تعانى الأقليات فى إيران من حالة تضييق واضطهاد من قبل النظام الدينى الحاكم، ويأتى "عرب الأحواز" فى مقدمة الشعوب غير الفارسية التى تعانى من انتهاكات الحرس الثورى وأجهزة الأمن الإيرانية، حيث استهدفت استخبارات المرشد على خامنئى مؤخرا المرأة الأحوازية باعتقالات شملت عشرات الناشطات الأحوازيات. وبدأت مؤخرًا موجة جديدة من الاعتقالات فى الأحواز، حيث اعتقلت عناصر الأمن الايرانى، خلال ديسمبر الجارى، الناشطة الثقافية والباحثة فى الأدب العربى والمصورة فاطمة التميمى فى منزلها بمدينة جمران. ووفقًا لوكالة "هرانا" الحقوقية الإيرانية، فقد كانت فاطمة التميمى تنتقل من قرية إلى قرية لجمع القصص والأغانى العربية لتسجيل التاريخ الشفوى للأحواز، ولا يزال سبب اعتقالها مجهولا، وكذلك التهم الموجهة إليها ومكان وجودها. كما اعتقلت الاستخبارات الإيرنية، الناشطة الأحوازية مريم عامرى، وهى صديقة مقربة من الصحيفة والكاتبة فاطمة التميمى، وهى أيضا كانت تجمع الروايات والقصص من قرية إلى أخرى ومن منزل إلى منزل، بالإضافة إلى أغانى الأطفال وتهويداتهم والأعمال الثقافية العربية الشفوية، جاهز لبث فيلم وثائقى من 20 جزءا. كذلك اعتقلت قوات الأمن الإيرانية الناشطة "أزهر البوغويش" مع أخويها "عباس ورضا" بسبب أنشطتهم فى وسائل التواصل الاجتماعى، جميعهم تحت سن 20 عاما، فى منزل والدهم فى الفلاحية (شادجان). وأفادت مصادر محلية لمنظمة حقوق الإنسان الأحوازية، أن قوات الأمن اعتقلت الناشطة فاطمة سوارى، مساء الجمعة 11 ديسمبر الجارى فى منزلها بمدينة الحويزة. وفاطمة هى عمة الناشطة زينب سوارى طالبة دراسات اجتماعية التى اعتقلت يوم الخميس 10 ديسمبر الجارى، بسبب إقامة صفوف ودورات لغة عربية للطلبة. كما أن فاطمة سوارى، خريجة دورة تأهيل المعلمين، نشطت أثناء أزمة كورونا بالعمل التطوعى من خلال الذهاب إلى المناطق والقرى المحرومة لتعليم الطلاب الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى التعليم عبر الإنترنت وانقطعوا عن الدراسة بسبب إغلاق المدارس. ويرى مراقبون أن إيران تستهدف المرأة الأحوازية وكذلك النشطاء ذو الطابع الثقافى، ففى الماضى، كان يتم استهداف النشطاء السياسيين من قبل الاستخبارات والأمن الإيرانيين ويتم توجيه اتهامات الخيانة أو الانفصاليين أو الانضام لجماعة مسلحة تستهدف الانفصال. لكن الآن، تستهدف الاستخبارات والأمن الإيرانى، النخبة والشخصيات الثقافية ونشطاء المجتمع المدني. ومؤخرا استهدفت إيران النشطاء ذوى الطابع الثقافى، وخاصة الباحثين فى مجال اللغة والأدب العربى والتراث العربى الأحوازى، حيث تعتبر النخبة الحاكمة فى طهران، أن اللغة العربية تشكل تهديدًا للأمن القومى الإيراني. وأوضح المراقبون أن إيران فى إطار مخطط التغيير الديمغرافى فى الأحواز تسعى لزرع فكرة الثقافة الفارسية ومحاربة الثقافة العربية، ومنع تدريسها للتأثير على عقول الأطفال خاصة فى المدارس