في العام 1974، نشر نجيب محفوظ رواية قصيرة تحمل عنوان “,”الكرنك“,”، اسم القهوة التي يجتمع فيها شباب مختلفو الاتجاهات السياسية والفكرية، ويحظون باهتمام خاص من صاحبة المكان ومديرته، المعلمة قرنفلة التي تقع في غرام واحد منهم، حلمي حمادة، على الرغم من الفارق الكبير بينهما في العمر والثقافة. أهم ما في الرواية، التي تبدأ أحداثها قبل عامين في هزيمة يونيه 1967 وتمتد إلى ما بعدها، هو ذلك الهجوم العنيف الذي يشنه الكاتب الكبير على الجانب السلبي في ممارسات جهاز المخابرات، فالشباب الذين يتعرضون للاعتقال عدة مرات، دون سبب محدد إلا الشبهة التي لا تستند على وقائع، يتعرضون للتعذيب الشرس والمعاملة غير الإنسانية، مما يفضي إلى موت حلمي ذي الميول الماركسية، واغتصاب زينب دياب، فضلاً عن القهر الذي يتعرض له إسماعيل وغيره من الشباب. خالد صفوان، ويحمل كثيرًا من ملامح رئيس الجهاز صلاح نصر، الذي أُقيل من منصبه في أعقاب الهزيمة، أقرب إلى الشيطان الذي يجد المتعة في التعذيب والانتهاك تحت مظلة الدفاع عن النظام الناصري، لكنه يظهر من جديد بعد الإفراج عنه، فإذا به أقرب إلى الفيلسوف الحكيم المؤمن بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان!. بعد عام من نشر الرواية، ظهر الفيلم الذي أخرجه علي بدرخان، وكتب له السيناريو والحوار ممدوح الليثي، أما البطولة التمثيلية فقد تقاسمها نخبة من النجوم: سعاد حسني، نور الشريف، شويكار، كمال الشناوي، فريد شوقي، تحية كاريوكا، فايز حلاوة، عدلي كاسب، حسن حسني، مع الوجه الجديد محمد صبحي. أفلام قليلة في تاريخ السينما المصرية هي التي أثارت جدلاً كالذي ترتب على فيلم “,”الكرنك“,”، ذلك أنه فجر معركة بين أنصار الناصرية وخصومها، وتعامل الجميع معه من منطلق أنه شهادة سياسية خالصة وليس مجرد عمل فني.