يصدر قريبا عن دار المتوسط للنشر والتوزيع، كتاب جديد بعنوان "سيرة الأجواق المسرحية العربية في القرن التاسع عشر" إعداد المؤلف تيسير خلف. يمثل الكتاب رواية ممثلين اثنين هما "عمر وصفي"، "مريم سماط" لسيرة الأجواق المسرحية العربية خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن التاسع عشر، ويمثل شهادتين حيتين عن نشوء فنون التمثيل والغناء والاستعراض كحالة احترافية. إذ أن مؤرخي المسرح العربي ينشغلون عادة بالحديث عن المسرح في شرطه الثقافي والفني، ولا يتحدثون، إلا ما ندر، عن مسيرة الاحتراف، وهي المسيرة الحقيقية لتاريخ المسرح العربي، حيث إن الاحتراف هو الذي خلق تقاليد العرض المستمرة، وهو الذي كرس الشكل المسرحي، حيث كان شباك التذاكر هو الحكم، ثمة حقيقة لا بد من التنويه إليها وهي أن واضع تقاليد الاحتراف في المسرح العربي، والتي استمرت حتى سبعينيات القرن العشرين، هو أبو خليل القباني، بشهادة صاحبي المذكرات. يقول مؤلف الكتاب، إن هذه المذكرات منشورة في مجلات وصحف قديمة وبعضها مفقود ولا يمكن العثور عليها كاملة في مكان واحد، فقد أزادني الدكتور سيد على اسماعيل، أستاذ المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان، بجزء مهم من هذه المذكرات التي تلفت أصولها كما أكد لي، واستكملت بعض النواقص من أرشيف الدكتور محمود زيباوي في بيروت، فلهما مني عظيم الشكر والامتنان، وما تبقى من نواقص استكملته من مكتبة جمعة الماجد في دبي، ولذلك فإن نشر هذه المذكرات في ظرفها الموضوعي يعد إنقاذا لها من الضياع. وتابع، لقد بذلت جهدا مضاعفا في تحقيق هذه المذكرات فلم أكتف بالتحقيق العادي للنص، بل لجأت إلى الطريق الأصعب وهو المواكبة التاريخية للنص، أي إثبات المعلومة أو نفيها بالوثيقة الحية، ولذلك فهذه المذكرات تندرج في سياق التاريخ الاجتماعي لبلاد الشام ومصر خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر، فهذا الكتاب فيه الكثير مما لا تعرفونه عن مجتمعات القرن التاسع عشر في سوريا العثمانية ومصر.