لا يمتلك من الدنيا أموالا طائلة، أو سيارة فارهة تنتظره كل صباح يتوجه قائدها حيثما شاء، ولا حتى حسناء تهاتفه في آخر أيامه ليلًا، أو تجلس بجواره، ويقص عليها ما قضاه طيلة النهار، يستأنس بالحديث إليها، ويحكى لها ما فعله. يحكى إسماعيل حكايته بعدما ضاقت عليه الدنيا في أم الدنيا، وأصبح وحيدا، «قال كان لدى من الأولاد أربعة، جميعهم رحلوا، بتعدد الأسباب، ولكن كما قيل الموت واحد، ورحلت الزوجة، وأنا على أعتاب السبعين، وأنهى حياتى الستينية، ولكنى ما زلت أقول الحمدلله». حياة درامية يعيشها العجوز رغم تقلبات الزمن، وصراعه المرير معه، عاش حياته يبحث عن لقمة العيش لتربية الأبناء، والآن يعيشها وهو يبحث عن الأنس بعد الوحدة. «الحياة عمرها ما كانت فلوس ولا هتكون، الحياة ونس الأهل والصحاب، ولو راحوا ولا ملايين الدنيا هتهون دمعة على فراق ولدك».. هكذا يقول عم إسماعيل وهو يصف الحياة، ولكن رغم الصعوبات ما زال يملك قلبا يشعر بالسعادة، ولسانا يسخر من حياته. ويضيف رغم حياتى ومعاناتى أمتلك صديقا يهون كل ذلك، نجتمع كل مساء، لا نكترث بما سنحققه من أموال، أو نسعى لتكوين ثروة، نحن نستمع لكلامنا الفارغ وقهقهتنا المزعجة ونختم ليلتنا بأكلة كشرى من صناعة مصرية خالصة، لنتصارع في منامنا حتى نستيقظ على أمعاء فارغة تبحث عن أول عربة فول تروى جوعها، ولكن رغم كل ذلك أقول ما قالته «فاطمة قنديل» وهى تنصح عبدالرحمن الأبنودي: «أوعى تعيش يوم بعد عيال!».