تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي الخامس عشر    حسام هزاع: مصر تمتلك 230 ألف غرفة فندقية تسع ل 25 مليون سائح    جامعة بني سويف التكنولوجية تفوز بجائزة التميز في تكنولوجيا البيئة والطاقة الخضراء    خارجية جنوب إفريقيا: نشكر ونثمن جهود مصر لدعم دعوانا أمام العدل الدولية (فيديو)    وزيرة خارجية جنوب إفريقيا: نطمح في وقف إطلاق نار دائم بغزة    يلا شوت.. مشاهدة مباراة برشلونة وريال سوسيداد في الدوري الإسباني 2024 دون تقطيع    382 ألف طالب يؤدون امتحانات نهاية العام لصفوف النقل ببني سويف    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    كفر الشيخ: تحرير 8 محاضر خلال حملة تموينية على أسواق ومخابز بلطيم    بدء محاكمة 11 متهما بالانضمام إلى جماعة إرهابية في الإسماعيلية    يونيو المقبل.. أم كلثوم ومحمد رمضان ورامي عياش نجوم حفلات مهرجان موازين للموسيقي    وكيل صحة الشرقية: خطة لتطوير ورفع كفاءة الأقسام الطبية    عبدالرزاق يفتتح أعمال الجلسة العامة للشيوخ لمناقشة السياسات المالية والضريبية    جامعة طيبة التكنولوجية تنظم المُلتقى التوظيفي الأول بمشاركة 50 شركة ومؤسسة صناعية    بريطانيا: حزب العمال المعارض يدعو الحكومة إلى وقف بيع الأسلحة لإسرائيل    السعودية: القضية الفلسطينية بند أساسي ومصيري في كل جهودنا الدبلوماسية    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    بالصور| مستشفى العربي بالمنوفية ينظم احتفالية لتكريم ممرضيها    ريال مدريد يستعد لدورتموند.. وأتلتيكو يأمل في حسم بطاقة دوري الأبطال    وزير الري: نصيب الفرد من المياه في مصر انخفض من 2000 متر مكعب ل 500    رئيس جامعة المنوفية: افتتاح مبنى المعهد الفني للتمريض بمنشأة سلطان قبل بداية العام الدراسي الجديد    نائب وزير المالية: 800 ألف عدد الممولين في "القيمة المضافة"    السيسي: تطوير الطرق هدفه تعظيم الاستفادة من الأراضي الصالحة للزراعة    بدءا من 10 يونيو.. السكة الحديد تشغل قطارات إضافية استعدادا لعيد الأضحى    مد فترة التقديم على وظائف المدارس التطبيقية الدولية حتى 20 مايو الجاري    انعقاد ورشة عمل بسلطة الطيران المدني عن خطة خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون    الرئيس السيسي يوجه بتعديل اسم محطة "الحمام" لتحلية المياه    الرئيس السيسي عن تطوير مسجدي السيدة زينب والحسين: بيت ربنا ما يتعملش إلا صح    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    وزير الثقافة الفلسطيني السابق: موشي ديان هو أكبر سارق آثار في التاريخ    عودة أنشطة حديقة الفنون بمناسبة بدء الإجازة الصيفية    مصر تُبلغ "رسالة" لوسطاء مفاوضات غزة.. مصدر رفيع المستوى يكشفها    عمرو أديب يعلن إجراء مناظرة بين عبدالله رشدي وإسلام بحيري بشأن "تكوين"    بالفيديو.. لماذا حج سيدنا النبي مرة واحدة؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الإسكان يُصدر قراراً بحركة تكليفات جديدة وتنقلات بعددٍ من أجهزة المدن    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    "صدر المنصورة" تحصد المركز الأول ضمن فعاليات مؤتمر جميعة الأمراض الصدرية    البحوث الإسلامية يصدر عدد (ذي القعدة) من مجلة الأزهر مع ملف خاص عن الأشهر الحرم والحج    ساوثجيت ينفي شائعات انتقاله لتدريب مانشستر يونايتد    موقف السولية وعبد القادر من المشاركة في نهائي إفريقيا    دعبس: لا خلاف بين فيوتشر وتامر مصطفى.. وجنش من ركائز الفريق الرئيسية    وكيل تعليم الشرقية: لا شكاوى من امتحانات الفصل الدراسي الثاني