انتخابات النواب 2025، تصعيد المرشح سيد عيد بدلا من الراحل أحمد جعفر بحدائق القبة    العدل: معايير النزاهة في الاستحقاقات الانتخابية منارة تضئ طريق الديمقراطية    وزير الإسكان: حريصون على تحقيق التكامل بين المدن الجديدة والمحافظة الأم    خلال أخر تعاملات داخل البنوك .. تراجع سعر الدولار أمام الجنيه المصرى بقيمة 10 قروش    قطر والأمم المتحدة تبحثان تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة    قاذفات قنابل أمريكية تحلق بالقرب من فنزويلا    واشنطن تعلن عن تطوير الأنظمة المضادة لمسيرات تستهدف حدودها في تكساس    تفاصيل زيارة حسام وإبراهيم حسن لمنتخب مواليد 2007    منتخب مصر مواليد 2009 يتعادل مع إنبي 2007 في ثاني التجارب الودية    دوري المحترفين - أبو قيرة للأسمدة يفقد فرصة العودة للصدارة.. ولافيينا يشعل صراع التأهل    حسام وإبراهيم حسن يزوران معسكر منتخب مصر مواليد 2007.. صور    الأرصاد: طقس معتدل نهار الجمعة.. والعظمى بالقاهرة 20 درجة    محافظة الجيزة: غلق المحور المركزي الموازي ب6 أكتوبر كليا لمدة شهر    بيت الغناء العربي يستضيف "نغم باند" غدًا    إكسترا نيوز: لا شكاوى جوهرية في ثاني أيام التصويت وإقبال منتظم من السيدات    فريق طبي بمستشفى التأمين الصحي ببني سويف يجري 4 تدخلات ناجحة بالمنظار    بعد أسبوع من البحث| اصطياد «تمساح الزوامل»    نصائح شعبة الذهب عند شراء الجنيهات والسبائك .. خاص    تحصين 320 كلبًا خلال أسبوعين في الدقهلية| صور    وزارة التعليم توضح : لا يجوز حرمان الطالب غير المسدد للمصروفات من دخول الامتحان    لجان خاصة بذوي الإعاقة، تجارة عين شمس تعلن الجاهزية لامتحان 60 ألف طالب    أنتونى هوبكنز وإدريس إلبا وسلمان خان على السجادة الحمراء لمهرجان البحر الأحمر    «هما كده» أغنية جديدة لمصطفى كامل ويطرحها السبت    لبلبة من ختام البحر الأحمر: سعيدة بردود الفعل على جوازة ولا جنازة    وزير الدفاع الصومالى لترامب: ركز فى وعودك الانتخابية ولا تنشغل بنا    تحذيرات عالمية من خطر هذا الشتاء.. ما هى سلالة أنفلونزا H3N2    أشرف زكى عن عبلة كامل : مختفية عن الأنظار .. ونشكر الرئيس على رعاية كبار الفنانين    أستاذ قانون دستورى: قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات متوافقة مع الدستور    حصاد الوزارات.. رئيس هيئة الدواء يبحث مع مسؤولى مؤسسة جيتس تعزيز التعاون    ميدو: صلاح يجب أن يغادر ليفربول.. وأشجعه على خطوة الدوري السعودي    «صحة قنا» تعقد اجتماعًا بمديرى المستشفيات لتعزيز جاهزية منظومة الطوارئ والرعاية الحرجة    تطورات الوضع في غزة تتصدر مباحيات الرئيس السيسي وملك البحرين    تسليم 5 أجهزة تعويضية وكراسي متحركة للمرضى غير القادرين بسوهاج    حبس عاطل بتهمة التحرش بفنانة شهيرة أثناء سيرها بالشارع في النزهة    ضبط شخص بحوزته كروت دعائية وأموال لشراء أصوات الناخبين في الأقصر    محافظ كفر الشيخ: الانتهاء من تدريب وفد من 10 دول أفريقية على تقنيات تحسين تقاوى الأرز    «المشاط» تبحث مع بنك الاستثمار الأوروبي نتائج زيارته لمصر    يزن النعيمات صفقة الأهلي المحتملة في الميركاتو الشتوي    الليلة.. قناة الوثائقية تعرض فيلم محفوظ وهي    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    الضباب الكثيف يلغي