رحل عن عالمنا، اليوم الأربعاء الأول من شهر أبريل، الدكتور محمود حمدي زقزوق عضو هيئة كبار العلماء ومجلس حكماء المسلمين، ووزير الأوقاف الأسبق، عن عمر ناهز ال87 عامًا، ليأذن برحيل فيلسوف وعالم وفقيه ورائد في مجال تحاور الأديان، جاب العالم شرقًا وغربًا لبيان مشتركات إنسانية دعت إليها الأديان السماوية تعلي من شأن الإنسان ومدافعًا عن الوسطية التي جاء بها خاتم الأنبياء والرسل. ولد "زقزوق" بمدينة شربين بمحافظة الدقهلية، في 27 من ديسمبر سنة 1933م، وحصل على الإجازة العالية (الليسانس) من كلية اللغة العربية بالأزهر عام 1959م، ثم شهادة العالمية مع إجازة التدريس من الكلية ذاتها عام 1960م، ونال الدكتوراة في الفلسفة من جامعة ميونخ الألمانية عام 1968م، وحصل على درجة أستاذ بجامعة الأزهر عام 1979م. وقد قام بمهمة التدريس وتولي العديد من المناصب العلمية والإدارية بجامعة الأزهر والجامعات العربية والإسلامية، وله العديد من المؤلفات العلمية المتنوعة في علوم الفكر والعقيدة والفلسفة الإسلامية، بالإضافة إلى العديد من المؤلفات والأبحاث المنشورة في المجلات العلمية المحكمة والمؤتمرات الدولية المختلفة، واختير عضوًا بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ووزيرًا للأوقاف من عام 1996 حتى 2011م، وعضوًا بمجمع البحوث الإسلامية، ثم عضوًا بهيئة كبار العلماء في تشكيلها الأول حين عودتها عام 1433ه/ 2012م، بالإضافة إلى عضوية مجلس حكماء المسلمين. الأزهر يحتسب أحد أبنائه وعلمائه احتسب الأزهر الشريف في بيان له، بمزيد من الرضا بقضاء الله وقدره، عند الله تعالى، العالم الجليل والمفكر الإسلامي الكبير، مؤكدًا أن التاريخ سيظل يذكر فقيده وفقيد الأمة العربية والإسلامية بعلمه وفكره الوسطي ومؤلفاته التي تعد من أقوى المراجع في الفلسفة الإسلامية، والتي تمتاز بقوة الحجة والبرهان، أبرزها: مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التجديد، الشك المنهجي بين ديكارت والغزالي، الإسلام في تصورات الغرب، دراسات في الفلسفة الحديثة، الفكر الديني وقضايا العصر. وأشار الأزهر إلى أن المفكر الراحل بدأ نبوغه الفكري وهو ابن 17 عامًا، وتطوع للدفاع عن الوطن ضد العدوان الثلاثي وهو في عامه الجامعي الأول، ثم كان الأول في مسابقة إيفاد أعلنها الأزهر فسافر إلى ألمانيا في 1962م، وأثبت نبوغه ورقي فكره، فعاد إلى مصر مدرسًا في أصول الدين بالأزهر، ثم نائبًا لرئيس الجامعة، ثم وزيرا للأوقاف 15 عامًا، كما شغل العديد من المناصب، فظل بعلمه وقلمه مفكرًا وفقيهًا ومتكلمًا وفيلسوفًا. بيت العائلة المصرية: داعية التعايش السلمي كما نعى بيت العائلة المصرية بقيادة رئيسيه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وجميع أعضاء بيت العائلة المصرية، ببالغ الحزن والأسى العلامة الكبير وداعية التعايش السلمي في ظلال المواطنة الوارفة العالم والفيلسوف والأمين العام لبيت العائلة الراحل. كما نعاه الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف السابق ورئيس لجنة المصالحات الثأرية، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك اليوم، قائلًا: "فقد الأزهر الشريف والعالم شرقا وغربا قامة علمية وفكرية قل أمثاله بين الناس" المفتي: علامة مضيئة في تاريخ الأمة كما أكد الدكتور شوقى علام،مفتى الجمهورية، في نعيه إلى الأمة الإسلامية والعالم، أن التاريخ سوف يذكر بحروف من نور الجهود التى قام بها العالم الكبير، وسعيه لنشر المفاهيم الدينية الصحيحة، وجهوده العلمية وغزارة الإنتاج الفكري والقانوني، مشددًا على أنها ستظل علامة مضيئة في تاريخ الأمة الإسلامية والعربية والعالم أجمع. وأضاف المفتي: إن الأمة الإسلامية فقدت علمًا بارزًا من أعلام الأزهر الشريف، أفنى عمره في خدمة الإسلام والمسلمين وبذل جهدا واضحا في التجديد في الفكر والخطاب الدينى ونشر المفاهيم الدينية الصحيحة والرد على الشبهات التى تثار حول الإسلام والمسلمين. بدوره نعى المفتي السابق الدكتور على جمعة، "زقزوق" قائلا: بقلوب يغمرها الأسى والحزن والرضاء بقضاء الله وقدره ننعى العالم الجليل، سائلين المولى عز وجل أن يغفر له ويرحمه ويتجاوز عنه ويجبر مصابنا فيه ويخلفنا خيرًا منه وأن يسكنه فسيح جناتك، ويبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله ويجعل قبره عليه نورا وحبورا وسرورًا. الأوقاف: فقدنا عالمًا ومفكرًا كبيرًا فيما نعاه وزير الأوقاف الحالي الدكتور محمد مختار جمعة، مؤكدًا أن الأمة فقدت عالمًا ومفكرًا كبيرًا مستنيرًا، سائلين الله عز وجل أن يتقبل صالح أعماله وأن يغمره بعميم رحمته، وأن يلهم آله وتلاميذه ومحبيه الصبر والسلوان. "البحوث الإسلامية" يطلق سلسلة إليكترونية من كتاباته فيما نعاه مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ببالغ الأسى، مؤكدًا أن المفكر الإسلامي أسهم بدور كبير في التجديد في الفكر الإسلامي، وخدمة العلم وأهله، وله عشرات المؤلفات العلمية التي أثرت المكتبات بمضامينها النافعة. وقام المجمع بنشر مجموعة من كتب المفكر الإسلامي الراحل والتي نُشرت ضمن السلسلة العلمية للمجمع، حيث يبدأ النشر بكتاب الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري مساء اليوم. المجلس البابوي للحوار بين الأديان ينعيه كما نعى الكاردينال ميغيل أنخيل غويغسوت، رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان، رئيس مركز الحوار بالأزهر الشريف الراحل، معربًا عن مشاطرته عائلة الراحل، والأزهر الشريف ومصر، بمسلميها ومسيحييها الأحزان، داعيًا الله -الرحيم القدير- أن يتقبله في فسيح جنانه، مكافأة له على كريم خُلُقه وغزير عطائه.