ارتفاع أسعار الأسماك بأسواق الإسكندرية.. والبلطي يصل إلى 100 جنيه للكيلو    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل للقضية الفلسطينية    جوارديولا يكشف مفاجأة بشأن إصابة هالاند    حبس المتهم بقتل زوجته في منطقة أبو الجود بالأقصر على ذمة التحقيقات    النيابة تصرح بدفن جثة شاب غرق بترعة أبيس في الإسكندرية    إمام المسجد الحرام: تأشيرة وتصريح الحج من لوازم شرط الاستطاعة    حقيقة إغلاق بعض بيوت الثقافة التابعة للهيئة العامة    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    قيادي بحزب الشعب الجمهوري: زيارة الرئيس السيسي لموسكو تعكس عمق العلاقة وتعزز الشراكات الاستراتيجية    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    النار التهمت محصول 1000 فدان.. الدفع ب 22 سيارة للسيطرة على حريق شونة الكتان بالغربية    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    خبر في الجول - لجنة التظلمات تحدد موعد استدعاء طه عزت بشأن أزمة القمة.. ولا نية لتقديم القرار    أمين الفتوى: المعيار الحقيقي للرجولة والإيمان هو أداء الأمانة والوفاء بالعهد    السديس في خطبة المسجد الحرام يحذر من جرائم العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي    الضرائب: 9 إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء وتحفيز الاستثمار    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    فريق طبي بمستشفى سوهاج ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    استلام 215 ألف طن قمح في موسم 2025 بالمنيا    قناة السويس تدعو شركات الشحن لاستئناف الملاحة تدريجيًا بعد هدوء الهجمات    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    ملتقى الثقافة والهوية الوطنية بشمال سيناء يؤكد رفض التهجير والتطبيع مع الكيان الصهيوني    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    المستشار الألمانى يطالب ترامب بإنهاء الحرب التجارية وإلغاء الرسوم الجمركية    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    الزمالك في جولته الأخيرة أمام المقاولون في دوري الكرة النسائية    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    محمد عبد الرحمن يدخل في دائرة الشك من جديد في مسلسل برستيج    دمياط: قافلة طبية تحت مظلة حياة كريمة تقدم العلاج ل 1575 شخصا    وزيرة التخطيط و التعاون الدولي :حققنا تطورًا كبيرًا في قطاع الطاقة المتجددة بتنفيذ إصلاحات هيكلية تجذب القطاع الخاص وتُعزز مركزنا كدولة رائدة    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    الطيران المدني الباكستاني: مجالنا الجوي آمن ومعظم المطارات استأنفت عملها    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    ضبط دقيق مجهول المصدر وأسطوانات بوتاجاز مدعمة قبل بيعها بالسوق السوداء بالمنوفية    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا بالدوري    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصين ومسلمو الإيجور.. قمع الداخل واستغلال الخارج
نشر في البوابة يوم 26 - 12 - 2019

حكومة بكين ترفض منح شينجيانج الحكم الذاتي.. وتفرض على السكان قيودًا دينية وأمنية
مطالبات دولية بوقف الممارسات غير الإنسانية فى الإقليم
نجاح الإيجور فى الانفصال يحفز باقى الأقليات على تفكيك الدولة
تركيا تبتز الصين وموقفها يتراوح بين التصعيد والمهادنة وفق مصلحتها
ناضلت الصين لعقود من الزمن للسيطرة على شينجيانج، حيث ظل الأويغوريون يحتجون لفترة طويلة على حكم بكين الاستبدادي. وبعد هجمات الحادى عشر من سبتمبر فى الولايات المتحدة، بدأ المسئولون الصينيون يبررون التدابير الأمنية القاسية والقيود الدينية باعتبارها ضرورية لدرء الإرهاب، بحجة أن الشباب الإيجور كانوا عرضة لتأثير التطرف الإسلامي. ولقى المئات حتفهم منذ ذلك الحين فى الهجمات الإرهابية والانتقام وأعمال الشغب العرقية، سواء من الإيجور أو الهان الصينيين. ويستمر القمع الممنهج للإيجور حتى الآن بما دفع العديد من الدول لمناهضة سياسات الصين وحثها على الكف عن انتهاك حقوق الأقليات المسلمة بها. كما دفع المواطنون فى الدول ذات الأغلبية المسلمة للضغط على حكوماتهم لإظهار تضامن أقوى مع الإيجور وحث الزعماء السياسيين والدينيين على مقاطعة المنتجات الصينية ومطالبة الصين بوقف ممارساتها غير الإنسانية تجاه الإيجور فى شينجيانج.
