون ظاهريا ووقتيا وليس حقيقيا، موضحًا أن الأصح هو دراسة المشكلات الحقيقية والأسباب والدوافع وكيفية مواجهتها ومعالجتها، مختتما بأن هذه الجرائم لا بد أن تواجه بقسوة فهى تندرج تحت القتل العمد وعقوبتها المؤبد أو الإعدام، ولكن تظل العقوبة مرهونة بالوقائع والأدلة والثبوت.