عددا من الرحلات الجوية إلى مطار حلب بشمال سوريا    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن فوز مصطفى البنا وحسام خليل بالدائرة الثانية بأطسا    المشدد 7 سنوات لرئيس حي شرق الإسكندرية السابق في قضية رشوة    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع تطوير مدينة النيل الطبية    الخارجية السورية: إلغاء قانون قيصر يمثل انتصارا    ضربات أمنية لضبط الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    سباليتي: أداء يوفنتوس أمام بافوس كان محرجا في الشوط الأول    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة «قرة إنرجي» بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيسها    مؤسسة هولندية تتبرع بأجهزة ومعدات قيمتها 200 مليون جنيه لدعم مستشفى شفاء الأطفال بسوهاج    أسعار الفضة تلامس مستوى قياسيا جديدا بعد خفض الفائدة الأمريكية    «الوطنية للانتخابات» تعلن تخصيص الخط الساخن 19826 لتلقي الشكاوى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    الدفاع المدني بغزة: تلقينا 2500 مناشدة من نازحين غمرت الأمطار خيامهم    كأس العرب| طموحات فلسطين تصطدم برغبة السعودية في ربع النهائي    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رابعة العدوية من عالمها: أحبّوا من أحبّكم أولا.. وهو الله
نشر في فيتو يوم 04 - 06 - 2013


«أم الخير» نفت انخراطها فى طريق العشق والغواية
اجتاحنى همُ وكربُ عظيم،يوم الثلاثاء الماضى،بعد أمسية حزينة،أحسستُ يومئذ أن الأرض ضاقت علىّ بما رحبت،ولما غلبنى النوم،رأيتُها فى منامى..كأن الله منحها وحدها شطر الحُسن،كانت تناجيه فى خشوع،وتبتهل إليه فى حب،تردد كلاما لم تسمعه أذناى من قبلُ،كلاما كسر بعض ما بداخلى من صخور الحزن والبؤس..وجدتُها وقومها يعبدون الله من دون خلقه،فهم فى دار الحق،ونحن لم نزل فى دار الباطل،حيث مواكب الآلهة،وحشود الطواغيت،وغلمان الشياطين،وخدم إبليس..
كانت تقول فى تبتُل لبارئها الذى أحسن صنعها،وخلقها فى أحسن تقويم:«إلهي أنارت النجومُ، ونامت العيونُ، وغلَّقت الملوكُ أبوابها، وخلا كلُ حبيب بحبيبه، وهذا مقامي بين يديك.. إلهي هذا الليلُ قد أدبر، وهذا النهارُ قد أسفر، فليت شعري أقبلت منى ليلتي فأُهنّأ، أم رددتها علىّ فأُعزّى، فوعزتك.. هذا دأبي ما أحييتني وأعنتني، وعزتك لو طردتني عن بابك ما برحتُ عنه، لما وقع في قلبي من محبتك..يا رب.. أتحرقُ بالنار قلبًا يحبُك، ولسانًا يذكرك، وعبدًا يخشاك ؟ سيدي.. بك تقرّب المتقربون في الخلوات، ولعظمتك سبّح الحيتان في البحار الزاخرات، ولجلال قدسك تصافقت الأمواجُ المتلاطماتُ، أنت الذي سجد لك سوادُ الليل وضوءُ النهار، والفلكُ الدوارُ، والبحرُ الزخارُ، والقمرُ النوارُ، والنجمُ الزهارُ، وكلُ شيء عندك بمقدار، لأنك الله تعالى العلي القهار»..إنها كلمات ليست كالكلمات،تلك التى ترددها هذه العابدة الخاشعة..كلمات أبكت قلبا أعماه زيفُ الدنيا،عن حقيقة الآخرة،دنوتُ منها،ألقيتُ عليها التحية،فردت بأحسن منها،قلتُ لها:من أنت؟