لمراحل النقل    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 16 صاروخا و35 طائرة مسيرة من أوكرانيا خلال الليل    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    رئيس الغرفة التجارية: سوق ليبيا واعد ونسعى لتسهيل حركة الاستثمار    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    فيلم «السرب» يحتفظ بصدارة قائمة إيرادات السينما    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    للسيدات.. تعرفي على أعراض سرطان المبيض    اعمل ايه مع زوجى بيلعب بابجي طول اليوم.. ومحمد نصار يجيب    الترسانة يواجه ديروط لحسم بطاقة التأهل الأخيرة لترقي الممتاز    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    الافتاء توضح حكم ارتداء المرأة الحجاب عند قراءة القرآن    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    سيناتور أمريكي مقرب من ترامب يطالب بضرب غزة وإيران بسلاح نووي    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    ليس الوداع الأفضل.. مبابي يسجل ويخسر مع باريس في آخر ليلة بحديقة الأمراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو تشريح ثقافي للإرهاب وشرور العنف
نشر في البوابة يوم 19 - 02 - 2014

ثمة حاجة لتشريح ثقافي للإرهاب وثقافة العنف الأعمى، هاهو الارهاب ينتفض فجأة مثل حية ملساء ليضرب وفي عينيه بريق قاس وحشي مع دوي الانفجار الهائل وإذا بالشر واقفا طربا والرمل اكثر سخونة من الجمر!.. للحظات تخيم الدهشة ويعم الذهول ويسقط قتلى لا يعرف احد على وجه الدقة بأى ذنب قتلوا ؟!..وحش هذا أم انسان؟!..وهل صحيح أن بعض البشر يمتلكون اليوم ارواحا شريرة لاتمتلكها الذئاب؟!.
كيف أنسل الموت صاعدا وصار الدم هو المضمار؟! ..أتكون الثمار المريرة لثقافة العنف؟!..هل هناك شييء ما تغير في طبيعة الجنس البشري أو في الوعي الانساني بقضية العنف وازهاق الأرواح البريئة وفداحة الموت؟!..هل أدت ثقافة عصر الفرجة المتلفزة والتحديق المستمر للشاشة لحالة من التبلد إزاء الدم المراق ونوع من عدم الاكتراث او الحزن الطبيعي لحصد الأرواح ؟.
الحقيقة أن هناك ادانة دولية واسعة النطاق للحادث الارهابي الغادر الذي وقع مؤخرا بالقرب من منفذ طابا البري واستهدف حافلة تقل سائحين أجانب فيما يحمل كل بصمات الشر الغادر ومن قلب القاهرة نقلت وسائل الاعلام مشاهد دالة لمصريات في رقصة ضد العنف وصناعة الارهاب والكراهية.
وبينما تؤشر خبرات وتجارب سابقة إلى أمم توحدت في مواجهة تحدي الارهاب الشرس ومن أجل الانتصار في معركة الحياة فإن الفلاسفة أوغلوا منذ زمن بعيد في محاولات للوصول لجذور العنف والشرور وذهب الفيلسوف الانجليزي توماس هوبز في القرن السابع عشر إلى أنه إذا كانت الحرب لازمة من طبيعة الانسان فإن الدولة كظاهرة نشأت حتى لايكون الكل في حرب ضد الكل .
وجاء القرن العشرون منحازا لأفكار هوبز الذي اعتبر أنه من الخطأ الاعتقاد بأن الانسان لديه غريزة اجتماعية تحثه على التعاون مع اخيه الانسان وإنما الأصل أن الحالة الطبيعية للانسان أن يكون ذئبا لأخيه الانسان فاشتعلت حربان عالميتان تشيران إلى أن العدو كامن في العلاقات الدولية كما يقول المفكر المصري الدكتور مراد وهبة.
ومنذ أيام قليلة اعتبرت هيلين جرانت الوزيرة البريطانية المشرفة في بلادها على احياء الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى أنه ينبغي احياء الذكرى على النحو الصحيح بعدم الاسراف في مظاهر الفرحة بالنصر في هذه الحرب وتناسي أن الحرب حصدت أرواح 16 مليون نسمة واصابة مالايقل عن 20 مليون آخرين من البشر في هذا العالم.