وقد مثلت هذه الانتهاكات المستمرة ورقة ضغط للدول المنافسة للصين مثل الولايات المتحدة أو تلك التى تسعى للحصول على مكاسب اقتصادية مثل تركيا. وفى هذا السياق تتناول الدراسة أوضاع الإيجور كحركة انفصالية وسياسات الصين لمواجهة مساعى الانفصال وأخيرًا كيف استغلت بعض الدول هذه الانتهاكات لتحقيق مكاسب مع الإشارة إلى موقف دول العالم الإسلامى من تلك القضية.
الإيجور كحركة انفصالية
على الرغم من إعلان جمهورية الصين الشعبية فى البداية كدولة متعددة الثقافات فى عام 1949 إلا أن سياسة الحزب الشيوعى عارضت بقوة حقوق وحريات الأقليات العرقية وفرضت قيودًا على الأديان، وتسببت الثورة الثقافية التى خاضها (1966-1976) فى الكثير من المظالم ضد الأقليات فتم قمع الدين بشكل خاص، فوجد الإيجور - وهم أكبر مجموعة عرقية تركية مسلمة تعيش فى شينجيانج - مثلهم مثل الأقليات المسلمة الأخرى فى جميع أنحاء الصين نصوصهم الدينية ومساجدهم مدمرة، وتم اضطهاد قادتهم الدينيين، ومعاقبة أتباعهم. ومع اتباع سياسات أكثر انفتاحًا فى أواخر السبعينيات وحتى أوائل التسعينيات بدأت القيود على الأقليات والأديان تقل تدريجيًا، ولكن نتج عن هذا الانفتاح تصاعد انتقاد الأقليات للممارسات الاقتصادية والدينية والسياسية التمييزية والمطالبة بالاستقلال كما مثل دول آسيا الوسطى التى استقلت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، بما دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات صارمة فى شينجيانج فى عام 1996.
ويجدر الإشارة هنا إلى أن الأقليات الهادفة للانفصال عن الدولة تستخدم عدة آليات لتحقيق هدفها تتراوح ما بين السلمية (مثل إنشاء أحزاب سياسية أو حركات ثقافية أو منظمات للدفاع عن حقوقهم، تقود حملة الانفصال) والعنف (مثل التظاهرات والاحتجاجات المسلحة والتمرد).
وقد قامت بعض من مجموعات أقلية الإيجور بتحركات أيدولوجية دينية وسياسية وأيضًا تحركات مسلحة للمطالبة بالانفصال عن الصين وإقامة دولة أويجورية منفصلة تسمى إما الإيجورستان أو تركستان الشرقية. برغم أن بعض الإيجور دولة منفصلة مستقلة فإن آخرين يرغبون فى الحفاظ على التمييز الثقافى ضمن علاقة مستقلة مع الصين، والبعض يندمج فى النظام الصيني، ومن ثم ليس كل أفراد أقلية الإيجور يطالبون بالانفصال كما يزعم البعض. وأشير إلى أن من يقومون بالأعمال الإرهابية العنيفة هم مجموعات منشقة.
واعتمد أولئك على أدوات العنف والدعم الخارجى فى مساعيهم للانفصال فقد تلقى بعض الإيجور دعمًا من تركيا بشكل غير رسمى وتمويلاً ويخضع بعض أفرادها إلى التدريب فى الخارج. كما استغلوا الطرق والقضبان التى تربط بكين بآسيا الوسطى (كازاخستان، قيرغيزستان وطاجيكستان) فى الهروب عبرها لتلقى تدريبات على يد المقاتلين الإسلاميين، والحصول على الأسلحة وكذلك استغلالها فى تجارة المخدرات بين الحركة وتلك الدول. وتعتقد الصين أن أكثر من 1000 من الأيغور تلقوا تدريبات على يد قوات بن لادن فى أفغانستان، وعاد نحو 110 منهم إلى الصين، وقيل إن نحو 300 فرد ألقت القوات الأمريكية القبض عليهم أو قتلوا بين أعضاء تنظيم القاعدة، ونحو 600 فروا إلى شمال باكستان. بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن الأيجور قد تم تدريبهم فى معسكرات تدريب المتشددين غير الرسمية فى باكستان.