فتبسمت ابتسامة حانية صادقة،ثم قالت: ألا تعرفنى؟ قلتُ:لا.. وربى،ولكنى آراك امرأة ليست كالنساء،فسألتنى: وما لهن النساء؟ فأجبتُها: هن وقود النار..فقاطعتنى:بل استغفر الله،إنه كان غفارا،يجعل السماء عليك مدرارا،ويمددك بأموال وبنين،ويجعل لك جنات،ويجعل لك أنهارا،فقلت لها:هذا رأيى،جزاك الله خيرا يا سيدة قومك،ولكن أخبرينى بالله عليك،من أنت؟ فقالت:أنا أم الخير رابعة العدوية،فأسقط فى يدى،ثم تمالكتُ نفسى،وقلت:قد أحسن الله مثواك،فقالت: الحمد لله،ثم سألتنى:ما يحزنك؟ فأجبتُها:هموم بالليل،وأخرى بالنهار،فقالت:ادع الله أن يفرج عنك كروبك،ويزيح عنك همومك،فقلت:دعوتُه كثيرا،دون جدوى،فقاطعتنى:إذن..فالعيب فيك أنت،وأعظك أن ترضى عن الله حتى يرضى الله عنك،فأردفتُ:لا شك فى ذلك،ولكن كيف أرضى عن الله؟فقالت: يوم تُسرُّ بالنقمة سرورك بالنعمة لأن كليهما من عند الله،ثم أنشدت:
تعصى الله وأنت تُظهر حُبه هذا لعمرى فى الفعال بديعُ
لو كان حُبك صادقا لأطعته إن المُحب لمن يحب مطيعُ
وبعدها تلت قوله تعالى:»أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض؟»،وبعدها رفعت يديها إلى السماء،دون وجهها حياء من الله،كما كانت تفعل فى الدنيا، وأنشدت:
فليتك تحلو والحياة مريرةٌ
وليتك ترضى والأنام غضابُ
وليت الذي بيني وبينك عامرٌ
وبيني وبين العالمين خرابُ
إذا صحّ منك الودُّ فالكلُ هينٌ
وكلُ الذي فوق التراب ترابُ.
فقلت:نعم القولُ قولُك يا سيدتى..ولكن ما السبيلُ؟ فأجابت:السبيل الوحيد أن تحب الله،فحبُّ الله منجاة من كل سوء،وحب النفس والدنيا مجلبة لكل سوء،ثم رفعت يديها إلى السماء وخاطبت الله جل فى علاه:
أحبك حبين حب الهوى
وحبًّا لأنك أهلٌ لذاكا
فأمَّا الذي هو حبُّ الهوى
فشُغلِي بذكرك عمَّن سواكا
وأمَّا الذي أنت أهلٌ له
فكشفُك لي الحُجبَ حتَّى أراكا
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي
ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
ثم التفتت إلىّ وقالت:اعلم يا هذا..ليس فى دنياك راحة،فسألتُها:وكيف تحصلت أنت على الراحة فى حياتك وبعد موتك؟ فابتسمت ابتسامة الرضا،وأنشدت:
راحتي يا إخوتي في خلوتي
وحبيبي دائماً في حضرتي
لم أجد لي عن هواه عوضا
وهواه في البرايا محنتي
حيثما كنت أشاهد حُسنه
فهو محرابي، إليه قبلتي
من أسف..أن نفسى الأمّارة بالسوء،غلبت نفسى اللوّامة،ولم تخشع أمام تلك الحالة الإيمانية الفذة،فسألتُها فى خُبث:ولكنك يا سيدتى..عشقت الدنيا فى بدء حياتك،وعانقت شهواتها،فقاطعتنى،وقد تجهم وجهها،وتلاشت ابتساماتها، وقالت: معاذ الله،إنه ربى،أحسن مثواى،هذا افتراء وكذب،ثم سألتنى:من قال هذا؟ فقلت:الأعمال الفنية والكتابات التى تناولت سيرتك تؤكد أنك عشت حياة تخاصم ما انتهيت إليه تماما،ولما غمض عليها ما أقول،قلت لها:باختصار..الصورة الراسخة في أذهان الكثيرين عنك هي صورة الغانية التي تمرّغت في حياة الغواية والشهوات، حتى إذا آذن شبابها بذهاب، اتجهت إلى العبادة والطاعة،فغلبتها دموع أحسستُ أنها صادقة،ثم قالت:يعلم الله أننى لم أكن كما قال عنى المغرضون،وأشهد الله على ذلك،فاعتذرتُ منها،ثم أكدت لها أن كتبا مثل:«رابعة العدوية شهيدة العشق الإلهى» للدكتور عبد الرحمن بدوى،و«شهيدة العشق الإلهى» لطاهر أبوفاشا،تناولت حياتها من هذا المنطلق،فقالت:غفر الله لمن تقول علىّ أو أساء إلىّ..ثم انخرطت فى نحيب غزير،ثم رفعت يديها إلى السماء، وقالت: «إلهي أنت تعلم أن قلبي يتمنى طاعتك، ونور عيني في خدمتك، ولو كان الأمر بيدي لما انقطعت لحظة عن مناجاتك»،ثم تلت قول الله تعالى: «وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ».
