وسط بحر واسع من أشجار النخيل المثمرة، والمعالم الأثرية الراسخة، وعلى ضفاف بحيرات الملح الشاسعة، وصفحات عيون المياه الباطنية المتدفقة، يعيش أمازيغ مصر في أقصى الجنوب الغربى من محافظة مطروح على الحدود المصرية الليبية في عروس الصحراء الغربية «واحة سيوة» التى يسكنها أحد عشر قبيلة ترجع أصولها لقبائل الأمازيغ التى تسكن بلاد المغرب العربى وانخرطت في الدولة والحضارة الإسلامية في العصر الأمُوى وأصبحوا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الوطنى للمجتمع الإسلامى. يعيش على تلك البقعة الخضراء ما يقرب من 30 ألف نسمة يتوزعون بين قبائل الحدادين، اللحمودات، الشحايم، الشرامطة، أغورمى، أم الصغير، الجواسيس، الظناين، أولاد موسى، السراحنة، الشهيبات، ويسودها الثقافة الأمازيغية بلغتها التى تنتشر في بلاد المغرب العربى، ورغم عودة أصولهم لهذه الثقافة التى ما زالت تؤثر على طابع حياتهم وتعد لغة التواصل الأولى والسائدة في جميع أنحاء الواحة، إلا أنهم يحافظون على التحدث باللغة العربية لاسيما مع غير الأمازيغيين، ويتمسكون بتعاليم الدين الإسلامى السمحة. ويقول عمر راجح، شيخ قبيلة أولاد موسى والمتحدث الرسمى باسم قبائل سيوة، إن الثقافة الأمازيغية أثرت على مواطنى واحة الغروب ويتوارثونها جيلًا بعد جيل، في عاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم في المآكل والملبس، والطراز المعمارى الذى يتفق وطبيعة المناخ والنشاط الاقتصادى؛ فتبنى المنازل من مادة مصنوعة من الكرشيف المخلوط بالطفلة، ويتم عمل سقف المبانى من جذوع النخيل، والأبواب عبارة عن ألواح متراصة من خشب الزيتون، وأبرز مظاهر العمارة وفنونها على أرض الواحة قلعة شالى القديمة، التى ترجع للقرن السادس الهجرى والثانى عشر الميلادى. ويقول أحد شباب سيوة عبد العزيز زكريا، إن غالبية أهالى سيوة لا يحتفلون برأس السنة الأمازيغية، فيما يحتفل بعض الأمازيغ المقيمين بالواحة في منازلهم أو بأحد فنادق الواحة، حيث يقيمون بإعداد وجبة العشاء في ليلة رأس السنة وتتكون من الكسكسى الساخن مضاف إليه كمية من الخضراوات «الجزر والبطاطس والكوسة والبازلاء» والدجاج، ويقوم الطاهى بوضع نواة زيتونة في الإناء، ومن يجدها أثناء الطعام عليه أن يحلُم بتحقيق أمنيته في السنة الجديدة، وعند بلوغ منتصف ليلة رأس السنة الأمازيغية، يحرصون على تناول اللبن اعتقادًا منهم بأنه سيجعل السنة الجديدة بيضاء وسعيدة.