سياسات الصين تجاه الحركة
تتعدد سياسات الدول فى التعامل مع الأقليات الموجودة بها وتتباين ما بين السلمية والعنف. فقد تتبع سياسات سلمية مثل اعتراف الدولة بحقوق الأقليات وخصوصيتهم الثقافية مع البقاء تحت تبعية الحكومة أو منحهم الحكم الذاتى أو حق تقرير المصير، وقد تتبع سياسات عنيفة مثل الإدماج القسرى للأقليات فى القومية الدولة التى تعد فى تلك الحالة بوتقة لصهر كل الاختلافات فى المجتمع بداخلها.
وقد اتبعت الصين السياسات العنيفة مع أقلية الإيجور خوفًا من التحولات الجيوسياسية والديموغرافية الخطيرة التى قد تنجم عن نجاح الإيجور فى الانفصال كونه يحفز باقى الأقليات على اتباع نفس النهج بما يؤدى إلى تفكك الدولة بشكل كامل، ومن تلك السياسات:
1- إعادة الهيكلة الاجتماعية القسرية: فقد أسست الصين معسكرات إعادة التعليم (re-education) بموجب المواد (17، 18) من لائحة إزالة التطرف، يحتجز فيها مسلمو الإيجور بشكل تعسفى قسري، دون توجيه تهم رسمية ودون منحهم حق المحاكمة العادلة أو التمثيل القانوني، يُعرض المحتجزون فيها إلى سوء المعاملة والتعذيب والتلقين السياسى القسري، كما يخضعون لجلسات حول القانون الصيني، والوحدة العرقية والوطنية، نزع التطرف، الثقافة الصينية. ويُشار إلى أن هذا التدريب يستمر من ثلاثة أشهر إلى عامين.
ويجدر الإشارة إلى أن من يحتجز فى تلك المرافق ليخضع لهذا التدريب هو من يثبت للسلطات أنه ذو فكر متطرف أو قام بأعمال عنيفة.
وأشارت تقارير إلى أنه لا توجد عائلة يوجور دون وجود فرد أو أكثر منها محتجز فى تلك المعسكرات وفى بعض الحالات تم احتجاز جميع البالغين من الأسرة بما تسبب فى معاملة أطفالهم كأيتام تضعهم الدولة فى مراكز رعاية للأطفال تديرها.
2- المراقبة والملاحقة الأمنية: بجانب برنامج الاعتقال الجماعي، أو ما تسميه الصين إعادة التعليم، وضعت السلطات الصينية فى شينجيانج نظام مراقبة شامل يرصد الحياة اليومية للإيجور؛ ما يقرأون، محتوى اتصالاتهم، الأشخاص الذين يتعاملون معهم.. الخ. كما يتم جمع الحمض النووى لهم وتثبيت نظام تتبع على جميع أجهزتهم ووسائل النقل (GPS) ومراقبة جميع اتصالاتهم عبر الهاتف وعبر الإنترنت. تستخدم هذه البيانات فى تحديد الأشخاص المعرضين للتطرف أو ذوى الفكر المتطرف بالفعل ليتم إرسالهم إلى برنامج إعادة التعليم.
بجانب ما سبق توجد دوريات شرطة مستمرة ونقاط تفتيش عديدة فى شينجيانج بما دفع البعض للقول إنها من أكثر الأماكن التى تخضع لحراسة مشددة على الأرض. هذه المراقبة واسعة الانتشار تمثل قيدًا على ممارسة الحقوق والحريات الأساسية للسكان المحليين وتُعد بمثابة اضطهاد واسع النطاق، ممنهج لأقلية على أساس دينى وثقافى.
3- استغلال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؛ بجانب الاعتماد على الأجهزة الأمنية، تسخر الصين قدراتها التكنولوجية المتطورة وتطبيقات الذكاء الاصطناعى لجمع بيانات ضخمة (big data) عن كل مواطنى الإيجور بواسطة تقنية المراقبة الجماعية التى من خلالها يتم التوصل إلى أسماء عشرات الآلاف من الأشخاص للتحقيق أو الاحتجاز فى أسبوع واحد فقط حسبما جاء فى الوثائق الحكومة الصينية المعتمدة لحبس الأقليات العرقية.