فحتى لو كانت هذه الحرب عادلة من وجهة النظر التاريخية البريطانية فإن المطلوب اليوم في الذكرى المئوية لها عدم المبالغة في النزعة الانتصارية لأن هذه الحرب اسفرت في نهاية المطاف عن مقتل واصابة ملايين البشر في العالم.
وفي ذكراها المئوية الأولى صدرت عدة كتب في الغرب اتفقت على أن الحرب العالمية الأولى كانت من أفظع الكوارث كابدها العالم ومن بينها كتاب "الحرب التي انهت السلام" لمارجريت ماكيلان وكتاب "1913: البحث عن العالم قبل الحرب العظمى" لتشارلز ايميرسون وكذلك كتاب " يوليو1914:العد التنازلي للحرب" لشين مكميكن.
كانت هذه الحرب مأساة.. وإذا كانت المأساة لاتعالج بمأساة فإن التعبير السلمي عن الرأي لايجوز بأي حال من الأحوال ان يكون موضع ملاحقة او تضييق يثير مخاوف مبررة من عودة ممارسات ماقبل ثورة 25 يناير- 30 يونيو بما في ذلك بعض الصور التي قد تكون صادمة للفطرة الانسانية ناهيك عن حقوق الانسان تماما كما ان اي مصري جدير بشرف الانتماء لهذا الوطن لايمكن أن يقبل ممارسات العنف ناهيك عن فظائع الارهاب في حق مصر وشعبها.
كما أن على هؤلاء الذين يتحدثون بحسن نية عن أخطاء قد تقع هنا أو هناك في مسارات الاداء التنفيذي وادارة اوجه الحياة اليومية أن يدركوا طبيعة المرحلة بتحدياتها الجسيمة واستحقاقاتها الصعبة وصولا للتحولات المأمولة وفي ظل حقيقة لاتقبل الجدل وهي أن الارهاب أكبر عدو لقضايا الثورة بقدر ماهو الحليف الطبيعي للانحطاط التاريخي.
وإذا كان عام 2012 قد انتهى بمذبحة وصفها الرئيس الأمريكى باراك اوباما حينئذ "بالشر عديم الضمير" وهو يتحدث عن الحادث المآساوى فى مدرسة "ساندى هوك" ببلدة "نيو تاون" فى ولاية "كونيتيكت" الأمريكية الذى تسبب فى سقوط 27 قتيلا من بينهم 20 طفلا فهاهو عام 2014 يبدأ في مصر بشر الارهاب عديم الضمير الذي يقصد من يقف خلفه ان يبث الخوف في نفوس المصريين ليفقدوا القدرة على التصرف والتفكير في المستقبل .
هذا زمن تتصاعد فيه ثقافة العنف لتطرح سيلا من الاسئلة المؤرقة سواء فى مصر او غيرها من دول هذا العالم المحاصر بالألم والشر والباحث وسط خشونة الأسئلة الكاوية ورعب الارهاب عن السعادة المراوغة .. والثقافة على مستوى العالم تبحث الآن عبر منابرها المتعددة ووسائطها الرحبة عن اجابات لاسئلة تبدو عصية.
ما الذى يدفع شخصا لقتل اشخاص لايعرفهم ؟!..وما حقيقة هذه الجماعات والمنظمات الارهابية التي تتدافع لخلق صور الدم والأصوات غير المفهومة وتوليد اليأس في اللحظات القاسية؟!..هل القصد والنية تغيير طبيعة الناس والحياة وان يستقر الحزن في القلوب والهلع في العيون وتحويل البشر لكائات أشبه بالرياح السوداء؟!.
الكاتب الأمريكى جارى ويلز يرى أن أفعال الارهاب تعبر عن ثقافة منحطة فليس هناك اسوأ من تقديم الأرواح قربانا للشر المجنون والأمر يبدو أكثر تعقيدا من حلول سطحية او اجراءات عاجلة وربما مطلوبة ومبررة بشدة لكن القضية فى جوهرها هى قضية ثقافة لابد من تغييره وهى ثقافة لايمكن وصفها الا بأنها ثقافة الشر.
والشر قد ينال من قامات كبيرة ويستهدف أغلى الرموز الثقافية فى الوطن كما حدث فى لحظة تعسة مع اديب نوبل المصرى الراحل نجيب محفوظ الذي تساءل بتسامح مدهش بعد نجاته من هجوم ارهابي غادر: ما الذى يجعل شابا مثل هذا الشاب المعتدى يضيع حياته فى عمل كهذا؟!.
