احتفلت الكنيسة الإنجيلية المشيخية بعين شمس، برأس السنة الميلادية الجديدة، وذلك بمقر الكنيسة بشارع أحمد عصمت. بدأت الاحتفالية بمجموعة من الترانيم الميلادية العالمية والترانيم الروحية من فريق ترانيم الكنيسة. والقي القس عيد صلاح راعي الكنيسة كلمة الاحتفالية بعنوان "عمانوئيل (الله معنا) في رحلة الحياة"، "هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا." (مت 1: 23) وقال "صلاح "، يأتي الاحتفال بهذا العام في ظل ظروف صعبة بفعل جائحة كورونا، في مثل هذا الوقت في السنوات السابقة كانت الكنيسة تمتلئ في هذه المناسبة التي كان يحرص عدد كبير أن يكون مشاركًا معنا في ليلة رأس السنة، ولكن حرصًا على سلامتكم نحتفل بهذه الطريقة خلال وسائل التواصل الاجتماعيّ عبر البث المباشر في ظل التباعد الجسديّ/التقارب الروحيّ من خلال شركتنا معًا. الرسالة التي أحب أن أشارككم بها الليلة هي: "الله معنا في رحلة الحياة" والسؤال الذي سنجيب عنه هو: كيف نختبر وجود الله في رحلة حياتنا ورفقته لنا ولا سيما في الظروف الصعبة ونحن نشعر بالضعف البشري، ومحدوديتنا، وفي وسط المخاطر والمخاوف التي تحيط بنا؟ الإجابة كانت في البشارة المفرحة ومازالت: "هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا." (مت 1: 23). رحلة الحياة لا تخلو من مخاطر وأزمات، فقد وحزن، ألم وتعب، انكسار وتعب، أمل ورجاء، وفي وسط المخاطر والأزمات نرى إشراق الله في الحياة، نور وسط الظلام، في أربعة مواقف توضح لنا معية الله في رحلة الحياة، وهي: الموقف الأول: مع حبقوق الله يمشيني على مرتفعاتي الموقف الثاني: مع العذراء مريم، الله يجيب على تساؤلاتي الموقف الثالث: مع التلاميذ في السفينة الله يمنح الهدوء الموقف الرابع: مع بولس لا شيء يفصلنا عن محبته وأضاف "صلاح" في الأربعة مواقف تعبر عن فصول مهمة في رحلة الحياة التي نختبر فيها بطرق مختلفة معية الله الصالحة ورحمته الواسعة، في المواقف الأربعة هناك إقرار بالمخاوف، واعتراف بالظروف الصعبة، فلا يوجد ثقافة الإنكار أو ثقافة التبرير وفق أية مزاعم، لكن في الأربعة مواقف فيها مخاوف، مشكلات، مخاطر ظروف صعبة وقاسية، لكن هناك الأمل والرجاء في معية الله التي لا تلغي المواقف الصعبة ولكن تمنح القدرة على اجتيازها. وأشار صلاح بانه في الموقف الأول: مع حبقوق الله يمشيني على مرتفعاتي (حب 3: 16- 19) عاش حبقوق خبرة الخوف، وعبر عنها جيدًا في كلمات مؤثرة: "سَمِعْتُ فَارْتَعَدَتْ أَحْشَائِي.مِنَ الصَّوْتِ رَجَفَتْ شَفَتَايَ.دَخَلَ النَّخْرُ فِي عِظَامِي،وَارْتَعَدْتُ فِي مَكَانِي لأَسْتَرِيحَ فِي يَوْمِ الضِّيقِ،عِنْدَ صُعُودِ الشَّعْبِ الَّذِي يَزْحَمُنَا." (حب 3: 16) يخاف من هذا الموقف وما يتتبعه من دمار اقتصادي على الثروتين: الزراعية والحيوانية، فيقول: "فَمَعَ أَنَّهُ لاَ يُزْهِرُ التِّينُ، وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ فِي الْكُرُومِ. "يَكْذِبُ عَمَلُ الزَّيْتُونَةِ، وَالْحُقُولُ لاَ تَصْنَعُ طَعَامًا. يَنْقَطِعُ الْغَنَمُ مِنَ الْحَظِيرَةِ، وَلاَ بَقَرَ فِي الْمَذَاوِدِ، فَإِنِّي أَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَأَفْرَحُ بِإِلهِ خَلاَصِي. اَلرَّبُّ السَّيِّدُ قُوَّتِي،وَيَجْعَلُ قَدَمَيَّ كَالأَيَائِلِ، وَيُمَشِّينِي عَلَى مُرْتَفَعَاتِي". (حب 3: 16- 17) إقرار بالظروف الصعبة، ولكن لا يبني سعادته وبهجته على الظروف ولكن في مصدر قوته وسر حياته: اَلرَّبُّ السَّيِّدُ قُوَّتِي، وَيَجْعَلُ قَدَمَيَّ كَالأَيَائِلِ، وَيُمَشِّينِي عَلَى مُرْتَفَعَاتِي. (حب 3: 19). عاش ايضًا معادلة فمع أنه لا شيء فإني ابتهج. يمكننا اجتياز الظروف الصعبة