قال الباحث الأثري، علي أبود شيش، خبير الآثار المصرية، إنه من خلال الصور الحية المسطرة على صفحات الأحجار توصلنا إلى قصص مجد وبطولات الجيش المصري القديم وخاصة في العصر الفرعوني، فأثبتت تلك الأحجار المرسومة والمكتوبة، أن الجيش المصري على مر العصور قدم الغالي والنفيس في سبيل المحافظة على هذه الأرض التي نعيش عليها منذ قرون مضت. وتابع قائلًا "كان ماضي مصر كتابًا مغلقًا ولم يكن أحد يستطيع أن يفك سر الرموز الموجودة على الآثار والتماثيل المصرية، ولكن الآن بعد فك شفرة اللغة المصرية القديمة، أصبح تاريخ مصر وخاصة جيشها كتاب مفتوح أمام الجميع، ليتبين للعالم أجمع تاريخنا العظيم". وأضاف "ضرب المصري القديم أقوي الأمثلة في الحرب والسلام، حيث انفردت مصر به قديمًا وحديثًا، ومنذ القدم كان المقاتل المصري يدافع بكل ما يملك عن وطنه وسلامة أراضية فلا يخلو شعب من جيش ولا يخلو جيش من شعب". جسور في حومة الوغى شجاع لا يهاب الموت محارب لا يخاف المنايا إذا اقبل بث الرعب في قلب العدو ذلك هو الجندي المصري في مصر القديمة الذي سجل لنا انتصارته على جدران المعابد والمقابر حيث نراه واقف شامخًا بيده السلاح مستعدًا للحرب وللدفاع عن بلده واقفًا إما بالرماح أو السيوف أو الدروع أو الأقواس أو السهام يرتدي زي الحرب الذي كان شرفا يتمناه أي مصري حين ذاك وحاليًا ويحمي رأسه بخوذه القتال. وأوضح "أبو دشيش" أن الجيش المصري خاض على مر العصور العديد من الحروب منها ما يتمثل في الدفاع عن بلاده وأرضه ومنها ما يتمثل في الحملات العسكرية لتأديب بعض القبائل من مثيري الشغب، ومنها ما دافع فيها عن الوادي وما وراءه ومنها ما كانت لصد الهجمات العارمة من قبل الشعوب التي جاءت كريح عاصفة تهب من كل حدب وصوب فكان الجندي المصري القديم يقدم الغالي والنفيس من اجل الدفاع عن أرضة التي وهبها الله له. وفي عهد الملك رمسيس الثاني الذي حارب الحيثيين في معركة قادش متبركًا بالإله منتو وهو إله الحرب لديهم كي يساعده ويخترق الحصار ثم يلقي بهم في النهر حتى إذا جاءوا إليه وطلبوا السلم يستجيب لهم ليضرب أعظم الأمثلة في السلم. وتعتبر هذه من أوائل معاهدات التاريخ في العالم أجمع هي معاهدة السلام مع الحيثيين فكان الملك رمسيس الثاني رجلا للحرب للدفاع عن أراضية وللسلام أيضا كما وثق ذلك في الكتابات المصرية القديمة. وفي عهد الملك رمسيس الثالث انتصر على شعوب البحر الأبيض المتوسط وحصرهم بين جيشه الممتلئ بالسهام على الشاطئ وأسطوله الذي يلتف من خلف أسطول العدو فيقلب سفنهم رأسا على عقب. ومن النماذج المشرفة في تاريخ الجيش المصري أيضا الملك المحارب، وسقنن رع الذي قاد حرب التحير، وكامس وأحمس خلفا له اللذين حرروا البلاد من (حقا خاسوت) الهكسوس وقادوا حرب التحرير لتحرير البلاد من الأعداء الأجانب. وها هو تحتمس الثالث يتحدث مع ضباطه عن مواقع العدو ويسأل عن اى الطرق يسير ويسير في أصعب الطرق ويتقدم الجيش المصري ويهزم الميتانيون. الحرب والسلام قديما وحديثا وأورد "أبو دشيش" أنه تزامن مع انتصارات أكتوبر المجيدة التي تهل علينا بعد أيام قليلة في العاشر من رمضان. ففي عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات تم طرد إسرائيل من أرض مصر وكأن التاريخ يعيد نفسه حين طرد الفرعون مرنبتاح إسرائيل من مصر قديما وسجل ذلك في لوحه الانتصارات في معبد بطيبة. وأما عن السلم فقد أضرم الملك رمسيس الثاني معاهده مع الحيثيين وتعبر من أوائل المعاهدات في العالم القديم. وعلى هذا النحو في العهد الحديث تم عمل معاهده سلام مع إسرائيل وهى كامب ديفيد لنقول للعالم أجمع إننا منذ قديم الأزل لن نعتدي إلا إذا ما اعتدى علينا.