قال الكاتب والروائي عمار علي حسن إنه أراد استعادة عالم جميل مضى في كتابه الأدبي الأخير "عجائز البلدة" الذي يتناول فيه عددا من الآلات والأدوات التي كانت تستعمل في الحقول والمنازل قبل سنين، وكثير منها جرفه التصنيع، وتغيير أنماط العيش في الريف المصري. وأضاف عمار في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط أنه كانت لديه أيضا رغبة في توسيع ألوان الأدب، بحيث لا تستمر مقصورة على الشعر والرواية والقصة القصيرة والمتولية أو المتتالية القصصية والمسرحية، حيث إن "عجائز البلدة" تتوسل بالحكاية والقصة، وبوسع قارئها أن يراها هكذا، أو يراها لوحات سردية عن الآلات والأدوات البسيطة. وتابع: "الحنين إلى قريتي يمضي معي في نصوص عديدة، روايات وقصص، تحضر وتفرض نفسها، وتفسح مكانها، ولا أملك إلا أن أقول لها: على الرحب والسعة، لاسيما أن لا تزال تمثل بالنسبة لي مخزنا عميقا للحكايات والصور والوجوه والعبر والحكمة، وفيها قدرة عجيبة على أن تشكل جزءا كبيرا من عالمي الأدبي والإنساني رغم أنني الآن قد عشت في المدينة ضعف ما عشته في الريف تقريبا". يذكر أن كتاب "عجائز البلدة" الصادر حديثا عن الدار المصرية اللبنانية عبارة عن حكايات تكشف جانبًا من تاريخنا الاجتماعي المنسى، وينجلي في سطوره كل ما يربطنا بجذورنا البعيدة، ليجعل الحنين يجرفنا نحو زمن ولى في غفلة منا، ولن نستعيده أبدا إلا حين يغوص كل منا في ذاكرته، التي أضناها الشوق والأسى، بسبب غربتنا الطويلة، خلال سنين نقلتنا من طفولةعفية إلى شيخوخة واهنة. وقال عمار: "يمكنك أن ترى في كل حكاية عن آلة أو أداة قصة قصيرة، وربما ترى في العمل مكتملا وكأنه رواية، أو جزءا من تاريخ ذاتي أو اجتماعي منسي أو حاضر بقوة. حكايات "عجائز البلدة" لها سمت مختلف، لأنها، كما يقول عمار علي حسن، يمكن أن تكون جسرا عريضا متينا بين الأدب بما يفرضه من قوانين فنية وبين "علم اجتماع الريف" الذي ليس بوسعه أن يغفل حياة الفلاحين وأدوات عملهم، لذا فالعمل يصلح لقراء متعددين، سوءا المهتمين بالأدب، أو الذين يريدون أن يقفوا على تاريخ الريف المصري، أو خصائص مجتمعنا بشكل عام". وحول التصنيف الدقيق لهذا العمل قال عمار: "يمكن أن أريحك وأقول إنه عمل عصي على التصنيف التقليدي الذي اعتدناه في كتابة الأدب وقراءته، لكنني أؤكد لك مرة ثانية أن التوسل بالسرد أو الحكاية بات أوسع من أن يقتصر على الألوان الأدبية المتعارف عليها، فكثير من كبار الأدباء في العالم استعملوا هذه الوسيلة في قول أشياء أخرى، في سيرهم الذاتية أو سير الآخرين من الأشخاص أو الأشياء". يشار إلى أن "عجائز البلدة" هو الكتاب الأدبي العشرون لعمار علي حسن، بعد عشر روايات وسبع مجموعات قصصية وقصة للأطفال وسيرة ذاتية سردية، إلى جانب ثلاثة كتب في النقد الأدبي، وعشرين كتابا في الاجتماع السياسي والتصوف.