بالاتكال على نعمة الله ورحمته. يمشيني على مرتفعاتي، على صعابي، على مشكلاتي، على مخاوفي، لا تكون الظروف فوق الرأس بل تحت القدم. وكشف "صلاح" بان الموقف الثاني: مع مريم العذراء لا شيء غير ممكن لدى الله (لو 1: 34- 39) عند بشارة الملاك لها، قالت مريم بواقعية شديدة: "فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟»" (لو 1: 34). وكان الرد: "فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ." (لو 1: 35). مع حبقوق "اَلرَّبُّ السَّيِّدُ قُوَّتِي"، مع مريم "قُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ". دور وعمل الروح القدس مع الكلمة المقدسة في محاولة الفهم للإجابة على الأسئلة الصعبة التي تواجهنا في الحياة. تساؤل مريم والإجابة على هذا التساؤل قادها إلى دائرة إيمانية أقوى وأعظم تكمن في قدرة الله وجعل غير الممكن ممكنًا، فاستمعت بالقول: "وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ»." (لو 1: 36، 37). طرح الأسئلة عمل بشريّ، وتحدي المستحيل عمل إلهيّ، ونحن نعيش في هذا الدائرة بين أسئلتنا وقدرة الله وهي دائرة لا تتوقف أبدًا. عمل الروح القدس من خلال الكلمة يتعامل مع الأسئلة المحيرة في الحياة، لتقودنا إلى دائرة الخضوع: فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». (لو 1: 38). وتابع " صلاح ": الموقف الثالث: مع التلاميذ في السفينة الله يمنح الهدوء (مرقس 4: 35- 41) يُسَجِّل البشير مرقس هذا المشهد التلاميذ مع المسيح في السفينة: "فَحَدَثَ نَوْءُ رِيحٍ عَظِيمٌ، فَكَانَتِ الأَمْوَاجُ تَضْرِبُ إِلَى السَّفِينَةِ حَتَّى صَارَتْ تَمْتَلِئُ." وَكَانَ هُوَ فِي الْمُؤَخَّرِ عَلَى وِسَادَةٍ نَائِمًا. فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟» فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ، وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «اسْكُتْ! اِبْكَمْ!». فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ. وَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هكَذَا؟ كَيْفَ لاَ إِيمَانَ لَكُمْ؟»فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا، وَقَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَنْ هُوَ هذَا؟ فَإِنَّ الرِّيحَ أَيْضًا وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ!». في هذا الجزء نرى التحول من "فَحَدَثَ نَوْءُ رِيحٍ عَظِيمٌ" إلى "وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ" قدرة الله على تحول الأمور للأفضل أمام كل اضطراب أو عواصف أما القلق والتوتر من فيروس كورونا سيأتي يومًا يهدأ فيه العالم نتيجة لعمل الله من خلال العلم. عمانؤيل في سفينة حياتنا وهي تتعرض للمخاطر، لكن وجوده معنا يمنح الهدوء والطمأنينة. فيالوقت الذي انهارت فيه كل مصادر الأمان نجد أن الأمان الوحيد هو الله. واختتم عظته بالموقف الرابع: مع بولس من سيفصلنا عن محبة المسيح (رومية 8: 35- 39) تسأل الرسول بولس: "مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ». وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا." رومية 8: 37- 39) الخلاصة لا شيء يفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا. هدف التجسد أن نكون في المسيح ومع المسيح، في اتحاد دائم معه، ووجود حقيق مع الله. لا شيء يفصلنا عن محبة الله التي لنا في المسيح يسوع ربنا. نلاحظ أنه لا موت ولا حياة، "لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ." (رو 14: 8). عمانؤيل الله معنا يمشينا على مرتفعاتنا، كل شيء مستطاع لديه، يقودنا إلى رحلة الهدوء ولا يفصلنا عن محبته شيء. كل عام وأنت بخير