نفسى الأمّارة بالسوء سألت رابعة هذه المرة،عن حقيقة ما نُسب إليها من وصفها للكعبة بالصنم المعبود فى الأرض،فأجابت:وهل يقول ذلك إلا كافر بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم،والبيت الحرام لا يعبده المسلمون من دون الله،بل يعبدون رب البيت بالطواف به والصلاة له،والله يعلم براءتى من هذا القول الآثم،ثم انسابت من عينها اليمنى دمعتان أو ثلاث،وقالت:أى بُنىّ..مثلى لا يصح عنه «الحلول» و«الاتحاد» مطلقاً، ولا ما يخرجنى عن الإسلام أصلاً، أو الدعوة إلى الزندقة، فأنا فقط مجرد امرأة مؤمنةعابدة خاشعة.
قلتُ لها:وما حقيقة إيمانك يا سيدتى؟ فأجابت:«حقيقة إيمانى أنى ما عبدتُ الله خوفًا من ناره، ولا حبًا لجنته، فأكون كالأجير السوء، بل عبدته حبًا وشوقًا إليه».
قلت لها:هل حقا كنت تصلين ألف ركعة فى اليوم والليلة؟ فقالت:«نعم..ولكن ما كنتُ أريد بها ثوابا، بل لكي يُسرَّ به رسول الله يوم القيامة، فيقول للأنبياء: انظروا إلى امرأة من أمتي هذا عملها»،ثم أنشدت:
عرفتُ الهوى مذ عرفتُ هواك
وأغلقتُ قلبي عمن سواك
وكنتُ أناجيك يا من ترى
خفايا القلوب ولسنا نراك
أحبك حبين حب الهوى
وحبا لأنك أهل لذاك
فأما الذي هو حب الهوى
فشغلي بذكرك عمن سواك
وأما الذي أنت أهل له
فكشفُك للحُجب حتى أراك
فلا الحمدُ في ذا ولا ذاك لي
ولكن لك الحمدُ في ذا وذاك
أُحبك حبين.. حب الهوى
وحبا لأنك أهل لذاك
وأشتاق شوقين.. شوق النوى
وشوقا لقرب الخلي من حماك
فأما الذي هو شوق النوى
فمسري الدموع لطول نواك
أما اشتياق لقرب الحمى
فنار حياة خبت في ضياك
ولستُ على الشجو أشكو الهوى
رضيتُ بما شئت لي في هداكا
قلت:يا أم الخير،هكذا كانت تُكنّى فى الدنيا،وكيف يصل العبد إلى إدراك حب الله؟ فأجابت:»مُحبُّ الله لا يسكن أنينه وحنينه حتى يسكن مع محبوبه،و يكتم حسناته كما يكتم سيئاته»،ثم أنشدت:
يا سُروري ومُنيتي وعمادي
وأنيسي وعُدتي ومرادي
أنت روحُ الفؤاد أنت رجائي
أنت لي مؤنسٌ وشوقك زادي
أنت لولاك يا حياتي وأنسي
ما تشتتُ في فسيح البلاد
كم بدت منةٌ، وكم لك عندي
من عطاء ونعمة وأيادي
حبك الآن بغيتي ونعيمي
وجلاء لعين قلبي الصادي
إن تكن راضياً عني فإنني
يا منى القلب قد بدا إسعادي
سألتها : كيف بلغت هذه المرتبة العالية في الحياة الروحية؟ فأجابت :» بقولي: دائما اللهم إني أعوذ بك من كل ما يشغلني عنك ومن كل حائل يحول بيني وبينك» .