4- لوائح إزالة التطرف: وضعت السلطات قيودا إضافية على الممارسات الدينية فى منطقة شينجيانج، جاءت فى لائحة إزالة التطرف التى أُصدرت فى مارس 2017 والتى تهدف إلى احتواء التطرف والقضاء عليه وحظر مجموعة من السلوكيات «المتطرفة» - وفق نص المادة (1) من اللائحة - وفصلت المادة (9) الأفعال المتطرفة والتى تتمثل فى: الدعوة أو نشر التفكير المتطرف، التدخل فى حرية الآخرين فى الدين من خلال إجبار الآخرين على المشاركة فى الأنشطة الدينية، التدخل فى الأنشطة الثقافية والترفيهية العادية، ورفض أو رفض السلع والخدمات العامة مثل الإذاعة والتليفزيون، تعميم مفهوم الحلال وجعل الحلال يتوسع فى مناطق أخرى، واستخدام فكرة «التحريم» لرفض أو التدخل فى حياة الآخرين العلمانية، ارتداء أو إجبار الآخرين على ارتداء النقاب أو أى لبس يمثل رمزًا للتطرف، نشر التعصب الدينى من خلال إطلاق اللحى، عدم القيام بالإجراءات القانونية فى الزواج أو الطلاق، عدم السماح للأطفال بتلقى التعليم العام، تخويف أو حث الآخرين على مقاطعة السياسات الوطنية، الإتلاف المتعمد لوثائق الدولة مثل بطاقة الهوية ودفتر تسجيل الأسر أو تشوية العملة، إتلاف الممتلكات العامة أو الخاصة، طباعة أو نشر أو بيع أى محتوى متطرف، التدخل المتعمد فى تنفيذ سياسات الأسرة، الخطاب المتطرف أو أعمال التطرف الأخرى. ونصت المادة (6) على إنشاء مجموعات إزالة التطرف لتنفيذ أحكام هذه اللائحة فى منطقة شينجيانج.
وعلى المستوى الوطنى وضعت الصين لوائح اجتماعية ودينية بموجب تعديلات على القانون الجنائى وقانون الأمن القومى لعام 2015، وقانون مكافحة الإرهاب لعام 2016، وقانون الأمن السيبرانى لعام 2017، ولوائح الشئون الدينية لعام 2018، هذه التعديلات جاءت فضفاضة حيث وضعت تعريفات غير دقيقة، واسعة النطاق على جرائم الأمن القومى المتعلقة بالإرهاب والتطرف والتى مكنت من الملاحقة القضائية التعسفية والتمييزية لأقلية الإيجور.
5- حملة «حرب الشعب على الإرهاب»: أطلق الرئيس الصينى سى جين بينج هذه الحملة فى عام 2014 عقب وقوع انفجار فى أورومتشى خلال زيارته الرسمية، حيث أعلنت السلطات أن مسلحين من الإيجور هم المسئولون عن الانفجار. وأشار بيج إلى ضرورة القضاء على الأنشطة الإرهابية العنيفة، وتحولت هذه الحملة من الحرب على الإرهاب إلى حملة احتجاز جماعى غير مسبوقة فى شينجيانج.
6- حث دول آسيا الوسطى على محاربة الإيجور: مكن النمو السريع فى العلاقات الاقتصادية ومشاريع البنية التحتية بين الصين ودول آسيا الوسطى، الأولى من حث الدول على محاربتهم، فقامت قيرغيزستان بعدة محاولات للقضاء على الإيجور المتشددين، ورأت أوزباكستان أن الإيجور هم أعضاء فى المنظمة الإرهابية المعروفة باسم الحركة الإسلامية لأوزبكستان.
هذه السياسات التى انتهجتها الصين تصنف كجرائم ضد الإنسانية - والتى تتميز عن جرائم الحرب فى كونها يمكن أن تحدث فى حالة عدم وجود نزاع مسلح، أى فى أوقات السلم، كما تتميز عن الإبادة الجماعية فى أنها لا تتطلب أدلة على وجود «نية لتدمير مجموعة معينة كليًا أو جزئيًا، ولكن بدلًا من ذلك تتعلق بشن هجمات واسعة النطاق ممنهجة ضد أى سكان مدنيين - وفقًا للقانون الدولي. فيمثل برنامج الاعتقال واسع النطاق، والإساءات المنهجية التى يتعرض لها المحتجزون، وغياب المعلومات المتعلقة بمصير المحتجزين لدى الدولة فى شينجيانج أربعة من الجرائم ضد الإنسانية المحددة فى نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية وهى السجن وغيره من أشكال الحرمان الشديد من الحرية البدنية، التعذيب، والاختفاء القسرى للأشخاص، والاضطهاد لأسباب دينية - والذى يعرف بأنه الحرمان المتعمد والشديد من الحقوق الأساسية بما يتعارض مع القانون الدولى بسبب هوية جماعة.
