روت روزان الشاعر إحدى مصابات فيروس كورونا، وخريجة كلية بيت لحم للكتاب المقدس في القدس، تجربتها مع المرض. ونشرت الصفحة الرسمية،كلية بيت لحم للكتاب المقدس، اليوم الأربعاء، هذه القصة وجاء نصها كالاتي: اسمي روزان الشاعر إحدى المصابات بفيروس كورونا من مدينة بيت جالا، انتقلت إلى العدوى من المؤسسة التي أعمل بها. في البداية علمت أن عددا من زملائي يحملون الفيروس، فقمت بعمل الفحص وتبين أن النتيجة سلبية أي أنني لا أحمل الفيروس. ولكن في تلك الليلة بدأت تظهر على أعراض واضحة، وجع وطنين في الأذنين، وقشعريرة في جسمي، ووجع رأس قوي جدًا، ووجع في أسفل الظهر والساقين. وعندما قمت بإعادة الفحص، تبين أن النتيجة إيجابية أي أنني أحمل الفيروس، الأمر الذي لم يفاجئني كثيرًا. تم إعلامي بأنه معي ساعة واحدة لتحضير حقيبتي لمغادرة منزلي إلى المركز الوطني للتأهيل حيث يتم معالجة مصابين الفيروس. الشعور الأصعب كان أثناء تحضيري لحقيبتي، لم أكن ذاهبة في سفر أو رحلة، كنت ذاهبة إلى مكان مجهول، ذاهبة للمعالجة من فيروس آلاف الناس حول العالم تخسر حياتها بسببه. لم أستطيع حتى أن أودع أهلي أو أحضنهم أو أقبلهم، حدث كل شيء بسرعة وعن بعد مسافات. المركز الوطني للتأهيل مقسوم إلى قسمين، الأول للأشخاص المصابين ولكن بدون أعراض، والثاني وهو قسم العناية المركزة، للأشخاص المصابين والذين عليهم أعراض ويحتاجون إلى علاج. عندما وصلت إلى المركز توجهت إلى القسم الأول للأشخاص بلا أعراض. ولكن عندما عادت إليّ الأعراض تم تحويلي إلى قسم العناية المركزة. كنت معزولة تمامًا في غرفة صغيرة جدًا بدون أي صلة في العالم الخارجي لمدة أسبوع، أتلقى العلاج. تم تشخيصي بأن إصابتي متوسطة الحدة، الأيام الأولى من العلاج كانت الأصعب، كان وجع رأسي لا يُحتمل، وكان يتم معالجتي عن طريق أدوية في الوريد، وهذه الإبر كانت مؤلمة جدًا أيضًا، وكنت من شدة آلام رأسي أتقيأ كثيرًا. مرحلة العلاج كانت شاقة، كنت آخذ العلاجات الخاصة بالملاريا وبإنفلونزا الخنازير، العلاجات تسببت بضعف في جسدي وبدوخة وغثيان وكنت لا استطيع حتى أن أرفع رأسي. كان لدي أيضًا التهاب بسيط في الرئة، والتهاب في أذني. استمرت مرحلة العلاج تقريبًا 3 أسابيع. الآن أنا في مرحلة التعافي، توقفت عن أخذ جميع الأدوية والمسكنات، وأقوم بالتركيز أكثر على الفيتامينات والمشروبات الساخنة مع العسل والليمون، والحمضيات، لتقوية جهاز مناعتي. الأسبوع الماضي، تم فحصي وتبين أن نتيجتي سلبية أي أن جسمي يخلو من الفيروس. من المتبع في عملية علاج هذا الفيروس، أن يقوموا بفحص المريض 3 مرات، وإذا كانت نتيجة الفحص سلبية لثلاث مرات يستطيع المريض أن يغادر المركز. وبالفعل قمت بعمل فصحين متتاليين وكان الاثنان سلبيان، وبينما كنت أنتظر نتيجة الفحص الثالث، قمت بتجهيز أغراضي وحقيبتي على أمل أنني سأغادر، ولكن تفاجأت بأن النتيجة الثالثة