تتواصل مساعي الرئيس التركي أردوغان لإيجاد وطن يضم المرتزقة والإرهابيين الموالين لأردوغان، بحيث يتسع لمن تبقى من جماعة الإخوان الإرهابية، بعد أن نبذها العالم كله، ومعها الدواعش والمرتزقة الذين قاتلوا لصالحه في سوريا، بعد أن أصبحت الساحة السورية، غير مناسبة لبقائهم. حلم توطين المرتزقة والإرهابيين في ليبيا، يحققه تحالف مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج، الذي أعطى الضوء الأخضر لوزير خارجيته فتحي باشاغا، من أجل بدء مشروع موسع لتجنيس المرتزقة السوريين، وإرهابيي داعش، الذين نقلتهم تركيا إلى طرابلس خلال الأسابيع الماضية، والذين تتجاوز أعدادهم وفق التقارير الحقوقية 4 آلاف مقاتل حتى الآن. وقال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن منح الجنسية الليبية للإرهابيين والمرتزقة السوريين، يمثل خدعة للمجتمع الدولي، من قبل أردوغان، أول جوانبها هو التخلص من الضغوط التي بات يمثلها وجود هؤلاء المرتزقة في سوريا، لا سيما في ظل عدم وجود مكان ينتقلوا إليه، بعد رفض دولهم استعادتهم. وأضاف ل"البوابة نيوز": "الجانب الثاني هو صناعة بؤرة جديدة للإرهاب في أفريقيا، تبدأ من على حدود أوروبا الجنوبية في البحر المتوسط، وتمتد إلى عمق القارة الأفريقية، ليجد العالم نفسه مضطرا لقبول إملاءات أنقرة فيما يتعلق بأطماعها في ثروات المتوسط، وكذلك في انضمامها للاتحاد الأوروبي والتمتع بمميزاته". ثالث الخدع الأردوغانية، من وراء منح السراج الجنسية الليبية للمرتزقة والإرهابيين، هي ضمان الإبقاء على السراج نفسه في ليبيا، ولو على حساب تقسيمها إلى دولتين أو ثلاثة، بما يبقي على الإخوان أحياء في طرابلس وما حولها، بعد أن سقطت الجماعة في كل دول المنطقة تقريبا، بحسب ما أوضح بدر الدين. ولفت إلى أن التلاعب بنتائج اجتماعات اللجنة العسكرية "5+5"، التي عقدت في مدينة جنيف السويسرية، ضمن مخرجات مؤتمر برلين بشأن ليبيا، هدف آخر لأردوغان، حيث سيؤدي دمجِ المرتزقة والإرهابيين في المجتمع الليبي، إلى استخدام هذه العناصر كحصان طروادة لتخريب البلاد وإثارة الفوضى، لصالح من يملك ولاءهم، وهما أردوغان والسراج فقط، وليس الدولة الليبية، التي لا تعني هذه العناصر في شيء وإن تم تجنيسهم. وشدد بدر الدين على أن حضور أردوغان لمؤتمر برلين، يمثل ضربة قاصمة للمصداقية الدولية، مشيرا إلى أن صمت المجتمع الدولي على انتهاكات أنقرة للتعهدات التي قطعها أردوغان على نفسه، بل وقبول الانخداع بكلامه، والظهور بمظهر الجاهلين بما يجري، يؤكد وجود مؤامرة ضد ليبيا. وقال: "من المؤكد أن معظم أجهزة الاستخبارات في العالم، على دراية بالمعلومات التي نشرتها المواقع العسكرية المتخصصة، وهو ما يطرح سؤالا حول سبب صمت الدول الكبرى على مراوغات أردوغان، وعدم مواجهتهم له خلال مؤتمر برلين، وحتى الآن"، مضيفا: "الأمر يشير إلى مؤامرة محبوكة لإسقاط ليبيا، وتحويلها إلى دولة فاشلة، تهدد محيطها الإقليمي". وأوضح بدر الدين أن ما يتم تداوله من معلومات حول أن البارجات التركية، ومنها: البارجة "غازي عنتاب"، و"قيديز"، تدعمان مليشيات السراج من البحر المتوسط، بعد روسهما في ميناء الشعاب بطرابلس، يعد معلومات مؤكدة وبالتالي يجب أن يتعامل معها المجتمع الدولي، إذا أراد صدقا حل الأزمة الليبية، وهو أمر بات محل شك، بعد التطورات الأخيرة. وأضاف: "معلومات المواقع العسكرية، تؤيدها شهادات متواترة لشهود عيان ليبيين، أكدوا أن جنودا أتراك ينزلون فجرا إلى داخل ليبيا من ميناء طرابلس، بعدما وصلوا على متن البارجتين المذكورتين، كما أنزلت البارجتان أيضا دبابات وشاحنات عسكرية، وهو ما يشير صراحة إلى أن أنقرة لا تنوي الالتزام بما تم الاتفاق عليه، وهو ما يجدد التساؤل حول أسباب عدم التعامل معها على أنها أحد أسباب الأزمة، الواجب ردعها لإنهاء الصراع". أستاذ العلوم السياسية ألقى الضوء جانب آخر للتحركات التركية في ليبيا، وهو الجانب المتعلق بالتمهيد للانتشار أفريقيا بشكل واسع النطاق، لافتا إلى أن أحلام أردوغان التوسعية، ممتدة لتشمل القارة الأفريقية بأكملها. وقال: "أطماع أردوغان الأفريقية استكمال للسياسة العثمانية، المعتمدة على الأطماع التوسعية"، مستدلا على ذلك بالوجود التركي في الصومال، الذي يدعم ويعزز العمليات الإرهابية الضارية التي ترتكبها الجماعات المتطرفة هناك. أردوغان يريد التوغل في جميع العواصم الأفريقية، لضمان الرواج الاقتصادي، اعتمادا على الثراء الأفريقي فيما يتعلق بالتبادل التجاري، هذا ما أكده بدر الدين، لافتا إلى أن محاولات تركيا لاختراق لأفريقيا متنوعة ويجب الانتباه إليها جيدا، في ظل التطورات الأخيرة بشأن الأزمة الليبية، مضيفا: "يجب أيضا الانتباه إلى تحركات أردوغان أفريقيا، وسعيه لفتح الباب لليهود في ليبيا، في ظل الوجود القوي لإسرائيل داخل دول القارة السمراء، وهو ما يهدد بإنشاء شبكة من العلاقات تحمل الخراب والدمار الواسعين لمصالح دور أفريقيا".