الدور الذي يقع على وزارة الاتصالات في منظومة التعليم الجديدة هو دور أساسي ومحوري، فعليها يقع عبء توصيل المعلومة لكل أبنائنا الطلاب في مراحل التعليم المختلفة، بداية من مرحلة التعليم الابتدائي وحتي الجامعي، من خلال ما يسمي بنظام التعليم عن بعد، الذي يزيد الاعتماد عليه في المرحلة الحالية التي يعاني فيها العالم تأثيرات جائحة الكورونا. وكان الناس ينتظرون أن تشهد فترة الإجازة الصيفية التي أوشكت على الانتهاء بعد أيام قلائل، الانتهاء من تزويد جميع قرى مصر بخدمة الإنترنت والتليفون الأرضي، خاصة بعد أن أوشكت هيئة الاتصالات من إحلال وتجديد الخطوط الأرضية، وسحب الكابلات النحاسية، وإحلال بدلا منها كابلات الألياف الضوئية، وتزويد القري بكبائن جديدة، قادرة على استيعاب الزيادات الكثيرة، المطلوبة الآن في قرى الريف المصري. وكان المتصور أن يتم دعم هذه القري بكبائن اتصالات جديدة، وزيادة خطوط التليفونات الأرضية لخدمة الآلاف من الأسر، التي تحتاج إلى خدمة الإنترنت، بعد أن أصبح ضروريا في توفير خدمة التعليم عن بعد لأبنائهم، في ظل منظومة التعليم الجديدة، التي بدأت بشكل جزئي في العام الدراسي الماضي، وسيتم اعتمادها بشكل أساسي في العام الدراسي الحالي، الذي سيبدأ السبت المقبل. إلا أن آمال وأحلام البسطاء من الأسر المصرية، في قرى مصر، تبخرت بسبب عدم وجود خطط لدي الهيئة، في التوسع بمد خطوط أرضية جديدة، في الشوارع والأحياء التي لم تصلها خطوط الإنترنت، والتليفون الأرضي من قبل، وتم فقط إحلال وتجديد الكابلات الأرضية والكبائن للخطوط القديمة القائمة بالفعل منذ عقود. بل إن الإغرب، أن كثيرا من الكبائن القديمة في القري لم يتم تغييرها، بسبب عدم توافر كبائن جديدة تكفي لنشرها في كل شوارع وميادين قرى الريف، وتم حرمان آلاف الأسر من الاستمتاع بخدمة أكثر جودة، من خلال خطوط الألياف الضوئية الجديدة، والكبائن الحديثة التي يمكنها استيعاب خطوط جديدة، لمن لم يسبق له الاستفادة من الخدمة. أهالي القري أشاروا إلى أن آخر امداد ودعم للخطوط الأرضية كان قبل 25 عاما، في حين أن تلك القري قد زاد الحيز العمراني بها عدة مرات، على مدي السنوات الماضية، ولم يتم امدادها منذ ذلك الحين بأي دعم جديد، وكان يمكن تحمل هذا الأمر من قبل، ولكن بعد أن أصبح التعليم عبر الإنترنت أمرًا واقعًا فلا يمكن تحمل هذا الآن كما أن البدائل الأخري للإنترنت الأرضي، أكثر كلفة وأقل فاعلية. وأشار أهالي قرية طحانوب بمركز شبين القناطر بالقليوبية، إلى أن نحو 30٪ من شوارع قريتهم لا يوجد بها خدمة التليفون الأرضي والإنترنت وعدم وجود "بوكسات" للتوصيل منها، وكان آخر دعم لها في أوائل التسعينيات، ومنذ ذلك التاريخ توسعت القرية التي يصل عدد سكانها إلى 70 ألف نسمة وأصبح آلاف الأسر محرومين من خدمة الإنترنت الأرضي رغم أنهم تقدموا بطلبات لتركيب خطوط تليفونات أرضية منذ فترة طويلة. وقرار هيئة الاتصالات أراه غريبًا، ومفتقرًا للمعايير الاقتصادية التي يجب أن تحكم مؤسسة اقتصادية ذات بعد خدمي، كهيئة الاتصالات، لأن توصيل خدمة الإنترنت والتليفون الأرضي إلى العشرات من هذه الأسر، سيعود بالربح على الهيئة التي ستستفيد حتما بتوصيل الخدمة إلى هذه الأسر، فضلا عن الفائدة الوطنية المتمثلة في إتاحة فرصة التعليم لآلاف الأسر، التي ترغب في استفادة أبنائها من التعليم عن بعد. إذا كنا نرغب في أن ندمج مجتمعنا في منظومة التعليم عن بعد فيجب علينا أن نوفر الأدوات اللازمة لهذا النظام وإلا فنحن نحرث في الماء ونطالب مجتمعنا بما لا طاقة له به، ونثقل عليه في ظل ظروف قاسية بطبيعتها، والأوجب أن نحاول تذليل الصعاب عليه، لا أن نضاعفها عليه بسلوك غريب.