جاءت إيجابية، أي أن هذا الفيروس اللعين إما عاد إلى جسدي أو لم يغادره أصلا وكان يختبأ في مكان ما، الأمر الذي أدى إلى تراجع صحتي النفسية كثيرًا. "لا تشمتي بي يا عدوتي إن سقطت أقوم،" تحدّيت واقعي والفحوصات والنتائج وقمت مرة أخرى على قدمي، وعزمت أن أتعافى سريعًا لأعود إلى عائلتي وشريك حياتي وأحبائي، عزمت بكل ما لدي من قوة أن أخرج من المركز وأن أعود إلى حياتي أقوى من ذي قبل. أعلنت عندها بأنني سأشفى قريبًا وقررت أن أثق بأنني شفيت تمامًا، وبالفعل عندما قمت بإعادة الفحص جاءت النتيجة سلبية. ما زال لدي فحصين ولكنني أثق بأنني سأعود إلى بيتي قريبًا وسأكون وسط أحبتي في عيد القيامة القادم، الذي سأعلنه يوم انتصاري على المرض. من السهل أن نثق ونقول أننا نؤمن، ولكن هذا الإيمان يُمتحن في الظروف الصعبة، عندما نرى أن الألاف من حولنا يفقدون حياتهم بسبب فيروس لا يُرى بالعين المجردة، عندما نتواجه وجهًا لوجه مع الخطر والموت والفقدان، عندها نُدرك مدة أهمية أن يكون لدينا إيمان قوي. تساءلت دائمًا لماذا أنا؟ لماذا أنا بالتحديد؟ ولكن هذه التجربة جعلتني أدرك أنني امرأة قوية جدًا، وأن إيماني في الرب كبير. علمني الرب من خلالها بأن أثق وأن لا أشك في قلبي. أنا أومن بأنني دخلت في هذه التجربة لكي أتشكل من جديدة، ولتتغير طريقة تفكيري، لأعود إلى خدمتي كمعلمة لأطفال وشبيبة لأخبر بكم صنع الرب معي وعظّم. حربي ما زالت مستمرة، أنا ومديري نيقولا قواس وشقيقته مريان لا زلنا في الحجر، ونقوم بعمل اجتماعات صلاة معًا ونقوم بتشجيع بعضنا من كلمة الرب. لأنه هو الذي قال تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل. أؤمن أن الله قد سمح بحدوث هذه الجائحة لكي نُدرك مدى صغرنا وعجزنا ومدة عظمته، ولكي نعود إليه، ونعود للأشياء المهمة والجوهرية في الحياة، ونكف عن الركض وراء الأمور الفانية. أصلي أن يستفيد الجميع من هذه الفترة، وأن لا تعود الحياة إلى مجراها بدون تغيير حقيقي في نفوس البشر. رسالتي للجميع بأن لا يستهتروا في الأمر، فالفيروس ليس سهلًا، لذلك أرجو من الجميع أن يبقوا في منازلهم ويلتزموا بجميع الإجراءات التي تضعها وزارة الصحة مشكورة. أريد أيضًا أن أطلب من الناس مراعاة شعور الأشخاص الذين كانوا مصابين بالفيروس، أنا مدركة تمامًا لتخوفاتهم، وعندي توقعات بأنني عندما أغادر وأعود لحياتي الطبيعية، أن الناس سيكون لديها تحفظات مني ومن الأشخاص مثلي الذين كانوا مصابين بالفيروس، رسالتي لهم أن لا يخافوا منا، وأن يُراعوا مشاعرنا. أود أن أشكر عائلتي وخطيبي على مساندتهم الدائمة لي، ولجميع من صلى لأجلي ومعي وشاركني بكلمات تشجيعية. وشكر خاص جدًا لجميع الطواقم الطبية وللمركز الوطني الفلسطيني للتأهيل والسلطة الفلسطينية والصحة، على عملهم الرائع الذي تُرفع له القبعات. للرب أقول، سلمتك نفسي وسلمتك جسدي فأنت ربي اليوم والأمسِ والأبدِ