الابتدائية والثانوية. ومنذ تولى الرئيس الإيرانى السابق محمود أحمدى نجاد الرئاسة فى إيران فى عام 2005، فقد غير الأسماء العربية للعديد من المدن إلى أسماء فارسية مثل تغيير اسم مدينة القابندية إلى بارسيان، وتم حرمان الأحوازيين من الأنشطة الثقافية العربية فى المدينة التى تقع فى الساحل الشرقى الأحوازي. وعندما أصبح حسن روحانى رئيسًا فى إيران، أصبحت سياسة تدريس الثقافة الفارسية مثل "سفرة هفت سين" شائعة فى المدارس الأحوازية من أجل تعليم الثقافة الإيرانية لأطفال الأحواز فى المدارس. من جانبها، أدانت منظمة الأحواز لحقوق الإنسان بشدة الموجة الجديدة من الاعتقال ضد الناشطين الثقافيين العرب الذين قاموا بجميع أنشطتهم سلميا ووفقا لقوانين الحكومة الإيرانية. وترى المنظمة أن هذه الإجراءات محاولة من الحكومة الإيرانية لتحويل النشاط السلمى وتهدف إلى خلق مبرر لقمع هؤلاء الناشطين، مطالبة بالإفراج الفورى وغير المشروط عن جميع المعتقلين، وأن هذه الإجراءات هى محاولة لتحويل مسار النشاط السلمى بهدف خلق ذريعة لقمع النشطاء، وبالتالى تدعو إلى الإفراج الفورى وغير المشروط عن المعتقلين. نائب رئيس المنظمة الأوروبية الأحوازية لحقوق الإنسان، طه الياسين، أكد أن النظام الإيرانى يعمد محاربة التعليم والثقافة العربية فى الأحواز من أجل طمس الهوية الأحوازية. وأضاف أن استهداف النشطاء فى مجال الأدب العربى والتراث الأحوازى وخاصة، المرأة التى تعد عمود المجتمع لما لها مكانة كبيرة فى المجتمع العربى الأحوازى خصوصًا فيما يتعلق بتربية الأجيال والحفاظ على الهوية وعلاقة الإنسان بماضيه وحاضره ومستقبله، من أجل طمس الهوية العربية الأحوازية. وحول أرقام المعتقلات الأحوازيات فى سجون خامنئى، أوضح أن الأرقام شحيحة جدا، والنظام الإيرانى يتكتم عن المعلومات حول الأسيرات وما يصل لنا من معلومات تكون مسربة، لكن هناك أكثر من 6000 امرأة أحوازية سجينة باتهامات واهية لا أساس لها، وهذه الإحصائية تم الحصول عليها بعد جهد كبير بجمع معلومات حول السجون فى إيران قام بها مجموعة من الشباب نتواصل معها بشكل سرى للغاية، طبعا المعتقلات يتعرضن للضرب والتعذيب المستمر جسديا ونفسيا بهدف كسب اعترافات قسرية ضد أزواجهن وأقاربهن، الأجهزة الأمنية تستخدم هؤلاء النساء كرهينات بهدف إجبار أزواجهن أو أقاربهن المطلوبين تسليم أنفسهم للسلطات. جدير بالذكر، أن الأمن الإيرانى يشن حملة اعتقالات واسعة فى منطقة حى الثورة، وأصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا يفيد بتلقيها معلوماتٍ حول تورط وزارة الاستخبارات الإيرانية بعمليات الاعتقال، فى صفوف العرب، من دون صدور أوامر توقيف، أو إخبار المحتجزين عن سبب اعتقالهم. وأن معظم المعتقلين محتجزون فى الحبس الانفرادى، دون اتصال بالمحامين ولا بعائلاتهم، فى ظروف قد تصل إلى حد الاختفاء القسرى، كما أنهم عُرضة لأن يتم تعذيبهم أو يلاقوا معاملة سيئة.