سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الإجراءات التقشفية".. خيار الحكومة الوحيد حال استمرار أزمة كورونا فترة أطول.. واقتصاديون: تجميد ومراجعة بعض المصروفات الحكومية.. والتخلي عن "مستشارين الوزارات".. وعلى الدولة ضمان "عدم الضرر بالمواطن"
بالرغم من صمود الوضع المالي والاقتصادي للدولة المصرية حتى الآن، وقدرته على التعامل مع التحديات والتداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا، الذي تسبب في انخفاض بعض الإيرادات وزيادة بعض النفقات للتعامل مع كوفيد-19، إلا أن اللجوء إلى "إجراءات تقشفية" بات أمرًا واردًا في حالة استمرار أزمة انتشار الوباء فترة أطول، وخيمت آثارًا سلبية أكثر حدة على الاقتصاد. مراجعة وتجميد بعض المصروفات ووفقًا لتصريحات محمد معيط، وزير المالية، فإن استمرار تداعيات أزمة "كورونا" لفترات ممتدة إلى ما بعد بداية الموازنة العامة الجديدة، ستدفع للجوء إلى إجراءات تقشفية من خلال؛ مراجعة أو تجميد بعض بنود المصروفات، لضمان قدرة المالية العامة على مواصلة الوفاء بالتزاماتها. وأوضح معيط، خلال اجتماعه أمس مع الرئيس عبد الفتاح السيسي والدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء لمتابعة مؤشرات الأداء المالي والاقتصادي للدولة في ضوء تداعيات أزمة فيروس كورونا، أن الوضع المالي والاقتصادي للدولة صامد حتى الآن، وقادر على التعامل مع التحديات والتداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا، وذلك على الرغم من انخفاض بعض إيرادات الدولة نتيجة تلك التداعيات، وزيادة بعض النفقات المرتبطة بالتعامل مع الأزمة. كان وزير المالية، صرح الخميس الماضي، أن إيرادات الدولة فقدت نحو 75 مليار جنيه خلال الفترة الماضية، منها 65 مليار جنيه إيرادات ضريبية، فيما أنفقت الحكومة نحو 40 مليار من حزمة ال 100 مليار جنيه التي أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي منتصف مارس الماضي، كما أنه من المتوقع أن تشهد نهاية العام المالي الحالي، وفقًا لآخر التقديرات، انخفاضًا في الفائض الأولي المتوقع من 2% إلى 1،5% من الناتج المحلي، وزيادة العجز الكلي من 7،2% إلى 7،9% من الناتج المحلي، إلى جانب توقع وصول نسبة الدين إلى الناتج المحلي إلى 85%. أمر حتمي في حالة استمرار الوباء في البداية، قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إن مصادر إيرادات الموزانة العامة للدولة تأثرت سلبيًا بأزمة كورونا، موضحًا: "أضرار الوباء لحقت بمصادر العملة الأجنبية كالسياحة التي أدارت على الاقتصاد 30 مليار دولار في العام المالي الماضي، إضافة للتراجع الكبير في تحويلات المصريين في الخارج، وتأثر أيضًا إيرادات قناة السويس سلبيًا نتيجة تراجع حركة التجارة عالميًا، بجانب تأثر عمليات الاستيراد والتصدير بالأزمة، فالاقتصاد المصري في النهاية جزء من الاقتصاد العالمي الذي يعاني حاليًا". وأضاف عبده ل"البوابة نيوز": "اللجوء إلى الإجراءات التقشفية أمر حتمي في حالة استمرار الأزمة، والحقيقة أن الوضع جاري قد لا يكون مؤقت، فالأمر كله متوقف على اكتشاف لقاح للفيروس وتصنيعه وتوزيعه، وهو ما قد يستغرق مدة بين 12 و18 شهر حسب متخصصين الصحة، وبالتالي أزمة الوباء قد تطول أكثر، فضلًا عن أن سلوك المواطن المصري غير منضبط، لكن يظل السؤال ما هي البنود التي سوف تطولها إجراءات التقشف في حالة لجوء الحكومة؟". وأكد الخبير الاقتصادي، أنه على الحكومة ضمان عدم ضرر المواطنين من تنفيذ إجراءات تقشفية، وأنه لن يتم التخلي عن موظف أو تخفيض مرتبات عاملين في جهاز الدولة، موضحًا: "هناك 3 بنود مصروفات في الموازنة يمثلوا نسبة تزيد على إيرادات الدولة، وهي فوائد الديون بنحو مبلغ 600 مليار، ومرتبات القطاع الحكومي والعام بنحو مبلغ 400 مليار، والدعم والمزيا الاجتماعية التي تزيد على 530 مليار، وهي بنود تمثل 76% من ميزانية مصر، ولا يمكن تخفيضها، لذلك أعتقد أن البنود التي ستطولها إجراءات التقشف هي المصروفات والنفقات الحكومية، كتخفيض مرتبات المستشارين الحكومين في الوزارات، ومصروفات السيارات الفارهة". تقليل الإنفاق على الطاقة و"المستشارين" من ناحيته، قال الدكتور رضا لاشين، الخبير الاقتصادي، مدير منتدى الدراسات الاقتصادية والسياسية المصرية، إن الحكومة اتخذت إجراءات عديدة للتعامل مع تداعيات كورونا، وفقًا للمعطيات المتاحة، لكن الأزمة أثرت على الاقتصاد بشكل كبير، موضحًا: "بلغ الفقد في الاحتياطي النقدي الأجنبي بسبب كورونا حتى الآن نحو 7 مليار دولار، حيث تراجع الاحتياطي من 45.5 مليار إلى نحو 38 مليار دولار، واستمرار الأزمة يستلزم إجراءات تقشفية". وتابع لاشين ل"البوابة نيوز": "أصبح من الضروري تقليل المصروفات المبالغ فيها خلال الفترة القادمة، وبالنظر للوضع الراهن فإن الهيكل الإداري للقطاع الحكومي والعام يعمل بقوة عاملة تُقدر بما يزيد على 30% مثلًا، وهو ما يستلزم تخفيض مصروفات الكهرباء والمياه لتلك الهيئات، إضافة لتقليل أعداد المستشارين، خاصة بعد أن قطعت الحكومة شوطًا كبيرًا نحو "رقمية الدولة"، فكان فرصة حقيقة للتقليل من استهلاك الكهرباء والمياه وإهلاكات وسائل النقل العام". وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن اتجاه الدولة نحو تكنولوجية الأعمال خلال الفترة الماضة ساهم في توفير تكاليف الطباعة والأحبار والمصروفات النثرية في كافة الهيئات والمصالح الحكومية، مُضيفًا: "على الحكومة أن تتخلي عن مسشاريها في الوزارات والهيئات الحكومية ممن يشكلون عبئًا زائدًا عليها، دون جدوى حقيقة من وجودهم، كما أن الاستعانة بعدد لا يتخطى 40% من العاملين في الجهاز الإداري للدولة الذي يبلغ عدد الموظفين فيه 6 مليون مواطن، والاكتفاء بتأدية أعبائهم من الخارج أو بالتناوب، ساهم بشكل كبير في تقليل استهلاك الكهرباء والطاقة والمياه".