هل هى ارادة الشر تستهدف اليد الطيبة التى خطت أروع وأبدع الكلمات وكانت تستحق القبلات لا الطعنات؟!..لم ينقطع نجيب محفوظ يوما عن الاهتمام الشديد بالمصريين تشغله مشاكلهم وهمومهم وعندما يفكر ويكتب تشعر بحبه العميق لمصر وشعبها فكيف كان سينظر لشرور ارهاب مازال يستهدف المصريين الذين أحبهم ومنحهم خلاصة عبقريته؟!.
وكيف لهذا المصرى النبيل أن يتحمل تصاعد ثقافة العنف فى الوطن الذى أحبه كما لم يحب أى شىء آخر؟!..وطن هو فى الحقيقة والجوهر أبعد ما يكون عن العنف والقسوة..بل إن مثقفا مصريا مثل استاذ الاقتصاد الدكتور جلال امين يقول إن "معنى الحرام فى الوجدان الشعبى المصرى يكاد يقترن بالقسوة".
ويشير الدكتور جلال امين إلى أن كراهية القسوة والاشمئزاز ممن يمارسها أمر واضح فى تعليقات المصريين على مايرونه من مناظر ومايمرون به من أحداث.
فمشاعر القسوة لاتبدو بالنسبة للمصريين مشاعر طبيعية بالمرة وهى من أجمل الصفات التى يحق للمصريين ان يفاخروا بها بل إن الدكتور جلال امين يرى أن معيار كراهية القسوة قد يكون افضل بكثير من أى معيار آخر قد يخطر بالذهن لتحضر أى شعب أو عدم تحضره.
وأضاف: "وعندما يأتى الوقت الذى نكتشف فيه تفاهة التقدم التكنولوجى بالمقارنة بهذه الخصلة الرائعة لابد أننا سنعيد تصنيف الأمم فى مضمار التحضر والترقى والتقدم"..وإذا كان السؤال الذي يؤرق مخيال رجل الشارع في ظل أعمال الارهاب الغادر وشرور العنف واستشراء ممارسات الغاء العقول :"وماذا بعد"؟!..فإن الاجابة حاضرة ثقافيا.
تقول خبرة التاريخ ودراسات علماء الاجتماع والسياسة والاناسة إن صروح دول كبري وعظمى في هذا العالم اقيمت بعد ثورات ومواجهات مع مؤامرات ارهابية دموية وقوى خارجية تتدخل بعدوانية لفرض أهدافها ولم تتورع عن إشعال الفتن والاحتراب الداخلي وأحقاد الكراهية لتكريس مصالحها بما في ذلك محاولات "أدلجة الدين وتفريغه من قيمه النبيلة لتحويله إلى قوة ارتداد نحو التخلف واراقة الدماء بدلا من موضعه الرسالي ومكانته السامية التي لايمكن أن تخاصم التقدم وسعادة الانسان".
ومع الحادث الارهابي الأخير في طابا الذي استهدف النيل من السياحة والاقتصاد المصري على وجه العموم ثمة شعور واضح بأن مصر قد اصبحت هدفا لكل قوى البغي والطغيان في الداخل والخارج وأن تلك القوى قد اتفقت على تكبيل أرض الكنانة بمشاكل لاتنتهي حتى تبقى مغلولة اليدين تلعق جراحها وهي منكفئة على الذات الجريحة فهل يسمح المصريون بانتصار الشر وفوز المتآمرين؟!.
على من يراهن على الارهاب لتخويف المصريين وتبديد حالة الاغتباط الثوري ووئد آمال المستقبل الأفضل أن يعلم أن الخوف هو الذي بات يخاف من المصريين بعد ثورتهم الشعبية المجيدة !.
فليعلم القاصي والداني أن شعب مصر سيقول كلمته الفاصلة الحاسمة قريبا وهو وحده الذي سيكتب مستقبله وله ان يتزود بامكانات النصر من أجل هذا المستقبل وثقافة المواطنة الحرة العادلة ..نعم هناك دموع على أرواح بريئة ازهقها ارهاب غادر لكن هذه الدموع ذاتها تتحول لالتماعات ضوء واشارات دالة في المعركة النبيلة التي تخوضها مصر والمصريين لقطع دابر الوحش الغادر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.