الاستغلال الدولى للانتهاكات
أدت زيادة اهتمام وسائل الإعلام وتقارير المنظمات الدولية حول تفاقم القمع فى شينجيانج إلى قلق دولى بشأن الإيجور فى الصين، فقامت عديد من الدول بشجب واستنكار سياسات الصين تجاههم، ولكن اختلفت أهداف الدول وراء هذا الشجب، فالبعض أعرب عنه دعمًا وتعاطفًا مع الإيجور والبعض الآخر يستغل هذه القضية كسلاح ضد الصين وبخاصة الولايات المتحدة والقوى والأجهزة الدولية الداعمة لها التى تستغل تلك القضية فى حربهم مع الصين، وكذلك تركيا التى تهدف إلى ابتزاز الصين كى تقوى علاقتها الاقتصادية بها تفاديًا للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة.
ففى أغسطس 2018 أعلنت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز العنصرى منطقة شينجيانج منطقة خالية من الحقوق حيث يُعامل الإيجور كأعداء للدولة بناءً على هويتهم العرقية والدينية. وفى أكتوبر 2018 أصدر البرلمان الأوروبى بيانًا وصف فيه الوضع بأنه أكبر سجن جماعى لأقلية عرقية فى العالم، وحث الحكومة الصينية لإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان.
وخلال المراجعة الدورية الشاملة الثالثة للصين فى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فى 6 نوفمبر 2018، أصدرت عدة دول توصيات محددة لاتخاذ إجراءات علاجية، بما فى ذلك إلغاء برنامج الاحتجاز التعسفى والتعاون مع هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة وإتاحة الوصول إليها.
وفيما يتعلق بالولايات المتحدة - فى سياق تصعيد الحرب التجارية مع الصين- ففى 17 يناير 2019 مرر مجلس الشيوخ الأمريكى مشروع قانون بمقتضى قانون غنيتسكى العالمى الذى يدعو إلى فرض عقوبات مالية وعقوبات على السفر ضد المسئولين الصينيين الذين يشرفون على برنامج الاحتجاز.
وفى 4 ديسمبر 2019 وافق مجلس النواب الأمريكى على مشروع قانون - طرحه الرئيس دونالد ترامب - يدين الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان فى الصين المرتبطة بإساءة معاملة الإيجور، ويهدف إلى زيادة الضغط على الصين بسبب سياساتها ضد الإيجور. يأتى هذا رغم تحديد الولايات المتحدة الأمريكية منظمة تحرير الإيجورستان ومنظمة تحرير شينجيانج ومنظمة تحرير الإيجور وشباب تركسات الشرقية وحركة تركستان الحربة منظمات إرهابية عام 2002 ردًا على الهجوم المخطط الذى تعرضت له السفارة الأمريكية فى قيرغيزستان المجاورة.
أما تركيا فموقفها يتراوح ما بين التصعيد والمهادنة وفق ما تقضى مصلحتها، وحسب طبيعة علاقاتها بالصين المتغيرة نسبيًا من فترة لأخرى. فقد انتقدت تركيا سياسات الصين تجاه الإيجور ووصفتها بأنها إبادة جماعية، وأدانت فى عدة بيانات لها «التعذيب وغسل العقول السياسى فى معسكرات الاعتقال» فى شينجيانج، ودعت السلطات الصينية إلى إغلاق معسكرات الاعتقال، ووصفت أنقرة تلك السياسات بأنها «عار كبير للبشرية»، واستمر هذا الخطاب حتى 25 فبراير 2019 حين أثار وزير الخارجية التركى لاحقًا مخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان فى شينجيانج فى بيان أمام الدورة العادية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مع الإشارة إلى ضرورة التمييز بين «الإرهابيين والأبرياء». ولكن تحول هذا التصعيد إلى المهادنة فى الآونة الأخيرة حين قال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إن الإيجور يعيشون حياة سعيدة فى الصين خلال زيارة رسمية للبلاد فى يوليو 2019، وأكد أن البعض يسعون إلى إساءة استخدام أزمة شينجيانج لتهديد العلاقات الاقتصادية بين تركيا والصين. وقد أتى هذا التراجع عقب تفاقم الضغط الأمريكى على تركيا وفرض عقوبات اقتصادية عليها بسبب تمسكها بصفقة أسلحة إس 400 الروسية، التى تسببت فى أزمة اقتصادية وانهيار العملة التركية وسواد حالة من الركود خفف من حدته حصول تركيا على مساعدات اقتصادية من الصين. يُضاف لذلك أن تركيا تسعى إلى الاستفادة من مبادرة الطريق والحزام التى أطلقها الرئيس الصينى شى جين بينج وهو ما دفعها للتراجع عن مناصرة الإيجور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.