يحتفل الشارع المصرى فى السادس من أكتوبر بذكرى النصر العظيم الذى قهر أسطورة خط بارليف المنيع والجيش الذى لا يقهر، ففى سيمفونية السادس من أكتوبر البديعة عزف الجندى المصرى لحن الشجاعة والفداء، ليعلن للعالم أنه قادر على استرداد كل شبر فى أرضه، وإن كلفه الأمر دمائه وروحه، وفى هذه الذكرى الوطنية يحتفل عدد من متاحف وزارة الآثار بالنصر المجيد، ففى شارع المعز ينظم متحف النسيج المصرى ندوة تحت عنوان «نسور أكتوبر» يلقيها اللواء طيار عبدالمنعم همام زميل أكاديمية الحرب العليا، وأحد نسور القوات الجوية المصرية فى حرب أكتوبر، وتدور الندوة حول إبراز بطولات وإنجازات القوات الجوية فى حسم أعظم الحروب المصرية فى العصر الحديث. وأوضح الدكتور أشرف أبواليزيد، مدير عام متحف النسيج، أن المتحف سيقوم بتنظيم ورش فنية وتعليمية للأطفال على هامش احتفالات أكتوبر تتضمن التعبير عن نصر أكتوبر بالرسم على النسيج مع تخصيص جولات خاصة بالمتحف لشرح تاريخ العسكرية المصرية من خلال قطع المنسوجات المعروضة، ويضم المتحف بين قاعاته 250 قطعة نسيج أثرية ابتداء من العصر الفرعونى وحتى عصر الدولة الحديثة. وتأتى هذه الورش فى إطار حرص وأهمية إعداد وإقامة ورش تعليمية وفنية للأطفال لتنمية المهارات واكتساب الخبرة والمعرفة لدى الأجيال القادمة وترسيخ الهوية المصرية فى نفوسهم وحب الوطن بتعريفهم على تاريخ وحضارة بلادهم وقصص وبطولات حرب أكتوبر العظيمة، يضم المتحف مجموعة من المقتنيات المتعلقة بصناعة النسيج ابتداء من العصر الفرعونى مرورا بالعصور الرومانية اليونانية والقبطية، والإسلامية وحتى العصر الحديث وأسرة محمد على باشا. وقال خبير الآثار على أبودشيش: خاض الجيش المصرى على مر العصور العديد والعديد من الحروب منها ما يتمثل فى الدفاع عن بلاده وأرضه ومنها ما يتمثل فى الحملات العسكرية لتأديب بعض القبائل من مثيرى الشغب ومنها من دافع فيها عن الوادى وما وراءه، ومنها مع الهكسوس ومنها من كانت لصد الهجمات العارمة من قبل الشعوب التى جاءت كريح عاصفة تهب من كل حدب وصوب فكان الجندى المصرى القديم يقدم الغالى والنفيس من أجل الدفاع عن أرضه التى وهبها الله له. وأضاف أبودشيش: ومن خلال الصور الحية المسطرة على صفحات الأحجار توصل العلماء إلى قصص مجد وبطولات الجيش المصرى القديم وخاصة فى العصر الفرعونى فأثبتت النقوش الموجودة على الأحجار أن الجيش المصرى على مر العصور يقدم الغالى والنفيس فى سبيل المحافظة على هذه الأرض التى يعيش عليها فمنذ أكثر من قرن مضى كان ماضى مصر كتابا مغلقا ولم يكن أحد يستطيع أن يفك سر الرموز الموجودة على الآثار والتماثيل المصرية ولكن الآن بعد فك شفرة اللغة المصرية القديمة أصبح تاريخ مصر وخاصة الجيش كتابا مفتوحا أمام الجميع ليتبين للعالم أجمع تاريخه العظيم وضرب أقوى الأمثلة فى الحرب والسلام الذى كانت مصر تنفرد به قديما وليست حديثا فقط ومنذ قديم الأزل كان المقاتل المصرى القديم يدافع بكل ما يملك عن وطنه وسلامة أراضيه فلا يخلو شعب من جيش ولا يخلو جيش من شعب. إن الجندى المصرى فى مصر القديمة سجل لنا انتصاراته على جدران المعابد والمقابر حيث نراه واقفا شامخا بيده السلاح مستعدا للحرب والدفاع عن بلده واقفا إما بالرماح أو السيوف أو الدروع أو الأقواس أو السهام يرتدى زى الحرب الذى كان شرفا يتمناه أى مصرى حين ذاك وحاليا ويحمى رأسه بخوذة القتال، مشيرا إلى أنه كان جسورا فى حومة الوغى، شجاعا لا يهاب الموت، محاربا لا يخاف المنايا، إذا أقبل بث الرعب فى قلب العدو. وأوضح الخبير الأثرى: ضرب لنا الجيش الفرعونى أروع الأمثلة فى الانتصارات والحفاظ على شعبه وسلامة أراضيه وإذا جاء وقت السلم عاش الناس آمنين، ورابطت القوات فى معسكراتها واستقر الأسطول فى موانيه ومن القوات من كان حرسا للملك ومنها من صاحب البعوث إلى البلاد الأجنبية، وإلى المحاجر والمناجم وقد تعسكرت القوات فى حصونها وقلاعها التى كانت كذلك مراكز للعبادة ونبراسا للفكر وإشعاعا لثقافة مصر وحضارته، وفى عهد الملك رمسيس الثانى الذى حارب الحيثيين فى معركة قادش متبركا بالإله منتو، وهو إله الحرب لديهم كى يساعده ويخترق الحصار، ثم يلقى بهم فى النهر حتى إذا جاءوا إليه وطلبوا السلم يستجيب لهم ليضرب أعظم الأمثلة فى السلم وتعتبر هذه من أوائل معاهدات التاريخ فى العالم أجمع هى معاهدة السلام مع الحيثيين، فكان الملك رمسيس الثانى رجلا للحرب للدفاع عن أراضيه وللسلام أيضا كما وثق ذلك فى الكتابات المصرية القديمة، وأما فى عهد الملك رمسيس الثالث فانتصر على شعوب البحر الأبيض المتوسط وحصرهم بين جيشه الممتلئ بالسهام على الشاطئ وأسطوله الذى يلتف من خلف أسطول العدو فيقلب سفنهم رأسا على عقب. وأشار أبودشيش إلى أنه من النماذج المشرفة فى تاريخ الجيش المصرى أيضا الملك المحارب سقنن رع الذى قاد حرب التحرير وكامس وأحمس خلفا له الذين حرروا البلاد من (حقا خاسوت) حكام البلاد الأجنبية المعروفين باسم الهكسوس وقادوا حرب التحرير لتحرير البلاد من الأعداء الأجانب. واختتم أبودشيش قائلًا: وفى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات تم طرد إسرائيل من أرض مصر، وكأن التاريخ يعيد نفسه حين طرد الفرعون مرنبتاح إسرائيل من مصر قديما، وسجل ذلك فى لوحه الانتصارات فى معبد بطيبة، وأما عن السلم فقد أضرم الملك رمسيس الثانى معاهدة مع الحيثيين وتعتبر من أوائل المعاهدات فى العالم القديم وعلى هذا النحو فى العهد الحديث تم عمل معاهدة سلام مع إسرائيل وهى كامب ديفيد لنقول للعالم أجمع: إننا منذ قديم الأزل لن نعتدى إلا إذا ما اعتدى علينا.