قلتُ لها:الصوفيون الذى نعرفهم غيرك تماما،هم يتصنعون الزهد،ولكنهم أهل دنيا وهوى،فأردفت: الصوفية ليست زهدا ومناسك،ولا استغراقا فى الملذات ولا انفصالا عن الواقع،بل حب قوى دفّاق لله،جل فى علاه.
قلت:ختاما..بما تعظين عموم المسلمين،الذين شاع فيهم الضلال؟ فأجابت:«أن نحب من أحبنا أولاً وهو الله»،حينئذ..استيقظتُ من نومى على صوت الشيخ محمد رفعت،يتلو فى خشوع قول الله تعالى:» قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم، وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون، واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون، أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين، أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين، أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين، بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين»..فأحسستُ أننى قد صرتُ إنسانا جديدا..ولكن ليس ك«رابعة العدوية».
C.V
في مدينة البصرة،وفى سنة 717 ميلاديا، وُلدت أم الخير رابعة بنت إسماعيل القيسية العدوية البصرية.. لأب عابد فقير لديه ثلاث بنات، ومات الأب ورابعة لم تزل طفلة دون العاشرة، ولم تلبث الأم أن لحقت به، فوجدت الفتيات أنفسهن بلا عائل يُعانين الفقر والجوع والهزال.. فتفرقن لتبحث كل واحدة منهن عن طريقها..
كانت مدينة البصرة في ذلك الوقت تعاني من وباء اجتاحها وأصابها بالقحط،ما أدى إلى انتشار اللصوص وقُطَّاع الطرق،حتى أن أحد اللصوص خطف رابعة وباعها بستة دراهم لأحد التجار القساة..
ذات ليلة استيقظ سيدها من نومه فسمع صلاتها ومناجاتها فنظر من خلال الباب، « فرأى رابعة ساجدة تصلى وتقول: إلهي أنت تعلم أن قلبي يتمنى طاعتك، ونور عيني في خدمتك، ولو كان الأمر بيدي لما انقطعت لحظة عن مناجاتك، ولكنك تركتني تحت رحمة هذا المخلوق القاسي من عبادك، هنا دعا رابعة وقال: أي رابعة وهبتك الحرية، فإن شئت بقيت ونحن جميعًا في خدمتك، وإن شئت رحلت أنى رغبت، فما كان منها إلا أن ودعته وارتحلت».
اشتاقت نفس رابعة،وهى ابنة عشرة سنة للدنيا الخلاء من الناس المليئة بالله وحده.. فقد تخلص قلبها من الدنيا وكل ما فيها، وخلص من الرغبات والشهوات والخوف والرجاء.. لم يبق فيه إلا شىء واحد الرضاء عن الله والعمل على الوصول إلى رضاء الله عنها.. ورفضت كل من تقدم لزواجها، فليس في قلبها مكان لغير الله.. وليس لديها وقت تشغله في غير حب الله.
عاشت طوال حياتها عذراء بتولاً برغم تقدم أفاضل الرجال لخطبتها لأنها انصرفت إلى الإيمان والتعبُّد ورأت فيه بديلاً عن الحياة مع الزوج والولد.
لقيت رابعة ربها،فى سنة 796 ميلاديا،وهى في الثمانين من عمرها،بعد حياة حافلة بالإيمان والعبادة وحب الله،ودُفنت فى الفدس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.